يشهد سوق الإبل في الرياض انتعاشاً كبيراً، خلال هذه الفترة التي تتزامن مع عودة القطعان من رحلة الشمال بحثا عن الكلأ، كما يشهد السوق تجمعات نسائية أرجعها متعاملون إلى اضطرار عدد من مالكات الإبل الأرامل إلى متابعة أحوال إبلهن، واكتساب الخبرة. فيما تسيطر العمالة الوافدة على عمليات النقل الداخلي والخارجي وعلاج الإبل المريضة. وقد تجولت” الشرق” في سوق الإبل الواقع على طريق القادمين من الدمام والأحساء، لرصد ما يحدث داخل أسواره، وأفاد البائع أبو نواف أن شح الربيع والمراعي في المواسم الأخيرة، أدّى إلى اللجوء للأعلاف والشعير وهي مكلفة، لحاجة الجمل الواحد إلى كمية نصف كيس كامل يوميا، لذا يحاول ضعاف الحال التخلص ولو من جزء من حلالهم، لتوفير طعامها. مزادات يومية وتبدأ المزادات اليومية وسط السوق بشكل ساخن تعلو فيه أصوات مكبرات الصوت ومزايدات الوسطاء، إذ نجد جمالا خاصة للتملك والمباهاة ومنها السود والحمر والمجاهيم والشقر والوضح، ويذكر مصلح ربيع في الخمسين من عمره، أن أسعار الجمال تختلف حسب سلالاتها ومهامها، فهناك إبل الركوب، وأخرى للحليب، وثالثة للأكل، وإبل السباقات ” الريس ” وإبل المزاين، فتلك لها حكاية خاصة، وأسعارها باهظة، تقدر بالملايين من الريالات، فهي لملاك معروفين. التحميل والعلاج وتكتظ على جنبات السوق سيارات التحميل، ويذكر أحد السائقين أن المشوار داخل المملكة حسب المناطق، وحسب عدد الجمال المحملة، كما أن هناك رحلات يقومون بها لنقل الجمال إلى خارج المملكة، وتحديدا إلى دولتي قطر والإمارات، خاصة في مواسم مسابقات مزاين الإبل، ويعد متوسط تكلفة المشوار مابين 500 ريال للمشوار القريب، و سبعة آلاف ريال للمشاوير الدولية . وأوضح عاصم سيد “عامل” الذي يعالج الإبل المريضة، التي يصطحبها ملاكها من مواقع عديدة، أن السوق يكتظ بالإبل، لإجراء المعالجات والكي أوالتداوي لها ببعض الأدوية المعروفة، والمتوارثة، مضيفا أنه يحمل خبرة خمسة عقود من معايشة الجمال بأنواعها، جعلته يلم بطرق العلاج، حتى بالأدوية البيطرية الحديثة التي تجلب من الصيدليات الخاصة . إرث أو إهداء ولأن الإبل ترتبط كثيرا بموروثنا في الجزيرة العربية ، نجد تملكها والعناية بها ليس حكرا على الرجال، بل المرأة أيضا كان لها نصيب من هذه الثروة، ومن الملفت للنظر كثرة رواد السوق من السيدات، اللواتي لم يأتين للفرجة أو للنزهة بل جئن للاكتشاف ونيل الخبرة، فمن النساء من تملك عددا من الرؤوس التي ربما آلت إليها بالإرث أو الإهداء. وتذكر السيدة عطفة أن المرأة وإن لم يسمح لها المجتمع بقيادة السيارات، فهي تلم بقيادة الإبل، وتملك خبرة في رعيها، والعناية بها، فهي كما تقول تملك حلالا مورّثاً لها من والدها، ومن زوجها، وتعيش من خير الحلال، كما أن لديها عمالة تساعدها، ففي الإبل خير كثير كما تقول، ولكن الأرامل مضطرات لمتابعة أمور حلالهن بأنفسهن.