إن أسباب الإصابة لها علاقة بالأم، وبالطفل نفسه، وثالثة وراثية تؤهله لهذه الأمراض الخلقية. والأسباب التي لها علاقة بالأم عديدة، منها على سبيل المثال، أن الأم مصابة بداء السكري وغير مسيطر عليه، مرض الذئبة الحمامية كذلك بعض الأمراض التي تصيب الأم الحامل، خاصة خلال الأسابيع الأولى من الحمل مثل الحصبة الألمانية، الهربس، النكاف، لها علاقة كسبب مباشر لولادة طفل مصاب بمرض قلب منذ الولادة. وهنا، كإجراء وقائي لمستقبل أطفالهن، عندما يصبحن في سن النشاط التناسلي، أؤكد أهمية تطعيم الفتيات ضد الحصبة الألمانية والنكاف. إضافة إلى أن هناك كثيراً من الأدوية والمركبات الكيمائية التي يشكل إعطاؤها للأم الحامل عامل خطورة لتشوه قلب المولود مثل الفينتوتين، الليثيوم. هناك أسباب أخرى متعلقة بالجنين بشكل مباشر، ويأتي على رأسها الخلل الكروموسوماتي، حيث إن 30 % من المواليد الذين يولدون بخلل كروموسومي ما يكون لديهم مرض قلب ولادي، وفي مقدمتها التثلث الصبغي 21 (المنغولية) تحدث بعد ولادة الطفل بأشهر أو سنوات، ويأتي على رأسها الحمى الروماتيزمية الناتجة عن التهاب الحلق واللوزتين بجرثومة (ستربتوكوكس)، الذي كثيراً ما يُهمل أو يعالج معالجة ناقصة، وبالتالي تكون النتيجة إصابة صمامات القلب إصابة دائمة مدى الحياة، لذا نؤكد على التشخيص الصحيح والعلاج الوافي لالتهاب اللوزتين عند الأطفال لمدة لا تقل عن عشرة أيام أيضاً هناك بعض الفيروسات التي تصيب الأطفال الصغار وتسبب خللاً فى الجهاز المناعي فيهاجم عضله القلب مسبباً تضخماً فى القلب مع هبوط شديد في وظائفه. هناك أيضاً مرض كاواسكي الذى يتسبب فى ارتفاع شديد فى درجه الحرارة، التهاب غير صديدي مع احمرار بالعينين التهاب بالحلق، تورم فى الغدد الليمفاوىة العنقية وطفح جلدى. هذا قد يصيب الشريان التاجي مسبباً تورماً عقدياً مع قصور في الشريان التاجي. كما أنه توجد اضطرابات بضربات القلب من حيث السرعة ومعدل الضربات الحقيقة لها علاقة مباشرة بعمر الطفل وبالنسبة للأعراض السريرية، أنه ربما قد تنذر بوجود مشكلة قلبية. فمثلاً صعوبات الإرضاع عند الرضع من أهم العلامات والدلائل، وما يرافقه أيضاً من سرعة في التنفس وإعياء سريع أثناء الرضاعة، وهذا ما يشكل شكوى للأم عن طفلها لقلة وزنه والبطء في النمو، وهناك أعراض مهمة وهي التهابات الرئة والشعب الهوائية المتكررة عند هؤلاء الرضع، التي كثيراً ما تظهر بشكل ربو وتعالج على هذا الأساس بشكل خطأ، بينما يكون السبب الأساسي وراءها زيادة حمل السوائل على الرئة التي تعطي أعراضاً تنفسية بالدرجة الأولى. أما الأطفال الكبار فتبرز شكواهم أكثر، بشكل تعب سريع أثناء اللعب وعدم قدرتهم على مجاراة أقرانهم وحاجتهم المتكررة لاستراحة طويلة بعد عودتهم من المدرسة. والخطوة الأولى في تشخيص المرض عند الطفل، تبدأ بالفحص السريري، الذي يختلف حسب عمر الطفل، فمثلاً في سن المواليد قد تكون نوبات الزرقة وضيق النفس أو حتى الصدمة هي الأعراض البارزة بغض النظر عن وجود أو غياب لغط قلبي ويلاحظ بعد اختلاف لون الجلد والأغشية المخاطية، وبطء نمو الطفل. إضافة إلى فحص القلب لسماع أصوات إضافية أو نغمة قلبية أو اختلاف في شدة أصوات القلب أو سماع أصوات لا تسمع عادة عند الطفل الطبيعي. ويجب ألا ننسى التأكيد على سرعة النبض وقياس ضغط الدم الشرياني وقياس ضغط الدم كإجراء روتيني لكل طفل يزور عيادة الأطفال بصرف النظر عن شكواه الأصلية، لأن هناك كثيراً من أمراض القلب التي يكون مفتاح كشفها خاصة في سن المدرسة هو الخلل في قيمة الضغط الشرياني الانقباضي والانبساطي ونسبتها لبعضها. أما الخطوة التشخيصية الثانية، فهي الاستعانة بتخطيط القلب الكهربائي مع صورة شعاعية بسيطة للصدر، وإجراء سونار للقلب الذي يعطي في الحقيقة التشخيص الدقيق والنهائي. وهي تختلف حسب نوع المرض وعمر المصاب. إن الاتجاهات الحديثة في العلاج تميل للابتعاد عن الجراحة ومحاولة إغلاق الثقوب الولادية من خلال القسطرة القلبية وتصوير الأوعية أي من دون شق جراحي، كإغلاق القناة الشريانية والفتحة بين الأذينين. وفي الآونة الأخيرة كان هناك كثير من المحاولات الناجحة لإغلاق الفتحة بين البطينين أو مثلاً توسيع الشرايين المتضيقة بالبالون من خلال مسبار يدخل للقلب من خلال عملية تصوير الأوعية من دون أي شق جراحي. ولا بد من التأكيد على أهمية الفحوص الدورية للأطفال بالنسبة لهذه الأمراض (أمراض القلب لسن الطفولة)، والحقيقة أن هذه الفحوص تبدأ في عمر الجنين، لذا ننصح الأم الحامل بإجراء (سونار) للجنين داخل الرحم للكشف عن أي عيب ولادي في هذا العمر المبكر، لأنه كما ذكرنا أحياناً يمكن البدء بالمساعدة الطبية حتى داخل الرحم للحصول على جنين بنمو جيد يتحمل الإجراءات العلاجية مستقبلاً. ثم إن الفحص الدوري للأطفال الذين في سن الدراسة، يتطلب معايرة وقياساً لمعدل شحوم الدم على الأقل مرة كل خمس سنوات لأطفال العائلات السليمة، لكن بفترات متقاربة أكثر عند العائلات التي تكثر فيها أمراض قلب إكليلية في سن مبكرة: سكري، ارتفاع في الضغط الشرياني، أو حتى عندما يكون النظام الغذائي والصحي للعائلة غير مراقب، كأن تكون هناك بدانة مع الإكثار من الدهنيات والشحوم وعدم متابعة النشاط الرياضي البدني، وزيارة الطفل لعيادة الأطفال. من ناحية أخرى، من الضروري زيارة عيادة الأطفال بفواصل زمنية متقاربة في السنة الأولى من العمر، ليس فقط لمراقبة النمو وإعطاء التطعيمات الأساسية، إنما أيضاً لملاحظة ظهور أي علامات جديدة لم تكن موجودة سابقا، مثل نفحة قلبية وتغير لون الجلد أو الأغشية المخاطية ولأن هذه الموجودات قد تكون الخطوة الأولى لتشخيص أي إصابة قلبية لم تكن معروفة سابقاً. وهنا نؤكد مرة أخرى على ضرورة إجراء قياس للضغط الشرياني عند الأطفال كروتين أساسي، اعتباراً من السنة الثالثة من العمر حتى عندما يراجع الطفل لشكوى مرضية عادية، لأن هذا الإجراء البسيط قد يكون مفتاحاً يكشف مرضاً قلبياً خطيراً قابلاً للعلاج عند الطفل، قبل أن تتفاقم الأمور وتسبب تضخماً في القلب وتأثيراً في وظيفته.