ما إن أعلن سمو ولي ولي العهد – رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية حفظه الله «رؤية المملكة 2030» بعد إقرارها من مجلس الوزراء حتى سارعت الجهات ذات العلاقة بوضع الخطط والبرامج لتحقيق هذه الرؤية الطموحة «رؤية الحاضر للمستقبل». أولى هذه البرامج هو «برنامج التحول الوطني 2020» الذي يعتبر نقطة الانطلاقة نحو مستقبل أكثر إشراقاً. والمتأمل بين سطور هذه الرؤية يجد الحرص على الارتقاء بأداء الجهات الحكومية كأحد الأهداف الرئيسة، إضافة إلى إيجاد البيئة المناسبة للمستثمرين المحليين والدوليين. وفي المجال الغذائي، يُعد الأمن الغذائي من أهم مقومات تحقيق اقتصاد كفء قادر على النمو الذاتي والاستفادة القصوى من الموارد المتاحة والمنافسة الخارجية خاصة بالنسبة للدول النامية. ونقصد بالأمن الغذائي هنا الوصول لأعلى معدلات الاكتفاء الذاتي النسبي من الغذاء في ضوء الموارد المتاحة إلى جانب التأكد من سلامة ومأمونية الغذاء المستورد الذي يصل سنويا إلى نحو 80 ملياراً. وحسب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO) فإن الأمن الغذائي يتحقق «عندما يتمتع جميع الناس وفي كل الأوقات بالفرص والإمكانيات المادية والاجتماعية والاقتصادية للحصول على غذاء كاف ومأمون ومغذٍّ لتلبية احتياجاتهم وتناسب أذواقهم الغذائية ليعيشوا حياة مفعمة بالنشاط والصحة». ويُؤخذ من هذا التعريف أنّ مفهوم الأمن الغذائي يرتكز على ثلاثة محاور هي: وفرة السلع الغذائيةالسليمة والآمنة، ووجود السلع الغذائية في السوق بشكل دائم، وأن تكون أسعار السلع في متناول المواطنين. لقد قامت «رؤية المملكة 2030» على ثلاثة مرتكزات أولها وأبرزها هو المجتمع الحيوي، ولتحقيق أمن غذائي مرتبط بشكل مباشر بمجتمع حيوي يأتي دور الهيئة العامة للغذاء والدواء، وبالتعاون مع الجهات الأخرى ذات العلاقة، كجهاز حكومي يهدف إلى سلامة ومأمونية وفاعلية الغذاء والدواء للإنسان والحيوان على حد سواء. من أجل ذلك، وضعت الهيئة ستة أهداف رئيسة ضمن «برنامج التحول الوطني 2020» شملت الاستفادة من مكانة المملكة إسلامياً بحيث تكون ممثلة بالهيئة كمرجع رئيس للأغذية والمنتجات الحلال، إضافة إلى إحكام الرقابة على المنتجات التي تخضع لنظام الهيئة، وتكثيف التواصل مع المستهلكين لزيادة مستوى الوعي، وتطوير إجراءات التسجيل والترخيص والتفتيش والفسح وإنفاذ الأنظمة للمستثمرين في الهيئة بجميع قطاعاتها بما فيها قطاع الغذاء. مايكل هوفيل (مستشار الكلية الملكية للعلوم والتكنولوجيا والطب في لندن) يناقش في مقال له ظواهر ترتبط بالأمن الغذائي، ويستعرض مبادرات العلوم والتقنية الحيوية التي تساعد في تأمين الحصول على طعام مغذٍّ كافٍ في دول العالم. من هذا المنطلق، ونظراً لكون العنصر البشري عاملاً أساسياً لنجاح أي مشروع، فإن الأنظار منصبة على مخرجات برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، ومن هنا يأتي دور المبتعثين والمبتعثات في التخصصات العلمية ذات العلاقة لتحقيق هدف الأمن الغذائي عن طريق استخدام التقنية الحيوية، فهم المعول عليهم بعد الله للاستفادة من خبراتهم العلمية والعملية في المجال الغذائي والزراعي.