نزل عشرات الآف من الكوريين الجنوبيين إلى الشوارع أمس للاحتفال بإقالة رئيستهم، لكن القلق من مرحلة اضطراب سياسي يحد من شعورهم بالفرح. وللأسبوع السابع على التوالي تجمَّع المتظاهرون في العاصمة في أجواء احتفالية غداة تصويت النواب الكوريين الجنوبيين على إقالة الرئيسة بارك المتورطة في فضيحة فساد واسعة. وتحرم إجراءات إقالة الرئيسة من صلاحياتها التنفيذية حتى تبت المحكمة الدستورية في العملية. ويريد المتظاهرون إبقاء الضغط حتى تقر المحكمة هذا الإجراء. وردد الحشد الذي تجمَّع في جادة غوانغوامون «ما زلنا جائعين!». وغنى المتظاهرون «لن يكون عيد ميلاد سعيداً قبل رحيلها». وقدر المنظمون عدد المتظاهرين بنحو مائتي ألف شخص، وهم بذلك أقل عدداً من الأسابيع الماضية عندما تجاوز عددهم المليون. وكانت بارك قدمت بعد إعلان إقالتها، اعتذارها بسبب «الفوضى» السياسية، داعية الحكومة إلى التزام اليقظة في مجالي الاقتصاد والأمن القومي. وقالت في خطاب بثه التليفزيون بُعيد موافقة الجمعية الوطنية على إقالتها «أقدم اعتذاري لكل الكوريين الجنوبيين عن كل هذه الفوضى التي سببتها بإهمالي بينما تواجه بلادنا صعوبات كبيرة من الاقتصاد إلى الدفاع الوطني». وتنتقل صلاحيات الرئيسة إلى رئيس الوزراء، لكنها تحتفظ بلقبها إلى أن توافق المحكمة الدستورية على الإقالة أو ترفضها. وهذه العملية التي يمكن أن تستمر ستة أشهر يتخللها غموض وشلل سياسي، فيما تواجه البلاد تباطؤاً في النمو الاقتصادي والتهديدات المستمرة من جارها الكوري الشمالي. وما زالت الرئيسة بارك تتمتع بدعم عدد كبير من أنصارها، بينهم عدد كبير من المسنين الذين ما زالوا معجبين بوالدها الديكتاتور الراحل بارك شونغ-سي. وقبل تظاهرة المحتجين صباح أمس، قام حوالي 15 ألف شخص بمسيرة تعبيراً عن تأييدهم لبارك في سيول، وهم يرفعون صورة عملاقة لوالدها. وكتب على لافتات رفعها المتظاهرون الذين كانوا يلوحون بأعلام كوريا الجنوبية «الرئيسة بارك لا تبكي» و»ألغُوا الإقالة». وانتقلت صلاحيات الرئيسة إلى رئيس الوزراء هوانغ كيو-آن المدعي السابق الذي لم يُنتخب في أي منصب من قبل. وأصبح فجأة على رأس رابع اقتصاد في آسيا وقائداً أعلى للقوات المسلحة الكورية الجنوبية. وخلال اجتماع أمس، سعت الحكومة إلى طمأنة الكوريين الجنوبيين. وقالت الحكومة إنها تتخذ كل الإجراءات اللازمة لتجنب فراغ في السلطة وطمأنة السكان، مؤكدة أنها طلبت من العسكريين التزام أقصى درجات الحذر في مواجهة أي محاولة من كوريا الشمالية لاستغلال الوضع. وكان رئيس الجمعية الوطنية شونغ سي-كيون، أعلن الجمعة أن «المذكرة لإقالة الرئيسة بارك أقرت». وأضاف «سواء كنتم مؤيدين أو معارضين، حيال هذا الوضع الخطير، يشعر كل النواب والشعب الكوري الجنوبي بالحزن. وآمل ألّا تتكرر هذه المأساة أبداً في تاريخنا الدستوري». ويعني هذا التصويت تلاشي حظوة رئيسة سميت «ملكة الانتخابات». وقد دخلت بارك البيت الأزرق، مقر الرئاسة الكورية الجنوبية، مؤكدة أنها لا تدين لأحد بشيء وأنها «تزوجت الأمة». وتتمحور الفضيحة التي أذهلت بلدان العالم، حول شوي سو-سيل، الصديقة المقربة من الرئيسة. وتنتظر هذه الصديقة التي أوقفت في بداية نوفمبر محاكمتها بتهمة الابتزاز واستغلال السلطة. وتوجَّه إلى شوي سو-سيل تهمة استغلال علاقات الصداقة مع الرئيسة لحمل المجموعات الصناعية على دفع حوالي 70 مليون دولار إلى مؤسسات مشكوك فيها، وبأنها استخدمت هذه المجموعات لغايات شخصية. كما تحوم شبهات حول تدخلها في شؤون الدولة. ومنذ أول انتخابات حرة في 1987، اضطر جميع الرؤساء إلى الرد بعد انتهاء ولاياتهم على اتهامات بالفساد غالباً ما شملت تصرُّف مقربين منهم.