فيصل بن مشعل يزور القضاة والمشايخ    أمير المدينة يستقبل المهنئين بشهر رمضان    آثر من حدائق الإنسانية    أمير جازان يستقبل منسوبي الامارة المهنئين بشهر رمضان المبارك    الذهب يرتفع بفعل ضعف الدولار.. والأسهم الآسيوية تكسب بحذر    صندوق الاستثمارات العامة وجولدمان ساكس لإدارة الأصول يوقعان مذكرة تفاهم    الإعلام ثم الإعلام ثم الإعلام!    محلل إسرائيلي: حكومة نتنياهو تتصرف بشكل مغامر في جميع الجبهات    مجلس التنفيذيين اللبنانيين يعلق آمالاً كبيرة على نتائج زيارة الرئيس اللبناني    جيسوس: نتطلع للعودة بنتيجة إيجابية    البكيرية يستضيف أحد.. وأبها يلاقي الحزم.. والعدالة أمام الجبيل    جوازات جدة تستقبل رحلات المعتمرين خلال رمضان    أمير الشرقية يستقبل سفير طاجيكستان.. ويطلع على أهداف "مقتدر"    أسعد بشيّه في ذمة الله    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يعيد الأصالة العمرانية لمسجد الرويبة    برعاية خادم الحرمين.. الأميرة فهدة بنت فلاح آل حثلين تكرّم الفائزات بجائزة الملك سلمان لحفظ القرآن    «حماقي» يطمئن جمهوره على حالته الصحية بعد نقله إلى المستشفى    إعلامنا ما سنحققه غدًا    اعتماد أسماء الفائزين بالمسابقة المحلية على "جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن الكريم"    منظومة تشغيلية متكاملة في الحرمين الشريفين    «صم بصحة».. جهود توعوية لجودة الحياة    لصيام دون مخاطر.. إرشادات لمرضى السكري    عيضة السفياني ل «عكاظ»: عفوت عن قاتل ابني لوجه الله    علامة HONOR تكشف عن إستراتيجيتها المؤسسية الجديدة    أمانة جازان تتزين بالحلة الروحانية ابتهاجاّ بشهر رمضان    مركز الملك سلمان يدشن مشروع سلة"إطعام" الرمضاني    أمير المدينة يطلع على الخطة التشغيلية لرئاسة الشؤون الدينية    محافظ الخرج يشارك رجال الأمن وجبة الإفطار في الميدان    هل تواصل أسعار تذاكر الطيران الارتفاع في 2025 ؟    القادة العرب يبدأون بالتوافد على القاهرة لحضور القمة الطارئة    مَارَسَ الاحتيال.. «الفنانين العراقيين»: إيقاف مسار الحجامي 6 أشهر    رغم الأزمات.. كم إنفاق الألمان على رحلات السفر ؟    من «مسافر يطا» إلى «هوليوود».. فلسطين حاضرة في منصة تتويج «الأوسكار»    محكمة مصرية تقضي بحبس مرتضى منصور 6 أشهر بتهمة سب محمود الخطيب    أمير القصيم يستقبل العساف بمناسبة تكليفه محافظًا للرس    تحديد مدة غياب كانسيلو عن الهلال    مباريات الهلال من دون جواو كانسيلو    لماذا استقال مساعد الرئيس الإيراني ؟    رابطة دوري روشن توضح: الأندية هي المعنية بتحديد أسعار تذاكر المباريات التي تستضيفها    مبادرة ل «مكافحة التستر» لتمكين الامتياز في نشاط صيانة السيارات    المملكة تحيي ذكرى «يوم شهيد الصحة»    5 مطارات تتصدر مواعيد الرحلات    أمطار رعدية على مناطق المملكة حتى يوم الجمعة المقبل    في ختام الجولة 23 من دوري روشن.. الاتحاد يسقط في فخ التعادل أمام الأخدود    إغلاق طريق كورنيش جدة الفرعي والطرق المؤدية حتى نهاية أبريل    السجن ل «حمو بيكا» بتهمة حيازة سلاح    جرائم الاحتلال تتواصل.. 4 شهداء وإصابات في غزة    السلمي يحتفل بيوم التأسيس مع "التوفيق" لرعاية الأيتام    المواطن رجل الأمن الأول في مواجهة الإرجاف    بدعم القيادة.. تدشين حملة «جود المناطق 2»    رمضان وإرادة التغيير    تصحيح فوضى الغرامات وسحب المركبات في المواقف    سرطان المريء في بريطانيا.. لماذا تسجل المملكة المتحدة أعلى معدلات الإصابة في أوروبا؟    بر سراة عبيدة توزع 1000 سلة غذائية    أُسرتا كيال والسليمان تتلقيان التعازي في فقيدهما    3500 قطعة أثرية تحت المجهر    جزر فرسان عبادات وعادات    الصميدي يتبرع لوالدته بجزء من كبده وينهي معاناتها مع المرض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التاريخ.. بين التقديس والسخرية

نحن انعكاس لمن جاؤوا قبلنا، وسنكون امتداداً لمن سيأتون بعدنا، ومسألة عزل التاريخ عمَّن صنعوا لنا التاريخ ضحك على الذقون، بحجة أننا ضد مسألة التقديس، غافلين عن السماح أو فتح الباب على مصراعيه لموضوع السخرية بالتاريخ من باب أن «لا شيء مقدس»، وهذه الكلمة كلمة حق أريد بها باطل، وفي المقابل إن رفض النقد الموضوعي لتجاوزات السابقين لا يعني رفضهم بالمطلق، وأمام هذين المتناقضين تكمن مشكلة أكثر الناس.
التاريخ ليس حالة مجردة يأتي بشكل هلامي، بل لا يمكن أن يكون هناك تاريخ ما لم يكن هناك بشر صنعوا لنا الأحداث، وكانوا جزءاً منها رفضاً وقبولاً، وتأثروا أو أثّروا بمجريات تلك الأحداث سلباً وإيجاباً، ولا يمكن بحال من الأحوال عزل العنصر البشري عن الزمان المحيط به، أو اقتلاعه من المكان الذي كان يسير عليه أو يقيم فيه، فالزمن امتداد للمكان والمكان اتجاه للزمن، وهذه الحالة حالة فلسفية ليس هذا المكان مجالاً للحديث عنها.
مسألة التعامل مع التاريخ والنظر لرجاله من باب «تلك أمة لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت» هو المنهج الصحيح، حيث لا يكون فيه تقديس محض ولا سخرية مطلقة، بل ندرس التاريخ ونستفيد منه، دون الشتم لمن سبقونا أو الاستهزاء بهم في أضيق الأحوال، وليس كذلك التقديس الموصل للعبودية للرجال الذين سبقونا في صناعة أحداث التاريخ.
هذا الكلام لا يعني الانسلاخ من الزمن وترك قراءة التاريخ، بل الطبيعي قراءة التاريخ وتمعّنه، فالتاريخ قد يعيد نفسه، وإن لم يُعِد نفسه فمن المحتمل أن الأغبياء يرتكبون نفس الأخطاء، فالحاضر انعكاس للماضي، والمستقبل لِمَا يحصل على أرض الواقع، وقد قال أحد المفكرين الفرنسيين -لا يحضرني اسمه الآن- «لكي تفكر سياسياً بشكل سليم يجب أن تقرأ تاريخياً بشكل سليم»، لكن الصفريين من الناس لا يمكنهم الاستفادة مما يقرأون في حال قراءتهم، لأنهم يريدون كل شيء وفق ما يتخيّل في الذاكرة الفردية التي صنعوها بأنفسهم لأنفسهم، لهذا تجدهم يقدسون كل شيء جاء من السلف، حتى إنهم ربطوا هذه الكلمة بكلمة أخرى، فجاءت متلازمة معها «السلف الصالح»، لذا لا يقبلون كل نقد ويرفضون كل تفكير يتعارض مع ما رسموه في المخيلة لهذا «السلف الصالح»، وفي المقابل نجد أقواماً رفضوا هذا النمط في التفكير، فانقلبوا للضفة الأخرى من النهر، فصاروا لا يقدسون التاريخ أو يتعاملون معه بموضوعية فحسب، بل أصبحوا يسخرون منه وممن صنعوه بحجة أن (لا شيء مقدس)، لهذا صاروا يصغّرون حتى العظماء الكبار بحجة هذا الغرض، وكلا الطرفين من أصحاب التفكير «الصفري» الذين يريدون كل شيء إما مائة في المائة أو صفر في المائة.
الحب المفرط جعل بعضهم يقفز على الحقائق ولا يقبل المناقشة، والسخرية الخارجة عن المعقول جعلت أصحابها لا يؤمنون بالموضوعية أو يعترفون بالمنهجية العلمية للتفكير، وهذه الحالة تنطلق من أن المقدسين لا يقرأون إلا لمن يريدون تغذية هذا الشعور المتنامي في النفوس المعجبة دون انضباط بكل شيء قادم من التاريخ، وفي المقابل إن المنحرفين للسخرية لا يريدون أن يعرفوا إلا الأخطاء والعيوب، ولا يحرصون على قراءة أي شيء إلا ما يكتبه المخالفون بحجة البحث عن الصورة المخبّأة الموجودة في عيون الآخرين، لهذا يتمادون في مجال التشكيك في الأسماء والمواقف، وربما يتطاولون على الرموز بحجة النقد الموضوعي والتفكير العلمي المجرّد -ومن المعروف بداهة أن لكل أمة رموزها ورجالها ومواقفها التاريخية المفصلية- لكن تحت مظلمة الموضوعية تبدأ سلسلة لامتناهية من الشك والتهميش والتقليل من شأن حركة التاريخ.
التقديس والسخرية في التاريخ عاملان منفران للنفس السليمة من الاهتمام بالتاريخ، فالمقدس يرفض مناقشة الأخطاء ويعمل على تعظيم كل شيء جاء به الزمن، وهناك من أطلقوا على الزمن مقولة «الزمن الجميل»، وفي هذا الكلام استسلام لهيمنة التاريخ على النفوس، أما أصحاب مبدأ السخرية فقد تمادوا بالهروب من ماضيهم وماضي أسلافهم، فأصبحوا كالقشّة التي تتقاذفها الأهواء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.