سياسة النفط مقابل الغذاء التي استخدمتها الأممالمتحدة مع العراق بعد غزو الكويت، هي فكرة موجودة في بيت كل عائلة ولكن العناصر المستخدمة تختلف حسب المقابل فمثلا (إذا قعدت عاقل، آخذك مدينة الألعاب)، (إذا ما عملت شقاوة، آخذك البقالة)، في كل معناها هو احترام الشرط وتأديته ويحصل بعدها المكافأة أو المتفق عليه. حين يسافر السعوديون إلى الخارج تجدهم يحترمون كل قوانين البلد سواء كان البلد عربياً أو غربياً، فالحفاظ على الممتلكات العامة أو ممتلكات الآخرين حق تكفله الدولة من كل مخرب أو مخربة سواء كان مواطناً أو مقيماً، فتلك الدول تستخدم تلك القاعدة التي استخدمها ومازال يستخدمها الوالدان على أبنائهما فالاحترام لما تقوم الدولة أو الشركات بتقديمه ينتج عنه مقابل وهو الرفاهية، الاحترام يشمل المحافظة على ممتلكات الدولة التي هي للشعب وممتلكات الآخرين؛ لذلك في كل مرة تذهب تجد هناك تغييراً وتطوراً في مساحاتها وعمرانها وسياحتها. من أكثر الدول التي تستقطب السعوديين أسبوعياً بكل توجهاتهم حتى في عطلة نهاية الأسبوع نجدهم في دبي وتحديداً بالقرب من النافورة الراقصة التي تتمايل بأسلوب فني مع موجات الموسيقى ترفع لها الكاميرات والأعين، ومع ذلك لم نسمع أن أحداً (قطع سلكاً) أو قطع ضخ المياه لتلك النافورة كي لا تغري العامة بتمايلها. سأبتعد عن الأمثلة العربية، وأذهب للدول الغربية؛ حيث إن ساحاتها ملك للشعب، وللجميع حق الاستمتاع بالمكان طالما أنه لا يؤذي الآخرين، هناك من يعزف على الجيتار والبيانو والدرامز، والبعض أعلن عن مواهبه وصنع آلته الموسيقية من خلال (سطل زبالة) يقوم بالعزف عليه وكأنه طبلة، والآخر جمع زجاجات الحي ووجد سلماً موسيقياً فيها، وكل ذلك يحدث في باحات عامة يستوقف المارة الذين منهم من يتفاعل بالتصفيق، ومنهم من يتفاعل بالرقص، وآخرون ممن لا يعجبهم يمرون مرور الكرام، لم أشاهد خلال فترة ابتعاثي في كندا أن أحداً اعتدى على معداتهم بحكم أنها غير موسيقية وأنها مزعجة أو أنها لا تعجب مزاجهم أو توجهاتهم. لولا هذه الثقافة (الاحترام) لما بنيت هذه الدول؛ فاحترام القانون واحترام الآخر ينشأ عنه مزيد من الاستقرار، والاستقرار يولد رفاهية. حادثة قطع سلك سماعة أظهرت عدم الاحترام لملكية الآخرين للمكان، ليس فقط في من قطعت سلك السماعة وإنما يشمل أولئك الذين عرضوا الأموال مكافأة لها، وبالتالي لن يكون هناك أي اعتبار لملكية عامة، وفرصة الرفاهية تكون ضعيفة ومعدومة. مازال الاحترام للآخر والقانون مفقوداً أو بمعنى أدق معدوماً تماماً، بمعنى أن عديمي الاحترام لا يستحقون رفاهية طبقاً لسياسة النفط مقابل الغذاء. إتلاف ممتلكات العامة أو ممتلكات الآخرين يعاقب عليه القانون في عرف دول العالم المتقدم، وأيضا يعاقب من يظهرون التعاطف معهم، الخطوة المنتظرة بعد هذا الفعل هو إصدار قانون واضح صريح بالعقوبات خصوصا بعد وجود قطيع مؤيد بقوة لما فعلت، دليل على أن عدم وجود رادع سيجعلنا نرى مثل هذه الأفعال في المرات القادمة، بالإضافة إلى أننا مقبلون على رؤية سياحية، وهذا الفعل سيقصي السياحة من حساب الدخل العام إذا ما أردنا الرؤية أن تكون واقعاً.