ارتبطت البرقية لدى الإنسان العربي، خاصة، بالوقت، وأعطته التجارب تأكيداً موثوقاً بوصولها إلى المعني بها، إن كان من كبار المسؤولين، وأنها ستأخذ حيزاً كبيراً من اهتمامه وعنايته. لايزال كثيرون يعتبرون البرقية أسرع وسيلة اتصال مؤكدة، ولاتزال، كذلك، الوسيلة الرسمية بين قادة الدول، وبين كبار المسؤولين في الدولة، ولايزال مشاهدو الأفلام المصرية ممن أدركوا الأسود والأبيض، يتذكرون كلمة تلغراف، وما كان يشكله وصوله من أثر كبير في حبكة النص، ويتذكره كذلك عدد كبير من أبناء الخفجي الذين كانوا يرتادون دور السينما، لم يعد يُرى لها طلل، التي بنتها شركة الزيت العربية المحدودة «اليابانية». تذكر الموسوعة الحرة «ويكيبيديا» أن البرقية أو التلغراف جهاز اتصال استخدم في نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين لإرسال البرقيات والنصوص، وأنه يعتمد على ترميز الحروف بنبضات كهربائية، ويرسلها عبر الأسلاك إلى آخر يطبع تلك النبضات، وتضيف الموسوعة أنه: في عام 1810م اخترع العامل الكهربائي التقني الأمريكي صمويل مورس التلغراف الذي يعيد طباعة الأحرف، وفي عام 1827م اخترع الألماني شتينهيل خاصية الإرسال عن طريق سلك كهربائي واحد، أما مايكل جيمز فرداي، العالم الكيميائي والفيزيائي الإنجليزي، الذي عمل وهو صبي في مخزن لبيع الكتب فكان ينكب على المطالعة خلال الفرص، وبعد مرور سبع سنوات أطلق عليه اسم معلِّم، وعُيِّن أستاذاً مساعداً مسؤولاً عن التجهيزات في المعهد الملكي البريطاني، وبقي في خدمة معهد ديفي، وهو من المشاركين في علم المجال الكهرومغناطيسي والكهروكيميائي، حيث درس المجال المغناطيسي على موصل يحمل تياراً كهربائياً مستمراً، فقد وضع في عام 1831م أسس الكهرومغناطيسية، وهو مكتشف نظرية المحاثة والنفادية المغناطيسية وقوانين التحليل الكهربائي، والقائل إن المغناطيسية تؤثر على الأشعة الضوئية، كما وضع أسس الربط بين هاتين الظاهرتين، ويعد اختراعه للأجهزة الكهرومغناطيسية بداية لتكنولوجيا «المواتير الكهربائية»، وبذلك يكون أول مَنْ جعل الكهرباء شيئاً عملياً للاستخدام التكنولوجي، وأنجز الأمريكي صمويل مورس أول تلغراف كهربائي يؤدي وظيفته فعلاً بطريقة قطع التيار عن طريق «الكود» المعروف باسم أبجدية مورس، وفي الأول من يناير من عام 1845م أمكن القبض على قاتل في لندن بفضل اختراع التلغراف، وفي عام 1877م اخترع المهندس جال موريس آميل بودو المتخصص في الفيزياء والعلوم العامة أجهزة تلغرافية تستخدم دليلَ خمسةِ أعوام، كما اخترع أجهزة حديثة تعطي التأثير المباشر على الرسائل الملتقطة، وفي عام 1888م أنجز الألماني هنريش هرتز أول إبراق لاسلكي. كانت وزارة البرق والبريد والهاتف تستقبل المستفيدين لإرسال برقياتهم المختلفة في مكاتبها المنتشرة في المناطق والمدن، كان ذلك قبل أن يتم تغيير اسم الوزارة وخصخصة بعض الخدمات التي كانت تقدمها. تم تأسيس شركة الاتصالات السعودية «STC»، وهي الشركة الأولى، التي استثمرت مباني فروع الوزارة ومكاتبها وكثيراً من الخدمات التي كانت تقدمها الوزارة، ومن أهمها الهاتف الثابت والبرقيات. يبدو أن لدى شركة الاتصالات السعودية فلسفة جديدة تجاه البرقية، خاصة ما يرتبط بعلاقتها بالسرعة، إذ لم تعد البرقية سريعة الوصول كما كانت في السابق. ويتوقع مرسلو البرقيات وصولها خلال ست ساعات، أو في حدود 24 ساعة على أكثر تقدير، لكنهم سرعان ما يصطدمون بالواقع الذي يفاجئهم بتأخيرها لعدة أيام وقد تصل المدة إلى أسابيع. الأمر يستدعي تدخل هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بشكل جاد لحماية حقوق المستفيدين الذين أضيفت قيمة تلك البرقيات على حساباتهم، في الهاتف الثابت أو الجوال، ولم تصل في وقتها المحدد، ما يستدعي بعضهم للاستفسار عدة مرات عن برقيته، وتحمُّل قيمة الاتصالات التي يجريها، عدا عن فقدان البرقية قيمتها وضياع هدفها. تفصيل دقيق في الموقع الرسمي لشركة الاتصالات حول البرقية الهاتفية تم تضمينه الشعار التالي «أرسل برقية عاجلة حصرياً من STC تصل في وقت قياسي»، وتم فيه ذكر ميزات الخدمة، ومنها أن البرقيات المستعجلة تسلَّم في أقل من ست ساعات، أما العادية فتسلَّم خلال 24 ساعة، وأن الإرسال غير متاح عن طريق الأرقام مسبقة الدفع أو التابعة للمشغلين الآخرين، فهل ستعتذر شركة الاتصالات السعودية «STC» وتعيد تكلفة البرقيات إلى جميع مَنْ حدث تأخير في وصول برقياتهم في وقتها المحدد؟! وقفة: تحت شعار ضاغط تواجه الشركات الثلاث منذ عدة أيام حملة شعبية قوية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فهل ستتنافس على إعادة كسب ثقة العملاء المفقودة؟