تظاهر عشرات الآلاف من الكوريين الجنوبيين أمس، احتفالاً بعزل الرئيسة بارك غيون هي، فيما شددت واشنطن على أنها ستبقى حليفاً قوياً لسيول. وللأسبوع السابع على التوالي، تجمّع المتظاهرون في العاصمة في أجواء احتفالية، غداة تصويت البرلمان على إقالة بارك (64 سنة) التي تراجعت شعبيتها الى مستوى قياسي بلغ 4 في المئة. والرئيسة مُتهمة بالتواطؤ مع صديقتها تشوي سو سيل التي أوقفت الشهر الماضي، لمحاكمتها بتهمة التدخل في شؤون الدولة واستغلال علاقتها ببارك لابتزاز شركات ضخمة، بنحو 70 مليون دولار، علماً أن وسائل إعلام أطلقت عليها تسمية «راسبوتين». وانتقلت صلاحيات الرئيسة الى رئيس الوزراء هوانغ كيو آن، وهو مدعٍّ سابق لم يُنتخب الى أي منصب. لكنها تحتفظ بلقبها الى أن توافق المحكمة الدستورية على الإقالة أو ترفضها، في عملية قد تستغرق شهوراً، يتخلّلها غموض وشلل سياسي، فيما تواجه البلاد تباطؤاً في النمو الاقتصادي وتهديدات مستمرة من كوريا الشمالية. متظاهرون «جائعون» ويريد المتظاهرون الذين قدّر المنظمون عددهم بحوالى مئتي ألف شخص، إبقاء الضغط الى أن تقرّ المحكمة هذا الإجراء. وردّد الحشد: «ما زلنا جائعين» و»لن يكون عيد ميلاد سعيداً قبل رحيلها». وقال متظاهر: «تجاوزنا عقبة أولى، لكن التحديات التي تنتظرنا ستكون أكبر». وطمأنت الحكومة الكوريين الجنوبيين أمس، الى أنها «تتخذ كل الإجراءات اللازمة لتجنّب فراغ في السلطة»، مشيرة الى أنها طلبت من الجيش التزام أقصى درجات الحذر في مواجهة أي محاولة من بيونغيانغ لاستغلال الوضع. وكانت بارك قدمت بعد إعلان إقالتها، اعتذاراً عن «فوضى سبّبتها بسبب إهمالي، فيما تواجه بلادنا صعوبات كبرى، من الاقتصاد الى الدفاع الوطني». لكنها ما زالت تحظى بدعم عدد ضخم من أنصارها، بينهم عدد كبير من المسنّين الذين ما زالوا معجبين بوالدها الديكتاتور الراحل بارك شونغ سي. ونظم حوالى 15 ألف شخص مسيرة تأييد لها في سيول أمس، وهم يرفعون صورة عملاقة لوالدها. وكُتب على لافتات رفعها متظاهرون لوّحوا بأعلام كوريا الجنوبية، «الرئيسة بارك لا تبكي» و«ألغوا الإقالة». وكان رئيس البرلمان شونغ سي كيون، أعلن «إقرار مذكرة لإقالة الرئيسة بارك»، وزاد: «سواء كنتم مؤيدين أو معارضين، حيال هذا الوضع الخطر، يشعر جميع النواب والشعب الكوري الجنوبي بحزن، وآمل بألا تتكرر هذه المأساة في تاريخنا الدستوري». وتبدّدت حظوة رئيسة سُميت «ملكة الانتخابات»، علماً أنها دخلت مقرّ الرئاسة مؤكدةً أنها لا تدين لأحد بشيء، وأنها «تزوجت الأمّة». ومنذ أول انتخابات حرة عام 1987، اضطر جميع الرؤساء الى الردّ بعد انتهاء ولاياتهم، على اتهامات بالفساد غالباً ما طاولت مقرّبين منهم. الى ذلك، علّق ناطق باسم البيت الأبيض على عزل بارك، مؤكداً أن «الولاياتالمتحدة مستمرة في كونها حليفاً راسخاً وصديقاً وشريكاً لكوريا الجنوبية»، وتابع: «نتطلّع الى العمل في شكل وثيق مع هوانغ في مسؤولياته الجديدة قائماً بأعمال الرئيس». كوريا الشمالية في غضون ذلك، عقد مجلس الأمن جلسة ناقشت الوضع «المروّع» لحقوق الإنسان في كوريا الشمالية، على رغم معارضة الصين. وهذه المرة الثالثة التي تحاول فيها بكين منع التئام هذه الجلسة التي تُعقد سنوياً، منذ اتهمت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة عام 2014 بيونغيانغ بارتكاب فظاعات تُعتبر سابقة في العالم المعاصر، اذ أحصت بين 80 - 120 ألف معتقل في معسكرات، متحدثة عن دلائل حول حصول تعذيب وقتل. وصوّتت الصين وأنغولا ومصر وروسيا وفنزويلا لمصلحة اقتراح قدّمته بكين لإلغاء الجلسة، لكن تسع دول أخرى رفضته، بينها بريطانيا وفرنسا والولاياتالمتحدة، فيما امتنعت السنغال عن التصويت. واعتبر المندوب الصيني لدى الأممالمتحدة ليو جيوي، أن «مجلس الأمن ليس منتدى لمناقشة مشكلات حقوق الإنسان، ولا لمناقشة تسييس مشكلات حقوق الإنسان»، متحدثاً عن نقاش «مؤذٍ ولا فائدة ترجى منه».