نجا محافظ عدن أمس الجمعة من محاولةٍ جديدةٍ لاغتياله هي الثالثة منذ مطلع العام، في وقتٍ واصلت قوات الشرعية تقدُّمها في جبهة نهم شرقي صنعاء. سياسيّاً؛ جدَّد الوفد الحكومي المفاوِض، خلال اجتماعٍ استثنائي مع الرئاسة، تحفظه على العودة إلى مفاوضات السلام التي تستضيفها الكويت؛ إلا بعد تقديم الانقلابيين ضماناتٍ مكتوبة. وأعلن مسؤولٌ أمني في العاصمة المؤقتة عدن«جنوب» أن المحافظ، عيدروس الزبيدي، نجا من اعتداءٍ انتحاري جديدٍ بسيارةٍ مفخَّخة. ولفت المسؤول إلى تورط تنظيم القاعدة الإرهابي. وصرَّح قائلاً «المحافظ خرج سالماً من هجومٍ على موكبه في حي الإنماء غربي مدينة عدن»، في حين أصيب 3 من المرافقين بجروح. وشهِدَت المدينة، خلال الأشهر الأخيرة، سلسلة هجماتٍ استهدفت مسؤولين أمنيين. وقُتِل المحافظ السابق، جعفر سعد، في ديسمبر 2015 إثر اعتداءٍ بسيارة مفخخة تبنَّاه تنظيم «داعش» الإرهابي. وكان عيدروس الزبيدي استُهدِفَ في فبراير عندما أطلق مسلحون يُشتبَه في انتمائهم إلى «القاعدة» النار على موكبٍ كان يضمه وقائد الشرطة المحلية، لكن لم يُصَب أي منهما. وقبل شهرٍ من ذلك؛ نجا المسؤولان ذاتهما من هجومٍ على موكبهما أوقع قتيلين من حراسهما. وشنت الحكومة الشرعية مؤخراً هجوماً واسع النطاق على بؤر «القاعدة» في الجنوب، واستعادت عديداً من المناطق التي كان التنظيم الإرهابي يسيطر عليها وبينها المكلا كبرى مدن محافظة حضرموت مترامية الأطراف شرقاً. وعلى صعيد مواجهة الانقلاب؛ سيطرت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية أمس على جبلي الجروف والشهداء في مديرية نهم «شرق صنعاء» بعد معارك عنيفة، حسبما قال متحدثٌ باسم المقاومة. جاء ذلك غداة تحقيق تقدُّمٍ مماثلٍ في اتجاه جبال حلبان في المنطقة نفسها. وأفاد المتحدث باسم المقاومة، عبدالله الشندقي، بمقتل 16 من مسلحي ميليشيات «الحوثي- صالح» أثناء معارك السيطرة على جبلي الجروف والشهداء. وأشار المتحدث، في بيانٍ له، إلى سيطرة الشرعية أيضاً على مناطق وجبال محيطة بجبال يام. وبحسبه؛ فإن اثنين من أفراد الجيش والمقاومة قُتِلا في المعارك العنيفة وأُصيب 5 آخرون، فيما لايزال القتال مستمراً ضد الانقلابيين. وخلال الأيام الماضية؛ تقدمت قوات الشرعية في مديرية نهم، حيث فرضت سيطرتها على مزيدٍ من السلاسل الجبلية. إلى ذلك؛ تحدث مصدرٌ في الرئاسة اليمنية، لموقع «المشهد اليمني» الإخباري، عن اجتماعٍ استثنائي أمس كان «حاسماً» بالنسبة لعدم العودة إلى المفاوضات «إلا بعد الحصول على ضمانات رسمية من الحوثيين وعلي عبدالله صالح تفيد باعترافهم الكامل بالشرعية والقرارات الدولية وتنفيذها دون أي شروط». وذكر المصدر أن الرئيس، عبدربه منصور هادي، عقد اجتماعاً استثنائيّاً أمس في الرياض ضمَّ عدداً من مستشاريه إلى جانب أعضاء الوفد الحكومي المفاوِض «لمناقشة قرار الحكومة بشأن استئناف المشاورات». ولاحظ المصدر تطابُقاً بين موقفي الرئاسة والوفد «بالنسبة لرفض الذهاب إلى المشاورات» خصوصاً مع تصعيد المتمردين ميدانيّاً وخرقهم الهدنة مراراً على مختلف جبهات القتال، ما استدعى الرد عليهم. وكانت الوساطة الأممية حددت ال 15 من يوليو الجاري موعداً لاستئناف المشاورات. وبدأت الجلسات في العاصمة الكويتية في النصف الثاني من إبريل ولم تسفر حتى الآن عن تقدم نتيجة رفض وفد «الحوثي- صالح» الإقرار بالقرار الدولي رقم 2216. وينص القرار، الصادر عن مجلس الأمن في إبريل 2015، على سحب الميليشيات المتمردة من المدن وتسليم أسلحتها إلى السلطات الشرعية مع عودة أجهزة الدولة إلى أداء مهامها. وأمس الأول؛ أكدت مصادر متطابقة ميل الحكومة إلى عدم العودة إلى التفاوض إلا بعد تقديم ضمانات مكتوبة. وأبلَغ مصدرٌ رئاسي وكالة الأنباء الفرنسية مفضِّلاً عدم نشر اسمه «موقف الحكومة هو عدم المشاركة حتى تفي الأممالمتحدة بالتزاماتها بتنفيذ القرار 2216». واعتبر المصدر الرئاسي، الموجود في الرياض، أن على المنظمة الدولية تقديم ضماناتٍ مكتوبةٍ من الطرف الآخر يلتزم فيها بمحدِّدات المشاورات ومرجعياتها المتفق عليها. وكان المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أعلن نهاية الشهر الماضي تسليمه وفدي التفاوض خريطة طريق تنص على «إجراء الترتيبات الأمنية التي ينص عليها القرار 2216، وتشكيل حكومة وحدة وطنية». وأفاد ولد الشيخ أحمد بأن المفاوضين تلقَّوا مقترحه «لكنهم لم يتوافقوا على جدول زمني أو مراحل للتنفيذ». ويحاول الانقلابيون دفع التفاوُض في اتجاه تشكيل حكومةٍ يكون لهم تمثيلٌ فيها قبل إقرار الحل السياسي. لكن الحكومة تتمسك ب «انسحاب الميليشيات من المدن، وتسليم الأسلحة الثقيلة، وعودة مؤسسات الدولة» قبل الشروع في أي مسارٍ انتقالي. في سياقٍ آخر؛ وجَّه رئيس الحكومة الشرعية، أحمد عبيد بن دغر، بعدم إرسال إيرادات الدولة إلى البنك المركزي في صنعاء الواقع تحت سيطرة الحوثيين. وقال رئيس الوزراء إن البنك المركزي فقد حياده ووقَع تحت النهب. وأكد، خلال اجتماعٍ مع ممثلي المؤسسات المالية أمس الأول في عدن، ضرورة مضاعفة الجهود لإنقاذ اقتصاد البلاد من الانهيار. وندَّد ابن دغر باستغلال الميليشيات الموارد العامة في حربها ضد المواطنين تحت مسمى «المجهود الحربي». فيما أبدى ارتياحه لبذل المؤسسات المالية في العاصمة المؤقتة جهوداً في ظروف عملٍ استثنائية وصعبة أمنيّاً، مبيِّناً «الحكومة ستبذل كافة الجهود لتوفير السيولة النقدية للبنوك». في الإطار ذاته؛ وجَّه رئيس الوزراء بتشكيل لجنةٍ من اقتصاديين متخصصين لتقديم معالجاتٍ عاجلةٍ في شأن الموارد والسيولة النقدية وللعمل على منع الانهيار المحتمل للعملة المحلية.