رغم الأجندة المقروءة لتطوير التعليم في السعودية إلا أن الواقع لا يعكس ذلك، والأسباب لا تخفى على أحد. فالتطور يحدث نتيجة علاقة عملية بين التعليمات واللوائح وبين الواقع العملي. وهذا أمر مفقود لوجود كثير من المعوقات نبدأها بوضع المعلم الذي لم يتغير حاله منذ سنوات، بل زادت أعباؤه دون أن يكون له دور حقيقي في العملية التعليمية؛ لأنه في واقع الأمر مجرد أداة تنفذ لارتباطها بجدول حصص وبتعليمات إدارية لا حصر لها وبالتزام قد يصل إلى 24 حصة في الأسبوع، وهو أمر لا يدفع لأي إبداع بل إنه يصنع أفراداً تعمل من أجل لقمة العيش لا أكثر. الأمر الثاني هو المناهج التي تطورت شكلاً إلا أن استراتيجيات التدريس كانت الحلقة الأضعف فيها؛ فالمعلم مطالب بإنهاء منهج وأنشطة منهجية وغير منهجية في وقت قصير لا يمكن أن يبتلع كل تلك المهام، وبالتالي فالطالب يأكل لكن لا يستطيع أن يهضم بل كل ما ينجزه جمع المعلومات التي تعينه على اجتياز السنة الدراسية. وفي الحلقتين الأهم في التعليم وهما المعلم والطالب تسقط جميع الحسابات لعجز البنية التحتية للتطوير. والمشكلة الحقيقية تكمن في جريان هذا النهر بكل مخلفاته رغم كل شيء. والخلاصة هي مخرجات تعليمية لا ترقى للمستوى المأمول. وبالحديث عن المخرجات فإن قيمة التعلم تكمن في القدرة على استخدام مهارات متعددة تجعل الطالب قادراً على الاعتماد على نفسه في البحث والنقد والتحليل وحل المشكلات، وهي مهارات متوفرة في المقررات الدارسية إلا أن تفعيلها بالشكل المطلوب صعب لعدم توفر مناسبة تطبيقها قياساً للوقت المتاح في زمن الحصص الدارسية. ولا أعتقد أنه سيكون هناك تطوير حقيقي إن لم يرتبط ذلك بمساحة كافية لإبداع المعلم والطالب.