أقرت الجمعية العمومية (البرلمان) في كوريا الجنوبية أمس، إقالة الرئيسة بارك غيون- هي وإخضاعها لمساءلة بسبب فضيحة فساد كبيرة دفعت ملايين الأشخاص إلى التظاهر لاسابيع، وعطلت عمل الحكومة. وأيدت قرار الإقالة غالبية من 234 نائباً في مقابل 56، فيما تجمع مئات من المتظاهرين أمام البرلمان مرددين «أقيلوا بارك». وهذه ثاني إقالة برلمانية خلال السنة الجارية تستهدف رئيسة منتخبة ديموقراطياً، إذ أقال البرلمان البرازيلي في أيلول (سبتمبر) الماضي، الرئيسة المنتخبة ديلما روسيف بعد اتهامها بالتلاعب في الموازنة العامة. وأكد رئيس الجمعية الوطنية شونغ سي كيون أن إقالة الرئيسة بارك أتت استناداً إلى مذكرة تتهمها ب «انتهاك الدستور وارتكاب جنح جزائية والفشل في حماية الشعب والفساد واستغلال السلطة». وارتبطت الاتهامات بتوقيف شوي سو سيل، الصديقة المقربة من الرئيسة، مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، بتهمة استغلال علاقة صداقة مع الرئيسة وحمل مجموعات صناعية على دفع نحو 70 مليون دولار إلى مؤسسات مشكوك فيها، واستخدمت هذه الأموال لاحقاً لدعم بارك. كما يشتبه في تدخل شوي في شؤون الدولة. وقال رئيس البرلمان: «سواء أيدتم أو عارضتهم هذا الوضع الخطر، يشعر كل النواب والشعب الكوري الجنوبي بالحزن. وآمل بألا تتكرر هذه المأساة أبداً في تاريخنا الدستوري». وأمكن إقرار المذكرة التي أيدها 171 نائباً مستقلاً ومعارضاً، بعد «موافقة» مجموعة متمردة في الحزب «ساينوري» (الحدود الجديدة) الحاكم على تبنيها، علماً أن جميع نواب المعارضة هددوا بالاستقالة في حال رفضها. ويعني التصويت تلاشي حظوة رئيسة سُميت «ملكة الانتخابات»، ودخلت البيت الأزرق، مقر الرئاسة الكورية الجنوبية، قبل 4 سنوات مؤكدة أنها لا تدين لأحد بشيء وأنها «تزوجت الأمة». واعتذرت بارك لمواطنيها «عن كل هذه الفوضى الوطنية التي سببتها بإهمالي، في وقت تواجه بلادنا صعوبات كبيرة بدءاً من الاقتصاد إلى الدفاع الوطني». ودعت الحكومة إلى التزام اليقظة في مجالي الاقتصاد والأمن القومي، علماً أن صلاحيات الرئيسة انتقلت إلى رئيس الوزراء، لكنها ستحتفظ بلقبها حتى توافق المحكمة الدستورية على الإقالة أو ترفضها، في عملية قد تستمر ستة أشهر. وتضم المحكمة الدستورية 9 قضاة عينتهم بارك أو فريقها، ما يجعلهم مؤيدين لها نظرياً، لكنهم سيتعرضون لضغوط قوية من الرأي العام للموافقة على إقالتها، تمهيداً لتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة. أما ملاحقة بارك، ابنة الديكتاتور بارك شونغ - هي الذي تولى السلطة بين عامي 1961 و1979، فأمر مستبعد بسبب هذه التجاوزات. وتلاحق الشبهات بالفساد منذ عقود الطبقة السياسية في كوريا الجنوبية، ما منع ظهور البيت الأزرق بمظهر مكان تسوده النزاهة، إذ اضطر جميع الرؤساء منذ أول انتخابات حرة عام 1987 إلى الرد بعد انتهاء ولاياتهم على اتهامات بالفساد، شملت غالباً تصرفات مقربين منهم.