انخفضت إلى %10 نسبة المعتقدين بأن توافق المذهب أو المرجعية الفكرية شرطٌ للتعاون مع الآخر، في حين ارتفعت إلى 95 % نسبة المقتنعين بأن اتساع الفجوة بين مكونات المجتمع يزيد فرصة وقوع أضرار وخسائر، بحسب فرع مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في المنطقة الشرقية. وتوصَّل الفرع إلى هذه النتائج بعدما أجرى قياساً لأثر المرحلة التجريبية من مشروعه للحوار المجتمعي «نسيج». واستهدف المشروع، وهو عبارة عن برنامج تدريبي، 57 مدرسة موزَّعة على 5 مدن هي الدمام والخبر والأحساءوالقطيف والظهران، حيث أقيمت 35 دورة تدريبية وورشة عمل مشترك استفاد منها نحو 1000 طالب. والهدفُ هو تعزيز قيم التلاحم، وتعميق الإيمان بأهمية الحفاظ على النسيج الاجتماعي. ورأى مدير فرع مركز الملك عبدالعزيز للحوار في الشرقية، الدكتور خالد البديوي، أن نتائج قياس أثر «نسيج» كانت لافتة «حيث انخفض عدد من كانوا يظنون أن توافق المذهب أو المرجعية الفكرية هو شرط للتعاون مع الآخر من 46 % إلى 10%، فيما ارتفع عدد المقتنعين بأن الفجوة كلما اتسعت بين مكونات المجتمع كلما زادت الفرصة لحدوث خسائر وأضرار من 53 % إلى 95 %». ولاحظ البديوي مطالبة المشاركين في المشروع بزيادة وقت دوراته التدريبية وورش عمله المشتركة مع زيادة عدد المستفيدين ليشمل جميع المناطق. وأوضح «برزت لدى كثيرٍ منهم قناعات جديدة بعد الدورات لخَّصوها في عبارات منها: بالتعاون سيكون كل شيء بخير، وكتب بعضهم: متحدون نقف متفرقون نسقط». وخلال العام الهجري الجديد 1438ه سيزيد عدد المستفيدين من المشروع في الشرقية إلى 10 آلاف شاب وفتاة بالتعاون مع إدارات التعليم في المنطقة والأحساء، بحسب البديوي الذي أكد «البرنامج سيتوسع ليشمل برامج مصاحبة لتعزيز الأثر الإيجابي لدى المشاركين من خلال إقامة مسابقات وأعمال تطوعية تساهم في تمكين القيم المشتركة لدى الشباب والفتيات». وفي استطلاع رأي للمشاركين في «نسيج» نقلَه فرع مركز الحوار؛ ذكر الطالب صالح الشمري من مدارس الأنصار الأهلية في الدمام أنه أدرك من خلال المشروع أن الاعتدال مفهوم شامل يُطبَّق في جميع شؤون الحياة. فيما قال الطالب منصور أبو عريش من مدارس القطيف الأهلية «نبهني البرنامج إلى أن التصرفات الخاطئة هي نتيجة تصورات خاطئة». وأوضح طالب ثالث يُدعى أحمد هادي «عزَّز البرنامج لديَّ القناعة بأن آثار الفهم الخاطئ تنعكس على سلوك الإنسان تجاه الآخر». ووفقاً للمدرب المعتمد في المشروع أحمد العثمان؛ يدفع «نسيج» المتدربين إلى التفكير في «المصير الواحد للجميع» و»أثر الالتفاف حول كيان الوطن العظيم وتعزيز قيم المواطنة». وعدَّ مدرب آخر، وهو محمد الخياط، الحوار المجتمعي أنموذجاً حضاريّاً لتعزيز السلم الاجتماعي بين أبناء الوطن الواحد. ووصف ثالث يُدعى، يوسف الدخيل، البرنامج ب «معالجة واقعية لمستقبل أفضل» و»رؤية واسعة لكيفية تحقيق الانسجام والتلاحم المجتمعي». ومن بين المدربين المعتمدين في المشروع سعيد الرمضان، وهو عضوٌ في المجلس البلدي في الأحساء. وشرح الرمضان «البرنامج يُعنَى بتنمية مهارات التواصل الإيجابي لدى طلاب المدارس في المرحلة الثانوية، ويسعى إلى تحويل المفاهيم التي تدربوا عليها إلى تطبيقات عملية من خلال المدرسة والمنزل والمجتمع، ونشر ثقافة الحوار والوسطية والاعتدال وتعزيز قيم التسامح والتعايش المشترك بين أطياف المجتمع». في السياق نفسه؛ قال الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، فيصل بن معمر، إن دعم أمير المنطقة الشرقية، صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، ل «نسيج» كان له أكبر الأثر في نجاح وتطور مشروع البرنامج. وذكَّر الأمين العام للمركز بأن فكرة الحوار المجتمعي ركزت منذ بدايتها على مخاطبة الشباب عموماً وطلاب المرحلة الثانوية بالدرجة الأولى نظراً لأهمية هذه الفئة من المجتمع. ورأى ابن معمر أن نسبة التحول التي تدل عليها نتائج قياس أثر «نسيج» كانت لافتة، ما يدعو إلى التوسع فيه، مؤكداً «من أبرز أهدافه تعزيز القيم المشتركة لاسيما لدى الشباب، وبناء الوعي المجتمعي حول ضرورة تعزيز روح الانسجام وتقوية حصانة المجتمع ضد كل ما يهدد وحدته وتماسكه». إلى ذلك؛ اعتبر أمين عام مركز الحوار، الدكتور فهد السلطان، أن من أهم أسباب نجاح «نسيج» هو كونه من البرامج الوطنية التي تعمل على تعزيز القيم المجتمعية الإيجابية الموجودة في تاريخ مجتمعنا السعودي، شارحاً «حيث نسعى من خلاله إلى أن يستحضر الشباب تجربة آبائهم في البناء والمحافظة على النسيج الوطني، الأمر الذي نتج عنه تجربة ناجحة ما زلنا ننعم بثمارها».