سواء فاز دونالد ترامب أو هيلاري كلينتون في انتخابات الرئاسة الأمريكية فإن أيا منهما حتما سيعمل لمصلحة أمريكا وإسرائيل وليس لمصلحة العرب. هذا مفروغ منه ولا يحتاج لطول نقاش أو تفتيش في دفاتر المنطقة القديمة، التي لم تلق عناية البيت الأبيض إلا بقدر ما يكون هناك مصلحة للداخل الأمريكي والبقاء والتوسع الإسرائيلي. ولذلك لا أستطيع أن أفهم، ربما لعجز في قدراتي الذهنية، هذا القدر من اهتمام العرب، سعوديين وغيرهم، بانتخابات الأمريكان إلى درجة أنني بدأت أتخيل أن جاري إلى اليمين (ترامبي) وجاري إلى اليسار (كلينتوني)، والاثنين لا (سالفة) لهما إلا ماذا قال ترامب وماذا علقت كلينتون وماذا يتوقع كل منهما من أحد المرشحين حين يقود أمريكا بعد رحيل أوباما. الأمريكيون، أيها السادة العرب، هم الذين أسقطوا في الحقبة البوشية الثانية نظام الحكم في العراق وسلموه، في أخطاء إستراتيجية متوالية، إلى ملالي طهران لينتقموا من هزيمة حرب السنوات الثماني، ويخربوا العراق ويجففوا عوامل وحدته وتفوقه كدولة؛ ويشعلوا الفتن بين مكوناته الشعبية. والأمريكيون هم الذين وعدوا بإنقاذ الشعب السوري من براثن نظام الأسد وتدخلات طهران ثم بلعوا وعودهم إلى درجة أدت إلى سقوط الهيبة الأمريكية الدولية بحسب محللين أمريكيين وليس عربا اعتبروا أن موقف أوباما من سورية كان بمثابة «فضيحة» للنظام الأمريكي، لا سيما حين أسقط أوباما الخطوط الحمر التي وضعها بنفسه، وتقرب من إيران على حساب حلفاء أمريكا التاريخيين من العرب. الأمريكيون، أيضا، كانوا وما زالوا يعتبرون كل ما تفعله إسرائيل من قتل الفلسطينيين ومطاردتهم وتهديم بيوتهم والتضييق على حياتهم من باب الدفاع عن النفس. اعطوني شيئا واحدا فعله الأمريكيون من أجل مصلحة العرب، وليس لمصلحتهم هم ومصلحة إسرائيل، وأنا أسير معكم في ركاب هذا الاهتمام الزائد والجدل العربي المحتدم حول انتخابات ترامب وهيلاري، على افتراض، كما يتوهم كثيرون، أن من سيفوز من الاثنين سيقربنا من أحلامنا وينقذ الدول العربية، الفاشلة الآن، من مغبات الفوضى الخلاقة التي بشرت بها في عام 2005 وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك كونداليزا رايس والتي تعني، من بين ما تعني، خلق الفتن الطائفية وتقسيم الدول وإضعافها وتسهيل عملية التدخل العسكري الخارجي من القوى المتنفذة في هذه الدول المقسمة والضعيفة. الأمريكيون، جمهوريين وديموقراطيين، على رأي الرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك، المتغطي بهم عريان. وهم لا يحترمون إلا الأقوياء اقتصاديا وعسكريا وهذا حقهم الذي لا يلامون عليه وسياستهم التي يرون أنها تحقق مصلحتهم الوطنية العيا. وعلى العرب، بدلا من هذا التجمهر الغريب خلف ترامب أو هيلاري، أن يلتفتوا لشؤونهم وبناء دولهم وقوتهم الاقتصادية والعسكرية، وأن يتعظوا من كل هذه الدروس الأمريكية، التاريخية والآنية، التي لم تفدهم في شيء بقدر ما أضرت بهم وبمقدراتهم.