قُلنا في مقال يوم أمس، إن التغييرات التي ُربما تكون موجودة في الانتخابات الأمريكية القريبة جداً، وفي الشخصية التي سيكون مقرها وعائلتها البيت الأبيض ربما تكون في الشكل والمنصب والمُستشارين، أمّا من الناحية السياسية، والاقتصادية، والنظرة إلى العالم الآخر فلن يطرأ عليها تغييرات جوهرية ولا حتى ثانوية، اللهم إلا في بعض الظروف الطارئة التي تتطلبها ظروف الحالة نفسها، ومن منظور مصلحة أمريكا أولاً وقبل كل شيء..! الأنظمة الأمريكية والقانون الأمريكي لو لاحظنا يتمتع بفقرات عديدة ينص فيها على أن الولاياتالمتحدةالأمريكية هي حارس العالم، وقوة العالم ومن تقود العالم، ولو لاحظنا الأفلام الأمريكية التي تنُتجها هوليود لوجدنا ترسيخ هذه الثقافة في المُتلقي ورسائل يبعثها المُنتجون بتوجيهات من البيت الأبيض إلى العالم الآخر في شرق الأرض وغربها بأن أمريكا هي مُنقذة العالم ومنتجة لثقافتهم، والسيدة الأُولى التي يجب أن تسمع لها شعوب الأرض دون اعتراضات ولا حتى طرح الأسئلة..! تجاوز الغرور الأمريكي الحدود المعقولة والمنطقية، وبلغ عنان السماء، فلا نترحّم على رئيس مضى ونتطلع لرئيس قادم بأن يُغيّر التوجهات والسياسات تجاه منطقتنا، وقضايانا المصيرية، لا تتوقعوا من كلينتون «هيلاري» ورُبما يكون للشعب الأمريكي الرغبة الجامحة في تجربة امرأة تحكم البيت الأبيض فهو شعب يعشق التجارب والتغيير ولا من «ترامب» ذلك التاجر الملياردير، الذي جاء دون أي خلفية سياسية، بل إنه يحمل معه أفكاراً عُنصرية وتخبُطات في قراراته، حتى حينما كان «بزنس مان» فشل مرات عدة، ولكننا لن ننظر إلى هذه وتلك ولن نتوقع من البيت الأبيض أن يُقصي إسرائيل من حساباته ولا أن نسمع بقرارات تصب في صالح المنطقة، ولن تتوقف أمريكا عن التدخلات الداخلية في أراضي الشعوب العربية والشرق الأوسطية بالتحديد..! بل بالعكس ُربما تزداد التدخلات لفرض مزيد من القوة والهيمنة وفرض القوة الأمريكية، بعد أن لمس الخبراء والمعنيون بالقرار داخل البيت الأبيض، أن هُناك بعض الصلاحيات والحوافز وبعض المزايا بدأت كأنها تسحب من البيت الأبيض وبدأت هيبة الولاياتالمتحدةالأمريكية تتراجع عالمياً، ودخول قوى أُخرى للمنطقة تُنافس البيت الأبيض وقاطنيه على كعكتهم التي اعتادوا على نصيب الأسد منها، ففرنسا، وروسيا، وألمانيا، حتى الصين واليابان وكوريا أصبح لها نفوذ في المنطقة، وهذا ما يجعل التوقعات تكون أشد دموية والتدخلات أكثر وحشية وزرع الفتن وبث الفوضى بين دول المنطقة وشعوبها أكثر وحشية، لتبقي لها الدور الأكبر في أنها حامية الشعوب وتبقي الحاجة لها كونها على رأس الهرم والحارس العالمي لدول المنطقة وشعوبها، بل «تفرض الوصاية» على الجميع بكافة الطرق والأساليب..! هُنا أمريكا (هُنا البيت الأبيض) قلق دائم دون فعاليات تُذكر ودون قرارات صارمة تحول دون انتهاك إيران للقرارات الدولية ودون تلاعب الكيان الصهيوني بالشعوب العربية وتشريد الفلسطينيين وبناء المستوطنات..! هُنا أمريكا (هُنا البيت الأبيض) قلق دائم حيال التدخلات الإيرانية في المنطقة، ليس حُباً في المنطقة ولكن خوفاً من المساس بأمن حليفتها إسرائيل وخوفاً من اهتزاز عرشها وقوتها، ومن هُنا لابُد من زيادة الجُرعات لمزيد من التفكك في المنطقة واستمرار بشار الأسد ودعم حزب الله وبث الفوضى في المنطقة وإيجاد أكثر من ميليشيا من أمثال (داعش) لتكون الحاجة إلى البيت الأبيض مستمرة..! هُنا أمريكا (هُنا البيت الأبيض) قلق دائم من جراء التجارب النووية التي تقيمها كوريا وقلق دائم من امتلاك إيران أو أي دولة شرق أوسطية لأسلحة الدمار الشامل، وما امتلاك إسرائيل أكثر من خمسين رأساً نووية إلا هو دفاع عن نفسها ويُعتبر حقا من حقوقها في نظر البيت الأبيض وزعمائه..! هُنا أمريكا (هُنا البت الأبيض) لن تكون هيلاري، تلك العجوز الأنيقة ولا ترامب ذلك الختيار المُتهور من يملك القرار في البيت الأبيض، فناموا قريري العين أيهُا العرب والمسلمون، فمصالحكم الشخصية لن تمس وهذا ما يعنيكم أولاً وعاشراً، أمّا مصالح الشعوب العربية فتأتي في ذيل القائمة..! سيكون العام المقبل 2017 عاماً حافلاً بالخيبات العربية ولكننا نأمل من الله سبحانه وتعالى أن يلطف بنا وبأمتنا وأن يحفظ أمن هذا البلد ورجالاته وأن يديم علينا نعمة الأمن والأمان والرخاء ويظل وطننا شامخا رغم الحاقدين والحاسدين ويدا واحدة بإذن الله.