انتقد اقتصاديون ما تطرق له وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي في منتدى جدة الاقتصادي، عندما قال: إن المملكة تواجه في الوقت الراهن تحديات محلية، أولها: الاعتماد المستمر على البترول في إيرادات الدولة، وبسبب التقلبات التي يصعب التنبؤ بها، وذكر أنه من غير المناسب الاعتماد على البترول إنتاجاً وتصديراً كأساس للدخل الوطني، في حين أن التحدي الثاني يتمثل في الزيادة المستمرة في عدد السكان مع ارتفاع مستوى طموحاتهم، الأمر الذي يتطلب استمرار النمو الاقتصادي، أما التحدي الثالث فيتجسد في كيفية التوسع في الصناعات والأنشطة الثانوية والقيمة المضافة”، وقال عضو مجلس الشورى الدكتور إحسان بوحليقة إن “استراتيجية تنويع الاقتصاد هي محل جذب مستمر منذ أكثر من أربعين سنة وحتى الآن، وبالتالي فإن هذا الكلام ليس به أي جديد”. وأضاف أن “ما بيّنه الوزير لا يخرج عما تناولته الخطة الخمسية التاسعة والمنظور الاستراتيجي للمملكة العربية السعودية في تنويع الاقتصاد السعودي، فهو ضرورة ومطلب بالنسبة للاقتصاد الوطني، وذلك لتخفيف الاعتماد على النفط”، مشيراً إلى أن “التنويع تحدٍ كبير وليست كلمة سحرية”، قائلاً “حتى نحقق التنويع لابد من الاعتماد على اليد العاملة المواطنة بوتيرة متصاعدة، فهي تعتبر أهم مدخل لمستلزمات الإنتاج في كافة القطاعات سواء الصناعية أو غير الصناعية”، مستنكراً تزايد وتيرة الاستقدام في العام الماضي، التي تجاوزت مليوناً ومائة ألف تأشيرة”، واصفاً ذلك بأنه “يتعارض مع التنويع تعارضاً أكيداً”. استطرد “بو حليقة” قائلاً: “ولكن كون الاقتصاد السعودي ما زال يسعى إلى التنويع، فإن هذا لا يعني أنه لم يحدث تنويع، فمرتكز التنويع هو الصناعة، الأمر الذي جعل المهندس النعيمي يذكر ذلك في منتدى صناعي”. وتابع “إن الصناعة هي الخيار الاستراتيجي لتحقيق استراتيجية التنويع في المملكة، وقد لاحظنا في العام الماضي، أن قطاع الصناعة التحويلية نما بما يزيد على 15%”. وأفاد أن “التنويع سيتحقق من خلال إيجاد وتنمية ونمو قطاعات غير نفطية، ذلك أنه عندما يرتفع سعر البترول إلى مستويات عالية، فإنه يؤثر على مجمل الاقتصاد، مما يؤدي إلى وجود هيمنة ليست اختيارية على الاقتصاد ناتجة من زخم الإيرادات النفطية”. القحطاني: كوريا الجنوبية سبقتنا بمراحل وتفوقت علينا د. محمد القحطاني أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور محمد دليم القحطاني: أن حديث المهندس النعيمي يعني ذلك شعوره بوجود مشكلة، قائلاً إن “النفط على قمة الهرم، وهو مصدر تعتمد عليه الدولة بنسبة كبيرة، وأستطيع القول إنه من خلال خبرات المهندس النعيمي وزياراته المتكررة لدول صديقة ومتقدمة، لاسيما الدول التي كانت في يوم من الأيام أقل من المملكة، وأصبحت الآن ذات اقتصاد معرفي وقوي جداً مثل كوريا الجنوبية، نفهم أن النعيمي يحذر من خطأ ما في الاقتصاد السعودي”، مضيفاً أن “هذا ما نطالب به منذ زمن، وهو إعادة هيكلة الاقتصاد السعودي”، مشيراً إلى أن “وزارة الاقتصاد والتخطيط هي المعنية بوضع الاستراتيجيات، كما أن دورها يكمن في كونها الوسيط التنسيقي والمتابع والمراقب لما يصدر من المجلس الاقتصادي الأعلى، إلاّ أنها غائبة عن هذا الدور”. أبانمي: زيادة عدد سكان المملكة قد يقلص صادرات النفط مستقبلاً د. راشدأبانمي يرى الخبير البترولي الدكتور راشد أبانمي أن وزارة البترول والثروة المعدنية يقع على عاتقها الشيء الكبير، كون النفط يمثل حوالي 90% من دخل المملكة، أي أن مصير السعودية مرهون بوزارة البترول، وهو الأمر الذي يجعل المهندس النعيمي يشعر بالمسؤولية ويحاول تبرئة ذمته، وعدم السكوت عن أمر ضروري كتنويع الدخل”. وأضاف أن “الاستهلاك الداخلي للنفط في ازدياد مستمر، الأمر الذي سيؤدي في نهاية المطاف إلى نقص التصدير للخارج، فهي عملية عكسية، كما أن عدد السكان سيزيد إلى أن يصل إلى درجة لا نستطيع معها تصدير النفط لتلبية احتياجاتنا الأخرى”. وأوضح أبانمي أن “المشكلة لا تقتصر على وزارة بعينها، إلاّ أن وزير البترول ينبِّه إلى مشكلة كبيرة يتحتم فيها اتخاذ الخطوات الاستراتيجية لتنويع مصادر الدخل”، مبيناً أنه من الصعوبة تطبيق استراتيجية تنويع مصادر الدخل، فمنذ 45 سنة ونحن نردد بضرورة تنويع الدخل دون أن نتخذ خطوة استراتيجية في ذلك”.