يُفسر كثير من الناس نجاح أي قيادة إدارية في تنظيم وتطوير منظمة ما على أساس تحقيقها الصورة الأكثر تقدما ومثالية في ذهنهم، بغض النظر عن أي تأمل أو تحليل للمعوقات التي تحول دون هذا النجاح، وبغض النظر أيضاً عن مستوى التقدم النسبي الذي حققه هذا الإداري بالنسبة لنقطة البداية، هذا النوع من التفكير هو كما أراه أحد أهم أسباب النقد المستمر الذي تنتهجه نسبة من الصحفيين والإعلاميين عموما لأي خلل أو نقطة ضعف في أداء قيادي ما أو وزارة خدمية وغيرها، تحقيق أعلى مستويات النجاح يتطلب ظروفاً مثالية، وحينما تكون هذه المنظمة مملوءة بالفاسدين الذين يحاربون أي قائد إداري جديد، وتكون الموارد البشرية ذات الكفاءة غير متوفرة والإمكانات المادية ضعيفة، فإنَّ مهمة هذا الإداري ستكون معقدة جداً؛ لذا فتصحيح نسبة جيدة من الفساد الموجود في هذا المنظمة ربما يعتبر نجاحاً يفوق إدارة قطاع مثالي خالٍ من المعوقات والحصول فيه على نتائج متميزة.. تجاوز الظروف والتحديات هو الذي ينبغي أن يكون معياراً للنجاح. في تصوري أن تصحيح أي وزارة، شركة، نادٍ أو أي منظمة يتطلب من القيادي الإداري أولاً إعادة تقييم الطبقات الإدارية المختلفة والتأكد مما إذا كانت من الناحية الأخلاقية والعلمية والمهنية قادرة بالفعل على الإسهام معه في التصحيح أو غير ذلك، السبب هو أنَّ الغالب على المنظمات الفاسدة وجود الشللية والعصابات التي تعمل لمصالحها الشخصية فقط، يُضاف إليهم أولئك الأمناء الذين لا يفقهون من علم الإدارة شيئاً فتقودهم أفعالهم إلى خسائر تعادل ما يتسبب به الفاسدون في فسادهم، هذه الطبقات الفاسدة والجاهلة ينبغي قبل كلِّ شيء استئصالها تماماً من المنظمة، هذا النوع من القرارات لا يقبل عادةً بالحلول التوافقية الوسطى، الفاسد وغير الكفء ينبغي إزاحتهم تماماً، وحينما لا يملك القائد الإداري القوة لفعل ذلك فإنَّ هذه الوزارة أو المنظمة ستسير يوماً بعد يوم لمستويات أكثر تخلفاً من ذي قبل. تصحيح المنظمات لا يحتاج فقط لإداري قدير وكفء، وإن كان ذلك أمراً مهماً، ما يحتاج إليه هو فريق عمل كامل عوضا عن جميع الأعضاء الفاسدين والجهلة الموجودين في المنظمة من قبل، وأكاد أجزم بأن عدم فعل ذلك يشبه وضع رجل أعزل دون سلاح أمام جيش مدجج بالأسلحة والذخيرة، ما عسى أن يفعل شخص مهما كانت إمكاناته الإدارية في منظمة مملوءة بالعصابات الإدارية الفاسدة التي تعمل أكثر ما تعمل على محاربة أي وزير أو قائد إداري جديد وتسهم في إفشال خططه وتأليب الموظفين والرأي العام عليه؟!!، الكثرة تغلب الشجاعة، فمهما كان قوياً سيتكالبون عليه ويُفشلون خططه، ليس بالضرورة لأنهم فاسدون أخلاقياً فقط، بل ربما بسبب جهلهم وقلة إمكاناتهم المهنية، الجاهل كما هو معروف يخيفه كل جديد؛ لذا عادةً ما تتولد لديه نزعة من التمرد على أي قرار إداري لا يستطيع فهمه؛ لذا لا سبيل تماما للإصلاح إلا بإدارة الفريق المكتمل المتكون من المدير الأعلى وكافة مديري المستويات الإدارية الأدنى وإزاحة معظم أعضاء الفريق السابق بعد التأكد بالفعل من أنهم عناصر سلبية، أما دون ذلك فلا شك أن الفشل سيكون هو النتيجة المتوقعة لأي مشروع تصحيحي يضعه هذا الوزير أو القائد الإداري.