في خضم هذه الأحداث العظام والخطوب الجسيمة التي تحدق بالأمة الإسلامية التي نخرت في جسدها حتى وصلت إلى حال لا تحمد، فالثورات العربية والفتن والحروب والفرقة والاختلاف والمكائد الداخلية والخارجية التي تعصف بالأمة وصلت إلى أوجها، مما أدى بنا إلى ضعف الاهتمام بهذه القضية الكبرى التي تخص مكانا مباركا عظيما في قانون الشرع وفي نفوس المسلمين (إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله). هذه القضية كانت ومازالت هي شغل المخلصين الشاغل من أبناء هذه الأمة وهم يتمنون عودة القدس حرة أبية وبلدا إسلاميا تشد الرحال إلى مسجده كما ثبت بذلك الحديث النبوي. لكن اللعبة الدولية المقيتة التي حذرنا منها ديننا الحنيف – وأعني بها شق عصا الطاعة والتحزب والتفرق وتخريب صورة الدين بالبدع والخرافات – أوصلت الأمة الإسلامية إلى الشحناء والبغضاء والتدهور السياسي والاقتصادي والاجتماعي في بلدانهم حتى أضحت قضية القدس ليست على قائمة الاهتمامات والأولويات وإنما مادة تتكون من سطرين تذكر في اجتماعات القمم والمؤتمرات! مما أدى باليهود إلى نشاط محموم وحثيث إلى تهويد المدينة والاستيلاء على أوقافها وتخريب ممتلكاتها وطمس هويتها ومنع المصلين من الصلاة في مسجدها في ظل انشغال المسلمين بثورات الخريف والصيف العربي الأحمق الذي ضيع فيه المسلمون دينهم وبلادهم. والحاجة الآن ماسة إلى إعطاء هذه القضية مكانتها اللائقة بها ونشر الوعي بين أفراد الأمة الإسلامية بواقع الأمر، وكذا الدفاع عن هذه القضية العادلة في جميع المحافل الدولية بإخلاص وصدق واعتبارها قضية إسلامية وليست إقليمية خاصة، وكذا لابد من ربط النشء بها واعتبارها أرضا محتلة والدعاء لأهلها بالثبات والصبر وأن يردها الله إلى أهلها وللمسلمين جميعا. لا يتردد أحد في أن ما حصل من قلاقل وفتن ومصائب أن لليهود دورا فيها لإشغال الأمة عن انتهاكها حقوق أهل فلسطين والعبث في تاريخهم ومقدراتهم كما قال تعالى (كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا). مازلت أقلب المقطع الذي يظهر فيه الملك الصالح فيصل بن عبدالعزيز وهو يبكي على فراق الأقصى ويتمنى فيه صلاة قبل الممات.. رحمك الله يا فيصل وكثر الله في المسلمين أمثالك.