شدّد وزير الخارجية عادل بن أحمد الجبير على عمق العلاقات السعودية البريطانية، واحتفاظها ببعدٍ تاريخي لايزال يعيش نمواً وتطوراً في شتى المجالات وعلى جميع الأصعدة، مشيراً إلى التعليقات والتصريحات التي تناقلتها وسائل الإعلام لوزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، خلال مشاركته في مؤتمر بإيطاليا، المتضمنة إساءة للمملكة، مؤكداً أن تلك التصريحات والتعليقات فُهِمَت بطريقة خاطئة وأُخذت إلى مسار مغاير للسياق الذي قيلت فيه، مقللاً من تأثيرها على العلاقة العريقة والقوية بين البلدين. جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مع نظيره البريطاني أمس في مقر وزارة الخارجية بالرياض، مبيناً أن الاجتماعات بينه وبين جونسون تناولت عديداً من المواضيع المهمة على الساحتين الدولية والإقليمية، وفيما يعزز العلاقة بين البلدين. وحول اللقاءات التي جمعت بين الجبير وجونسون في إطار الزيارة الرسمية التي يقوم بها الأخير حالياً للمملكة، قال الجبير: «بحثنا الأوضاع الإقليمية ذات العلاقة بعملية السلام، وأهمية الوصول إلى حل شامل وعادل لإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال مبادرة السلام العربية، وتحدثنا عن الأوضاع في لبنان، وأملنا في تشكيل الأشقاء في لبنان حكومة تضمن الاستقرار السياسي في البلاد». وأوضح أن الاجتماعات تناولت الأوضاع في سوريا، وبحث أفضل السبل للوصول إلى حل سلمي هناك، مبني على قرار مجلس الأمن الدولي 2254، فيما تطابق موقفا المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة حول ما يحدث في العراق، وأهمية إدخال إصلاحات جرى الاتفاق عليها في عام 2014م، لإعطاء كل الطوائف العراقية حقوقها، وهو الأمر الذي يضمن وحدة العراق ووحدة أراضيه وشعبه. وعن الأوضاع في اليمن، لفت الانتباه إلى اتفاق المملكة وبريطانيا على أهمية دعم جهود المبعوث الأممي هنا، بما يمكّن من الوصول إلى حل سلمي في اليمن الشقيق، متطلعين إلى تحقيق تقدم في هذا المجال. وفيما يتعلق بالشأن الليبي، قال وزير الخارجية: «نحن وبريطانيا متفقون على أهمية تطبيق اتفاقية الصخيرات، إلى جانب بذل الجهود لتقريب المواقف بين الفئات الليبية المختلفة، في سبيل الوصول إلى حكومة تمثل الجميع في ليبيا، تستطيع من خلالها أن تبني قدراتها الأمنية لتحافظ على أمنها واستقرارها. وأبان أنه بحث مع الوزير البريطاني سبل تعزيز التعاون القائم بين البلدين في مواجهة الإرهاب ومحاربة التطرف، مؤكداً أن المباحثات في ذلك الإطار اشتملت على التدخلات الإيرانية في شؤون دول المنطقة، وهو الأمر المرفوض من جميع دول المنطقة. ونوه بالعلاقات الجيدة بين البلدين، التي جرى التباحث بشأنها، واصفاً إياها بالعلاقات التاريخية والاستراتيجية والعميقة، مؤكداً أن المكتسبات التي حظي بها البلدان من هذه العلاقات المتميزة والمتينة، محل تقدير الجانبين، حيث يسعى الجميع لتطويرها وتعزيزها في المجالات كافة. من جهته أكد وزير الخارجية البريطاني، أهمية زيارته للمملكة التي استفاد منها كثيراً، للوقوف عن كثب على التميز الذي تحظى به العلاقة بين البلدين والتطور الذي تعيشه هذه العلاقة على جميع الأصعدة. وأشار إلى الأحداث الإرهابية العديدة التي تعيشها المنطقة، على غرار ما حدث في القاهرة وإسطنبول، مؤكداً أن ذلك يعزز ويشدد على أهمية التعاون بين الدول، والعمل معاً لبناء صداقة وشراكة، وكذلك العلاقات الأمنية بين البلدين، لافتاً الانتباه إلى أنها علاقة صداقة تعود إلى ما يقارب قرناً، اشتملت على اتفاقيات مشتركة، جرى الحديث عنها في الاجتماعات التي جمعته بوزير الخارجية، وتطرقا فيها إلى الروابط التاريخية بين البلدين، منوهاً باستقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود- حفظه الله-، ومشدداً على عظيم تقديره لمثل هذه العلاقات، التي ذكر جوانب كثيرة ومتميزة منها مع الملك المفدى- رعاه الله- له منذ اجتماع قام بين الملك المؤسس الملك عبدالعزيز ورئيس الوزراء البريطاني آنذاك تشرتشل. وأكد أن العلاقات بين البلدين تحظى بذات المستوى من التعاون، بل وتشهد تطوراً كبيراً في مختلف المجالات، مبيناً أن الاجتماعات بينه ووزير الخارجية، تناولت رؤية المملكة العربية السعودية 2030 الطموحة، وقدرتها على إحداث إصلاحات كبيرة داخلياً على المستوى الاقتصادي تحديداً، مشدداً على استعداد المملكة المتحدة لمساندة المملكة العربية السعودية لتحقيق هذه الرؤية. ولفت الانتباه إلى أن علاقات البلدين ليست علاقات قائمة على مصالح تجارية وأمنية فحسب، وإنما هي علاقات متينة بين شعبي البلدين، منوهاً بعدد الزائرين من السياح والطلاب السعوديين المرحب بهم دائماً في جميع أنحاء المملكة المتحدة، مبيناً أن الطلاب الدارسين في الجامعات والمعاهد البريطانية يضيفون إلى المنظومة التعليمية في المملكة المتحدة، كذلك هو حال البريطانيين المسلمين الذين يزورون المملكة العربية السعودية سنوياً لأداء مناسك الحج والعمرة، ونسعى لتوفير كل ما من شأنه راحتهم والتيسير عليهم، ومثلهم أولئك الذين يزورون المملكة للعمل أو السياحة. وقال جونسون: «هناك تقارب كبير في مواقف البلدين تجاه التهديد الإيراني، خصوصاً في سوريا واليمن»، وأضاف: «ما ذكرته هو متطابق لما ذكره الوزير الجبير، فيما يتعلق بالمآسي التي نراها في حلب بسوريا، وأعتقد أن هذا النقاش يؤكد على ما قلناه دائماً بأنه لا يوجد هناك حل عسكري لهذه المشكلة، بل لابد أن يكون هناك حل سياسي»، مشيراً إلى أنهما قاما بمباحثات حول هذه الأمور جميعاً وكيفية العمل معاً لمكافحة الإرهاب والأيدلوجيات السامة التي تبثها داعش وتضر بالإسلام. وفيما يتعلق باليمن، قال وزير الخارجية البريطاني: «إن المملكة المتحدة تدعم التحالف وسعيه لاستعادة الحكومة الشرعية سيطرتها على جميع أرجاء البلاد، وكذلك الاستمرار في الحوار مشيراً إلى أن هناك حوارات ومباحثات مفصلة جداً حول عمليات التحالف»، وقلقاً كبيراً حول معاناة الشعب اليمني، منوهاً بالتزامات المجتمع الدولي حيال وجوب العمل وبذل الجهود لتخفيف هذه المعاناة، لافتاً الانتباه إلى التهديد الكبير الذي تتعرض له المملكة العربية السعودية بسبب وجود هذا النزاع على حدودها، فالمدارس التي تعرضت للقصف داخل الحدود السعودية وما نتج عنه من قتل للطلاب وكذلك المملكة العربية السعودية تتعرض لخطر الصواريخ الباليستية التي توجه إلى أراضيها. وأكد وزير الخارجية البريطاني أن بلاده لا تقبل هذا التهديد الذي يطال المملكة العربية السعودية، ولا يمكن أن تسمح به، لذا يجب علينا في البلدين التعاون والحرص على استتباب الاستقرار والأمن لكامل المنطقة.