دشَّن خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، مشاريع التعدين في رأس الخير والبنية الأساسية التنموية، لدى زيارته أمس المدينة التابعة للمنطقة الشرقية. وعدَّ وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، المهندس خالد الفالح، ما تحقق في مدينة رأس الخير الصناعية مثالاً واضحاً على ما تستطيع الدولة إنجازه بتضافر جهود جميع الأجهزة الحكومية. وأعلن الفالح، في الوقت نفسه، تدشين القيادة انطلاقاتٍ واعدةٍ لقطاع الصناعات والخدمات البحرية في المدينة نفسها، إضافةً إلى قطاع التعدين العملاق، مبرِزاً الموافقة الملكية على تسمية مجمع «أرامكو» للصناعات البحرية ب «مجمع الملك سلمان للصناعات البحرية». وفور وصول خادم الحرمين إلى مقر حفل تدشين المشاريع في رأس الخير؛ كان في استقباله رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع، الأمير سعود بن عبدالله بن ثنيان، وأمير المنطقة الشرقية، صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، والمستشار في وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، الأمير فيصل بن تركي بن عبدالعزيز، ووزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، المهندس خالد الفالح، ووزير البيئة والمياه والزراعة، المهندس عبدالرحمن الفضلي، ووزير النقل، سليمان الحمدان، وعددٌ من المسؤولين. وبعد عزفِ السلام الملكي؛ بدأ الحفل الخطابي بتلاوة آياتٍ من القرآن الكريم. واعتبر وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية أن «ما نحتفي به اليوم ليس مجرد افتتاحٍ لمنظومة صناعة تعدينية متميزة، إنما هو تجسيدٌ حقيقي للسعي الحثيث والمدروس نحو تنويع مصادر الدخل والاقتصاد الوطني، عن طريق استثمار جميع الموارد المتاحة في البلاد، وفتح الأبواب للصناعات الاستراتيجية لتعمل وتزدهر، مع كل ما يعنيه هذا التنويع من تعزيزٍ للدخل واستقرارٍ للاقتصاد ودعمٍ للنمو». وأوضح الوزير في كلمةٍ خلال الحفل «لهذا؛ حرصنا في إطار توجيهاتكم السديدة أيدكم الله على أن تقوم هذه المشاريع على نفس الأسس الراسخة التي ساهمت في نجاح المبادرات الاستراتيجية السابقة لها». والأسس، وفقاً للكلمة، هي الاستثمار الواعي والمخطط له بإتقان لموارد البلاد وثروتها، والالتزام بأرفع وأفضل المقاييس العالمية في التخطيط والتنفيذ، والسعي إلى تأسيس شراكات استراتيجية مع المؤسسات العالمية ذات العلاقة، والحرص على زيادة المحتوى المحلي في المشاريع، إلى جانب الاستثمار الجاد والمستمر في الثروة البشرية الوطنية بالتدريب والتأهيل وتوليد الوظائف. ولفت المهندس الفالح إلى سعي الحكومة إلى دعم وتطوير قطاع التعدين وفق معطيات تنافسية جديدة ومتميزة باستثماراتٍ ضخمة تجاوزت 130 مليار ريال. وكرَّست هذه الاستثمارات، وفقاً له، لتأسيس البنية التحتية من قطارات وموانئ، ومحطات للكهرباء والمياه، وإمدادات من الغاز والكبريت ومصانع الفوسفات والألمنيوم المرتبطة بالمناجم «والتي أسستها معادن، الشركة الوطنية القائدة للقطاع والتي تُصنَّف اليوم ضمن أكبر 10 شركات تعدين على مستوى العالم، وذلك في غضون 9 سنوات فقط من تخصيصها». ونيابةً عن شركاء النجاح؛ رحَّب الفالح بخادم الحرمين وحضور الحفل. ووجَّه خطابه إلى الملك قائلاً «يشرفني يا خادم الحرمين الشريفين أن أقف بين يديكم مرحِّباً بكم في موقع جديد من مواقع الخير والعطاء والتنمية الوطنية»، متابعاً «أنتم تتفضلون- حفظكم الله- بتدشين مشاريع قطاع التعدين في مدينة رأس الخير الصناعية، فتأذنون بذلك- أيدكم الله- بوضع مدينة رأس الخير الصناعية على خارطة المنظومة الإنتاجية المتكاملة لاقتصاد الوطن كصرحٍ صناعي كبير وواحدٍ من إنجازات التنمية الحديثة في بلادنا، وتعيدون إلى الذاكرة أحداثاً وذكرياتٍ هي محل فخر واعتزاز كل أبناء وطننا العزيز». واستطرد الفالح «كما بادر والدكم المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله ببصيرته الثاقبة إلى إطلاق الصناعة البترولية السعودية فور اكتمال توحيد المملكة العربية السعودية؛ ها أنتم اليوم تدشنون منظومة متكاملة لقطاع التعدين في مدينة رأس الخير الصناعية وتضعونها على منصة الانطلاق نحو آفاق تنموية رحبة فيها بإذن الله كل الخير والنماء والرفاه للمملكة وشعبها». وتحدث الفالح، خلال الحفل، عن شركاء النجاح الذين شاركوا فيما وصفه بالإنجاز النوعي على المستويين الوطني والعالمي. ورأى أن المشاريع التي أُنجِزَت في رأس الخير الصناعية لم تكن لتتحقق دون التعاون والتكامل بين أجهزة حكومية عدة، هي وزارات الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، والنقل، والمالية، والبيئة والمياه والزراعة، وصندوق الاستثمارات العامة، ومصلحة الجمارك العامة، والهيئة العامة للاستثمار، والهيئة الملكية للجبيل وينبع، والمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، والمؤسسة العامة للموانئ، والشركة السعودية للخطوط الحديدية. و»عملت هذه الجهات معاً على مدى سنوات بتنسيق وتكامل مستمرين»، بحسب تأكيد الوزير. وخصَّ الفالح بالشكر الشركة السعودية للخطوط الحديدية. وأبرز بذلها جهداً متميزاً تمثَّل في إنشاء مشروع قطار الشمال الذي يبلغ إجمالي طوله 3 آلاف كيلومتر ويربط وسط وشرق وشمال المملكة باستثماراتٍ بلغت 25 مليار ريال. وبحسبه؛ بات هذا المشروع أحد أهم الروافد الإسنادية لصناعة التعدين؛ عبر طريق خط التعدين الذي يخدم مدينة «وعد الشمال» ومرافق شركة «معادن» في مدينة رأس الخير الصناعية و»سيخدم منشآت شركة أرامكو السعودية والمرافق الصناعية في الجبيل من خلال الشبكة التي تقوم الشركة (الخطوط الحديدية) بتنفيذها». ونوَّه الفالح، في السياق نفسه، بجهاز الهيئة الملكية للجبيل وينبع «التي تقوم بإدارة هذه المدينة (رأس الخير) بكل مهنية واقتدار بعدما تسلَّمت مسؤولياتها من الجهات والشركات الأخرى». وأشار الوزير إلى ما تحقَّق في رأس الخير بوصفِه مثالاً واضحاً على ما تستطيع الدولة أن تنجزه من تشييد وتشغيل منظومات متكاملة من البنية الأساسية والصناعية في طول البلاد وعرضها بتضافر جهود جميع الأجهزة الحكومية. واعتبر أن ذلك يقدِّم رسالةً واضحةً إلى العالم أجمع «تثبت أنه متى ما وُجِدَت العزيمة؛ فإننا قادرون بتوفيق الله على إنجاز ما يعدَّه الآخرون مستحيلاً مثل هذه المشاريع بالغة التعقيد والصعوبة؛ لما فيه مصلحة اقتصادنا الوطني واقتصاد العالم». والمشاريع التي تشهدها رأس الخير هي، بحسب تعبير وزير الطاقة، تجسيدٌ لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين. وبموجب هذه التوجيهات؛ استهدفت «رؤية المملكة 2030» جعل قطاع التعدين أحد ركائز الاقتصاد الوطني إضافةً إلى قطاع البترول والبتروكيميائيات، بحيث يساهم في الناتج المحلي الإجمالي بما يصل إلى 240 مليار ريال. في الوقت نفسه؛ قال الفالح مخاطِباً الملك «لم تقتصر رؤيتكم الثاقبة حفظكم الله على قطاع التعدين العملاق بل تخطته لتشمل قطاعات تنموية جديدة تساهم هي أيضاً في تنويع اقتصادنا وتوطين إمداداتنا وتولِّد عشرات الآلاف من الوظائف وتفتح مجالات واسعة للاستثمار والابتكار»، مضيفاً «ومن هذه القطاعات الجديدة قطاع الصناعات والخدمات البحرية الذي يسرني ويشرفني أن أعلن أنكم أيدكم الله ستتفضلون وتؤسسون بيدكم الكريمة اليوم انطلاقاته الواعدة هنا في مدينة رأس الخير الصناعية». وتابع «إن إطلاقكم اليوم حفظكم الله قطاع الصناعات والخدمات البحرية في المملكة يتيح توطيناً نوعياً لأعمال مهمة جداً للمملكة والمنطقة والعالم تشمل بناء منصات إنتاج البترول البحرية وأجهزة الحفر والسفن بالإضافة إلى توفير خدمات الصيانة لهذا القطاع الحيوي». وبعدما قال الوزير إن «بهجتنا لا توصف بتدشينكم- أيدكم الله- منظومة قطاع التعدين وانطلاقة الصناعات البحرية هنا في مدينة رأس الخير الصناعية»؛ أوضح «إننا لنأمل أن نتشرف قريباً بافتتاحكم مدينة وعد الشمال». ووصفَ «وعد الشمال» ب «قصة أخرى من نجاح السعوديين في تنفيذ وتحقيق رؤى قادتهم بالعلم والحزم والعزم»، مبيِّناً «لا شك أنه سيكون للقرار التاريخي الذي اتخذتموه حفظكم الله بتمويل البنية الأساسية لمدينة وعد الشمال أكبر الأثر في قيام هذا المشروع الوطني ونجاحه، إن شاء الله». وفي شأن مجمع «أرامكو» للصناعات البحرية؛ أعلن الوزير موافقة خادم الحرمين الشريفين على تسمية المجمع ب «مجمع الملك سلمان للصناعات البحرية». ورفع الفالح الشكر إلى خادم الحرمين الشريفين على رعايته قطاعي التعدين والصناعات البحرية سائلاً المولى القدير أن يحفظه قائداً ورائداً ويبارك في مقدرات المملكة وثروتها وأن يحفظ بلادنا أمنها وشبابها عماد نهضتها. وشاهد الملك والحضور عرضاً مرئياً عن مشاريع التعدين في رأس الخير، تضمَّن مشروع قطار «سار» وميناء رأس الخير ومحطة تحلية المياه وشبكة الغاز والقرية السكنية والمجمع الصناعي. إثر ذلك؛ دشَّن الملك المشاريع. بدوره؛ قال الرئيس التنفيذي لشركة «معادن»، خالد المديفر، إن رأس الخير ستكون منصة انطلاق قطاع التعدين الواعد نحو تحقيق أهدافه في «رؤية المملكة 2030». وألقى المديفر كلمةً خلال الحفل أبرز خلالها تدشين خادم الحرمين منظومة صناعة التعدين الحديثة. وأوضح «إن كان ل (معادن) أن تفخر بما أنجزته في هذا الصرح الصناعي الكبير مدينة رأس الخير؛ فهي تفخر كذلك بثقة الحكومة بها لتأسيس مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية (في منطقة الحدود الشمالية). وأكد «نحن في طريقنا بإذن الله لتحقيق الوعد حسبما خُطِّطَ له» و»سنواصل يا خادم الحرمين الشريفين العمل لترسيخ مكانتنا في صدارة شركات التعدين العالمية وكرافد أساسي للاقتصاد الوطني، حيث سنزيد من أعمال الاستكشاف لموارد التعدين في جميع أنحاء المملكة لمضاعفة احتياطاتنا من المواد التعدينية». في ذات الإطار؛ أعلن المديفر بدء العمل في تطوير المشروع الثالث للفوسفات في رأس الخير بطاقة 3 ملايين طن سنوياً تماثل طاقة المشروع الذي دشَّنه خادم الحرمين أمس وتضاف تدريجياً وصولاً إلى كامل الطاقة الإنتاجية في عام 2024م باستثماراتٍ تقارب ال 24 مليار ريال. وتحدث المديفر عن عملٍ موازٍ هو بدء إعداد دراسات الجدوى الاقتصادية لدراسة إضافة خط إنتاج ثالث للألمنيوم في المدينة نفسها، إضافةً إلى الاستمرار في النمو في قطاعات الذهب والنحاس والمعادن الصناعية والسعي إلى استشراف الفرص الاستثمارية واستقطاب الشراكات العالمية وتوطين التقنية. وبعد التقاط الصور الجماعية في ختام الحفل؛ غادر خادم الحرمين مُودَّعاً بمثل ما استُقبِل به من حفاوة وتكريم. وحضر الحفل حشدٌ من الأمراء والمسؤولين، وهم الأمير خالد بن فهد بن خالد، والأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود، والأمير منصور بن سعود بن عبدالعزيز، والأمير طلال بن سعود بن عبدالعزيز، ومستشار خادم الحرمين الشريفين، الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار خادم الحرمين الشريفين، الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبدالعزيز، والأمير فهد بن عبدالله بن مساعد، ومستشار خادم الحرمين الشريفين، الأمير تركي بن عبدالله بن محمد، والأمير سطام بن سعود بن عبدالعزيز، والأمير الدكتور حسام بن سعود بن عبدالعزيز، ومستشار خادم الحرمين الشريفين، الأمير الدكتور عبدالعزيز بن سطام بن عبدالعزيز، والمستشار في الديوان الملكي، الأمير فيصل بن خالد بن سلطان بن عبدالعزيز، ومستشار خادم الحرمين الشريفين، الأمير منصور بن مقرن بن عبدالعزيز، والأمير تركي بن فيصل بن ثنيان، والمستشار في الديوان الملكي، الأمير محمد بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز، والأمير سلطان بن مشعل بن محمد بن سعود بن عبدالعزيز، والأمير محمد بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز، والأمير تركي بن فيصل بن عبدالمجيد بن عبدالعزيز، والوزراء وكبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين.