في الأسبوع الماضي اختتمت فعاليات النسخة العاشرة من سوق عكاظ التاريخي حيث افتتحه بالنيابة عن الملك سلمان بن عبدالعزيز صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكةالمكرمة ورئيس اللجنة الإشرافية لسوق عكاظ، في أجواء بهيجة يكسوها الفرح المُحلّى بالجمال على أرض الطائف المأنوس التي تحتفي بالأدباء والمفكرين والمثقفين كل عام. الحقيقة أن سوق عكاظ في موسمه العاشر سرق الأضواء ببرامجه وضيوفه نتيجة للتجديد في دماء المشاركين وإعطاء مساحة كبيرة للشباب الذين التقى بهم أميرهم الشاب خالد الفيصل، في الوقت ذاته كانت جادة عكاظ تكتظ بالزوار من الداخل والخارج، وهم يشاهدون العروض الفنية والمسرحية ومسابقات الخيل والهجن والألعاب الشعبية المختلفة. لم تقتصر جوائز عكاظ على الشعر فقط، بل تعدته إلى جوائز أخرى للخط والفنون التشكيلية، وريادة الأعمال وغيرها من الجوائز التي يتنافس عليها المتنافسون سنويّاً، وتم استحداث جائزة للرواية هذا الموسم، وكانت الطريقة جميلة ولافتة في تسلم هذه الجوائز حيث تمت بمشاركة عدد من الأدباء والمثقفين العرب ضيوف سوق عكاظ. كنا ننادي دائماً بإعطاء الشباب فرصة للمشاركة في الإعداد والتنظيم والتقديم فهم عدة الوطن وعماد المستقبل، وقد أحسن المنظمون صنعاً في هذا الموسم حيث أعطيت مساحة كبيرة للشباب، ففي الجادة يقف أحفاد النابغة يتحدثون عن الشعر والنقد والدراسات العميقة، وفي خيمة عكاظ يجلس الشباب مع أميرهم الذي فتح صدره لهم واستمع إلى أطروحاتهم ونقاش قضاياهم، وفي المسرح كان محمد عبده أستاذاً كما هي عادته عندما يعتلي المسرح، وأثبتت ليالي عكاظ أن شبابنا متلهف إلى المسرح السعودي وعودته إلى سابق عهده قبل اختطافه مرة أخرى، ولأن سوق عكاظ يؤدي رسالة عظيمة أتمنى أن يستمر في توهجه عاماً بعد عام، ولنا أمل ألا يرتبط الفعل الثقافي بالأشخاص، وأن تكون الأنشطة القادمة من خلال مؤسسة خاصة تعنى به حتى نضمن استمراره. لقد سجل سوق عكاظ في موسمه الحالي رقماً قياسيّاً من حيث عدد الزوار حسب الإحصاءات الرسمية، وسجلت أكاديمية الشعر لفتة جميلة تجاه بعض الأسماء الشابة حيث حظيت دواوينهم الشعرية بالطباعة كأول نتاج للأكاديمية في مشاركتها الأولى. تسعدنا المناسبات الأدبية والثقافية والملتقيات والمهرجانات التي تقام دوريّاً في بلادنا بما فيها من حراك جيد يثري الساحة، لكنَّ شيئاً لافتاً يكدر صفاء هذه البرامج، وأحد أهم هذه المكدرات الشكوى من توزيع الدعوات، فهناك من يشكو عدم وصول الدعوة إليه، وهناك من يشعر بالتهميش، مع أن عدداً من الأسماء يتكرر حضورها في كل فعالياتنا الفنية والأدبية والثقافية، ما يجعل المتلقي يشعر بالملل من تكرار تلك الوجوه، فما المانع من وضع ضوابط معينة ومقاييس مقننة للمشاركات في الفعاليات الثقافية، وإنشاء قاعدة بيانات للضيوف المدعوين من الداخل والخارج ليتم الاختيار منها؟.