86 عاماً تفصل بين أول زيارة ملكية سعودية للبحرين، وبين آخر زيارة. الأولى حدثت في ال 25 من شهر فبراير 1930م، والأخيرة في ال 7 من ديسمبر 2016. الأولى أنجزها المؤسس الملك عبدالعزيز واستقبله فيها الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، طيب الله ثراهما. والأخيرة أنجزها الملك سلمان، واستقبله فيها الملك حمد. *** وما بين الزيارتين تاريخٌ يعرفه السعوديون والبحرينيون جيداً، ويضعونه في سياق ما هو أعمق من علاقة الجوار الجغرافيّ والتقاطع التاريخي.. علاقة الأسرة الخليجية العربية.. علاقات القيادات، وعلاقات الشعوب، وعلاقات المصير المشترك الواحد. *** قبل 86 سنة زار الملك عبدالعزيز الشيخ عيسى بن علي الذي حكم البحرين بين عامي 1869 و1932م، في ظرفٍ تاريخيّ مصيريّ جداً، وأُحيطت الزيارة بصعوبات خارجية. لكن الملك عبدالعزيز أبى إلا أن يحسم أمره، ويزور الشيخ امتداداً لما يربط بين "آل سعود" و"آل خليفة" من قُربى عميقة. فقبل تلك الزيارة ب39 سنة؛ استضاف الشيخ عيسى والد الملك عبدالعزيز الإمام عبدالرحمن وعائلته ومن بينهم "عبدالعزيز"، بعد خروجهم من الرياض وقرارهم البقاء في الكويت. كانت البحرين محطة في الطريق، وكان بيت الشيخ عيسى مُضيفاً. *** وحين عاد الملك المؤسس إلى البحرين بعد ذلك التاريخ؛ عاد ملكاً، مفعماً بالمروءة والوفاء لكلّ من وقف معه ومع أسرته في وقت الشدة. عاد لتأكيد اللحمة السعودية الخليفية التي بدأت قبل ذلك التاريخ بأكثر من قرن.. فتاريخياً تعود العلاقات الرسمية بين السعودية والبحرين إلى الدولة السعودية الأولى (1745-1818) حيث بدأ التلاقي بين البلدين وتوطدت تلك العلاقة في الدولة السعودية الثانية (1840-1891) توجتها عديد من الزيارات في تلك الفترة بين المسؤولين في البلدين للتشاور والتعاون، ومن ضمنها زيارة الأمير سعود بن فيصل بن تركي – رحمه الله – عام 1870. وبعد ذلك بسبع سنوات زارها الأمير عبدالله بن فيصل في 1887. *** وفي الدولة السعودية الثالثة، المملكة العربية السعودية، وضع الملك عبدالعزيز بصمته الأولى في إعادة تأسيس العلاقة الأسرية بين الدولتين في 1930، ثم كرّر الزيارة، في 1939. وبعد ذلك زار البحرينَ الملكُ سعود بن عبدالعزيز – رحمه الله – عام 1954.. لتتوالى الزيارات المتبادلة بين زعماء الجارتين، دون توقف، تأكيداً لما تعنيه السعودية للبحرين، وما تعنيه البحرين للسعودية، أسوة بباقي الأسرة الخليجية الضاربة في عمق التاريخ. *** وعشية وقوف الملك سلمان والملك حمد، جنباً إلى جنب، في أداء العرضة؛ متلحّفاً كلٌّ منهما بعلم الدولة الأخرى؛ فإن هذه الوقفة ترمز إلى ما هو أبعد من علاقة الجوار ومباحثات السياسة ومتابعة الاقتصاد.. البُعد أعمق، وأبعد من الالتحام الجغرافي الذي حقّقه جسر الملك فهد منذ 31 سنة، وأشدّ أثراً من عشرات المليارات التي تستثمرها السعودية في البحرين، وأقرب رحماً من مئات الشركات السعودية العاملة في المنامة وشواطئ الأرخبيل العربي. *** العُمق عبَّرت عنه القلوب، قبل أن تعبِّر عنه الكلمات والعلاقات الدبلوماسية ووسائل النجاح الاقتصادي.