اعتبر خبراء متخصصون في الشؤون الإسرائيلية أن التصعيد الإسرائيلي الأخير ضد قطاع غزة يهدف لتصفية الحساب مع المقاومة الفلسطينية بعد نجاحها في تنفيذ صفقة تبادل الأسرى، وسعياً لوضع المزيد من المشكلات أمام مشروع المصالحة الفلسطينية، مستبعدين أن تتطور العمليات الحالية إلى عملية واسعة في قطاع غزة، أو يكون لهذا التصعيد ارتباط مباشر برغبة إسرائيل في الهجوم على إيران. وقال برهوم جرايسي، المتخصص في الشأن الإسرائيلي، من داخل الخط الأخضر، ل»الشرق» إن العصابة المتنفذة في سدة الحكم في إسرائيل سواء كانت في المؤسسة العسكرية أو السياسية تهتم ككل العصابات قبلها بأن تبقي على جمرة النار مشتعلة في المنطقة، موضحا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سعى بعد زيارته إلى الولاياتالمتحدة إلى سرعة إشعال النار من جديد في غزة. وأضاف «طبيعة الهجمات الإرهابية في غزة وما سبقها في الضفة الغربية، تحمل رسالتين، الأولى تقول للفلسطينيين إننا لن نقف صامتين ولن نسلم في صفقة تبادل الأسرى والحساب مازال مفتوحاً، وأننا سنعرقل أي حالة انفراج في الساحة الفلسطينية. أما الرسالة الثانية فهي للإسرائيليين تقول: إننا لن نسلم للمقاومة الفلسطينية بعد صفقة تبادل الأسرى ونحن نتتبعهم». وقلل جرايسي من وجهة النظر القائلة إن إسرائيل تلقت ضوءاً أمريكياً بالتصعيد في غزة، وأكد أن إسرائيل ليست بحاجة لضوء أخضر أمريكي للقيام بأعمال إرهابية، مشيراً إلى أنها تمارس إرهاب الدولة على مدى السنين ولا تنتظر ضوءا أخضر، وفي مقابل ذلك فإنها تحصل على كل الأسلحة الأمريكية لممارسة القتل والإرهاب. أما محاولة ربط التصعيد في غزة بالتحضير لعملية عسكرية ضد إيران، فقد لفت جرايسي إلى أنه لا حاجة لربط هذا الأمر بهذا الملف، لكن إسرائيل تسعى لأن تبقي النار مشتعلة في الساحة الفلسطينية. من جانبه أكد الدكتورمخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، أن إسرائيل تهدف من وراء التصعيد في غزة لتصفية حسابات سابقة مع المقاومة بالدرجة الأولى، مشيرا إلى أنها تحاول بين الفينة والأخرى اغتيال قيادات في المقاومة الفلسطينية، ومن جهة أخرى فهي رسالة للمقاومة الفلسطينية بأن أي تخطيط لعمليات جديدة ضد إسرائيل هي مكشوفة ومعروفة، وهي تدخل في سياق عقاب الفلسطينيين على ذلك، مستبعدا أن تذهب إسرائيل لمواجهة مفتوحة مع قطاع غزة. ولفت أبو سعدة إلى أن خيارات الفصائل الفلسطينية في الرد على العدوان الإسرائيلي محدودة، لأن المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس تعلم أنه ليس من مصلحة الشعب الفلسطيني الدخول في مواجهة مسلحة مفتوحة مع إسرائيل في الوقت الحاضر، مبينا أن إسرائيل تعاني من عزلة وهي تريد أن تخرج من عزلتها بعدوان جديد، مشيرا إلى أن الأوروبيين مشغولون بمشاكلهم الاقتصادية، وأمريكا بالانتخابات الرئاسية، والعرب بالوضع في سوريا، لذلك سيكون الرد محدودا، وقد يتم احتواء الموقف بتدخل مصري أو دولي. واستعبد أبو سعدة أن يكون التصعيد الإسرائيلي في غزة مقدمة لشن حرب على إيران، وقال: «الهجوم الإسرائيلي على إيران ينتظر إلى نهاية العام بعد الانتخابات الأمريكية لأن الرئيس الأمريكي باراك اوباما لا يريد أن يدخل في تعقيدات الرد الإيراني، الذي يمكن أن يؤدي إلى تعميق الأزمة الاقتصادية في العالم وفي أمريكا، مشيرا إلى أنه لا يوجد مبرر للربط بين ما يجري في غزة والملف الإيراني، «لأن حماس أعلنت بشكل واضح أنها لن تكون طرفا في أي حرب بين إسرائيل وإيران»، مشيراً إلى أن ضرب المقاومة في غزة قبل المواجهة مع إيران هي حسابات غير قوية لأن المقاومة بامكانياتها المتواضعة لا يمكن أن تكون جزءا من حلف في المنطقة.