«البجعة السوداء» هو عنوان لكتاب جاء نتيجة لسنوات من البحث والتأمل والملاحظة والعمل الميداني للمفكر نسيم نيكولا طالب، الذي تنبأ فيه وبدقة عالية بحتمية أزمة رهن عقاري وشيكة في عام 2007 لتصبح النبوءة واقعاً خلال أشهر معدودة في العام الذي تلاه. البجعة السوداء مصطلح رمزي يشير إلى عدم قدرة البشر على توقع الأحداث في المستقبل بناء على ما يتوفر لديهم من معلومات وقرائن. وهي تشير إلى خلل أو بقعة معتمة في التفكير الإنساني لا تتيح لنا التنبؤ بما قد كان من الممكن التنبؤ به، كأحداث الحادي عشر من سبتمبر على سبيل المثال لا الحصر. قد لا نحتاج للتفكير بعيداً فحتى محلياً ما حدث في أزمة الأسهم عام 2006 لم يتنبأ معظم المستثمرين بالانهيار وبالتالي لم يجنبهم تفكيرهم النمطي من خسائر بالغة. فقط عندما تحدث أحداث غير متوقعة كتلك، يستطيع الناس أن ينظروا لما سبقها من علامات وإشارات ليفهموا ما الذي أدى لحدوثها وكيف لم يكن هذا ضمن دائرة توقعاتهم رغم إمكانيته. وقد جاءت تسمية البجعة السوداء من كون البشرية لم تكن تعتقد أبداً بوجود لون آخر غير الأبيض للبجع قبل اكتشاف أستراليا، والأمر الذي يجعل الشخص يتساءل، هل كان التفكير في احتمال أن يوجد طائر بجع أسود أو حتى برتقالي هو أمر خارج نطاق تصورنا وأبعد من مدى خيالنا؟ وللبجعة السوداء كما يعرفها المفكر نسيم طالب ثلاث خصائص أساسية، أنها حدث نادر الحدوث، وأن هذا الحدث يتسبب في تأثير كبير وهائل على حياة الناس – بخلاف لون البجعة الأسود -، وأنه فقط بعد حدوثه يستطيع الناس أن يقوموا بتحليله وتفسيره والاعتقاد أنه كان بالإمكان توقع حدوثه. إن البجعة السوداء لا علاقة لها بتوقع السوء أو التنبؤ بالشرور أو التطير، لكنها تكشف لنا عيوب التفكير الإنساني ومحدوديته ومدى ضحالة قدرتنا على الاستنباط من خلال اعتياد التفكير بنفس الطرق والأساليب. إن النمطية واليقين ووهم المعرفة هم أعداء التفكير السليم. فعندما نفكر بطريقة مألوفة ونعتاد عليها يصبح من الصعب علينا رؤية الجوانب الأخرى وربما النقاط المعتمة في أي أمر ما. كذلك اليقين بصحة فهمنا أو رأينا أو تصوراتنا عن قضية ما، هو أمر غير منطقي في ظل عالم ضخم تسوده العشوائية والمتغيرات، ليأتي بعد ذلك وهم المعرفة والاعتقاد بأن ما نعرفه هو أهم بكثير مما نجهله ليقضي على ما تبقى من قدرتنا على التفكير بشكل سليم. تدعونا نظرية البجعة السوداء لفتح باب التساؤل ولإعادة النظر في تقييمنا للأمور التي ننظر لها، معتقدين أنها بديهية، أو الأخرى التي نتعامل معها بيقين، لنكون أكثر قدرة وحكمة في التعامل مع ما تحمله الحياة لنا من ظروف وأحداث أو ربما بجعات سوادء. هو أيضاً يدعو الذين يزعمون أنهم خبراء في مجالات الحياة للتواضع واستحضار اللا يقين في توقعاتهم وخططهم المستقبلية، وكيف يمكن لصدفة واحدة أن تقلب موازين الأمور بشكل لا يمكن توقعه أو التفكير في احتمال حدوثه.