ينطلق العام الدراسي الجديد اليوم السبت بحزمة من المناهج الدراسية الجديدة، التي حازت على الهم الأكبر لوزارة التربية والتعليم منذ سنوات، فيما رأى البعض من المطلعين على تطوير المناهج بأنها “شكلية” وجمعها في كتاب واحد هي مجرد علامات التزيين وليست التعديل والتغيير.. بينما يرى آخرونها بأنها ترجمة لمناهج غربية لا تتوافق مع تعليمنا. وعلى الرغم من الاتجاهات المتباينة إلا أن الوزارة نفسها تؤكد أن مشروع تطوير المناهج لا يخلو من التحديات والصعوبات، التي تجابه بالتخطيط السليم والتفهم، ومن خلال تكامل العمل داخل الوزارة، وفي الميدان التربوي للتغلب على هذه الصعوبات، لهذا أعدت خطة شاملة للتغلب على هذه التحديات، وذلك بالتأهيل الجيد للمعلمين والمعلمات وإعداد خطة شاملة لتأمين الاحتياجات من التجهيزات المدرسية. ومن أبرز ملامح التطوير التي جاءت بها الخطة خفض عدد المواد الدراسية في الصف الرابع الابتدائي إلى 10 مواد بدلًا من 16 مادة وستصبح مواد الصف الخامس 10 مواد بدلًا من 18 مادة، بينما ستكون هناك 11 مادة في الصف السادس الابتدائي بدلًا من 19 مادة. “المدينة” وقفت على آراء بعض التربويين في الميدان التربوي، الذين قاموا بتدريس المناهج المطورة للرياضيات والعلوم في العام المنصرم.. حيث يقول الدكتور محمد بن عثمان الثبيتي مدير إدارة الموهوبين بتعليم الطائف: إن فلسفة تطوير المناهج تنطلق من متغيرين يتمثلان في حاجة الفرد والمجتمع ومتطلبات العصر؛ وهذان المتغيران يتطلبان وقفة جادة ومراجعة شاملة من القائمين على شؤون التربية لمضمون المناهج وللآليات والاستراتيجيات، التي سيُنفذ بها مشروع التطوير. وهذا ما أُخذ في الاعتبار عند تطوير منهجي العلوم والرياضيات -بحسب إطلاعي؛ حيث ارتكزت على تعليم مهارات التفكير العليا القائمة على التحليل والتطبيق والتركيب متجاوزة مستوى التذكر والمعرفة المجردة، كما أفسحت المجال للتعلم الذاتي كإحدى الاستراتيجيات الحديثة التي تجعل الطالب عضوًا فاعلًا ومشاركًا أساسيًا في العملية التربوية، بعد أن كان في خانة المتلقي فقط، مما يعني أن عملية التطوير لم تتوقف عند الشكل، بل تجاوزته إلى المضمون، الأمر الذي يجعلنا نتفاءل أن تسير بقية المناهج على غرار هذين المنهجين، مع ضروة أن تخضع هذه المناهج في صورتها الحديثة لمؤشرات الجودة. قد لا تختلف أهداف التطوير عن أهداف المناهج ذاتها، ولكن يكمن الاختلاف في تحديث المضمون، وتطوير آليات التدريس، والأخذ بأحدث الاستراتيجيات في عملية التعلم والتعليم بما يتواءم ومتغيرات العصر، وإعداد الفرد الفاعل لمتطلبات القرن الحادي والعشرين. ومن الصعب أن يصدر حكم -في هذه المرحلة- حول مدى تحقق أهداف تطوير المناهج؛ نظرًا لحداثة المشروع كونه في محطاته التجريبية الأولى، ويحتاج التقويم إلى فترة لا تقل عن خمس سنوات لقياس أثر هذه المناهج على مستوى الطلاب؛ لأنه كما هو متعارف من الصعوبة قياس مُخرجات التربية بسهولة في مدة زمنية قصيرة. مناهج غير قابلة للتكيف أما الدكتور جميل بن مطر السواط مشرف التدريب بتعليم الطائف فيقول: كشفت مسودة المشروع التطويري للمناهج الحالية بأن المناهج السابقة أصبحت غير قابلة للتكيف مع الظروف الاجتماعية وطبيعة العصر الحديث كونها وضعت قبل فترة من الزمن، وأنه مع الانفتاح العالمي الحالي وتزايد أعداد الطلاب والطالبات في مراحل التعليم المختلفة، وما شهده الاقتصاد السعودي من تطور كبير بالتزامن مع التطورات العالمية الهائلة في مجالات الاقتصاد والاجتماع والعلم والتقنية والثقافة، فإنه أصبح لزامًا إعادة النظر في النظام التربوي وتطويره بما يحافظ على الأصالة والقيم الثابتة والخصوصية الإسلامية. وقد جاءت المناهج الجديدة لرفع مستوى التعليم الأساسي الابتدائي والمتوسط، وتوجيهه نحو إكساب الفرد الكفايات اللازمة له في حياته الاجتماعية والدراسية والعلمية، وتحفيز ملكتي الإبداع والتفكير. ولذلك جاءت المناهج الجديدة لتساعد على تنمية المهارات الأدائية من خلال التركيز على التعلم من خلال العمل والممارسة الفعلية للأنشطة، وإيجاد تفاعل واعٍ مع التطورات التقنية والمعلوماتية المعاصرة، وإتاحة الفرصة للطلاب لاختيار الأنشطة المناسبة لقدراتهم وميولهم وحاجاتهم، وربط المعلومات والتعلم بالحياة العملية من خلال التركيز على الأمثلة العملية المستمدة من الحياة الواقعية. ويهدف المشروع إلى وضع استراتيجية توفير مناهج تربوية تعليمية متكاملة ومتوازنة، ومرنة ومتطورة تلبي احتياجات الطلاب، ومتطلبات خطط التنمية الوطنية، واحتياجات سوق العمل. ويتطلب لإنجاح هذا التطوير التهيئة الميدانية لمستجدات واستراتيجيات المشروع الشامل لتطوير المناهج الدراسية، الذي سيبدأ تطبيقه هذا العام، وتوفير متطلبات تنفيذ الخطط الدراسية الجديدة في المشروع، والتواصل مع الإدارات ذات العلاقة في جهاز الوزارة، والمشاركة الفاعلة في تقويم مرحلة التعميم التجريبي للمشروع. والمطلع على مسودة النظام الأساسي للمشروع الشامل لتطوير المناهج، التي يرى أنها انطلقت استجابة لمتطلبات التنمية وإنمائها لمواكبة حركة النمو العالمية، التي تجتاح جميع المجتمعات في المجالات العلمية والتقنية والاقتصادية والاجتماعية عبر إحداث نقلة نوعية عالية الجودة في تطوير التعليم عامة والمناهج خاصة. وأكدت المسودة أنه بعد دراسة واقع التعليم تم التوصل إلى ضرورة التطوير، الذي يراعي تلبية حاجات المتعلمين والمجتمع، والتهيئة لسوق العمل عبر تطوير العملية التعليمية بجميع عناصرها من مناهج ومعلمين، واستراتيجيات تدريس وبيئة تعليمية تقنية بما يتناسب مع التقدم العلمي والتحولات الاجتماعية والاقتصادية، والتغيرات العالمية وإدخال تنمية مهارات التفكير والحياة في إطار القيم والثوابت التي نصت عليها سياسة التعليم في المملكة. وأوضحت المسودة أن الأهداف العامة للمشروع الشامل لتطوير المناهج تتضمن إدخال القيم الإسلامية والمعارف والمهارات والاتجاهات الإيجابية اللازمة للتعلم وللمواطنة الصالحة والعمل المنتج، والمحافظة على الأمن والسلامة والبيئة والصحة وحقوق الإنسان إلى المناهج، وكذلك مهارات التفكير وحل المشكلات والتعلم الذاتي والتعاوني والتواصل مع مصادر المعرفة. ولذلك نستطيع أن نؤكد أن المناهج الجديدة جاءت لرفع مستوى التعليم الأساسي الابتدائي والمتوسط، وتوجيهه نحو إكساب الفرد الكفايات اللازمة له في حياته الاجتماعية والدراسية والعلمية، وتنمية المهارات الأدائية من خلال التركيز على التعلم من خلال العمل والممارسة الفعلية للأنشطة، وإيجاد تفاعل واع مع التطورات التقنية والمعلوماتية المعاصرة، وإتاحة الفرصة للطلاب لاختيار الأنشطة المناسبة لقدراتهم وميولهم وحاجاتهم، وربط المعلومات والتعلم بالحياة العملية من خلال التركيز على الأمثلة العملية المستمدة من الحياة الواقعية. وأضاف الدكتور السواط أن المناهج الجديدة اعتمدت تلبية حاجات الطلاب العقلية والنفسية والجسمية، وحاجات المجتمع والتنمية وسوق العمل، وتميزت بتحقيق التكامل بين المناهج والأنشطة التعليمية، وأنه استُند في بناء المناهج الجديدة على نظام سياسة التعليم في المملكة أولا، ثم الاتجاهات والتجارب العالمية المعاصرة، ونتائج التقويم الشامل والتجارب الدولية والبحوث والدراسات. تدريب المشرفين التربويين ويأتي التطبيق لهذا العام على مختلف مدارس المملكة بعد 3 سنوات من التجريب والتقويم والتطوير والتدريب، وأن الفترة المقبلة ستشهد تدريب المشرفين التربويين والمعلمين على آلية البدء في تطبيق المشروع التطويري، الذي سينطلق تدريجيًا العام المقبل في الصفوف الأول والرابع الابتدائيين والأول المتوسط، ليتدرج بعد ذلك ليشمل بقية الصفوف خلال عامين. ويقول الأستاذ يحيى العامري مشرف الرياضيات بتعليم الطائف: أصبح التغيير ضروريًا وخيارًا استراتيجيًا لجميع مناهج التعليم العام، وبالتحديد مناهج العلوم والرياضيات. ولا شك أن التغيير الحالي للمناهج لم يكن من أجل التغيير فقط، ولكنه كان وفقا لعدة مبررات منها: الرغبة في مواكبة التطور في مجالي الرياضيات والعلوم والمستجدات في مجال تصميم المواد التعليمية واستراتيجيات تدريسها وتقويمها بما يتلاءم مع المعايير العالمية والنظريات التربوية الحديثة، وتوفير بيئات تعلم مشجعة على تحقيق مستويات جودة عالية وتحسين مستويات تحصيل الطلاب وتوظيف التطور التقني في الاتصالات والمعلومات في هذا المجال، ورفع مستوى تحصيل طلابنا وطالباتنا في مادتي الرياضيات والعلوم ليتسنى لهم منافسة أقرانهم على المستوى العالمي. مع الاستفادة من الخبرة العالمية والتوجهات المعاصرة في إحداث نقلة نوعية في المناهج، من حيث الإعداد العلمي وأسلوب العرض واستخدام التقنيات الحديثة. كما أنه تم تصميم وبناء مناهج الرياضيات والعلوم الطبيعية، على المعايير العالمية وآخر ما توصلت إليه الأبحاث في مجال صناعة المناهج والمواد التعليمية، في الوصول إلى فهم عميق للمادة العلمية، وبناء مفاهيم جديدة وحل المشكلات، وابتكار وتطوير المنتجات، والاتصال واستخدام التقنية وفق المعايير العالمية لتلبية احتياجات تسوق العمل المتطور وقيم المجتمع ومتطلبات الفوز في سباق التنافسية العالمية، وستكتمل حلقة التغيير في المناهج في تطوير قدرات وكفايات المعلمين والمعلمات والمشرفين والمشرفات وتحسين البيئة التعليمية ونقل وتوطين صناعة المنهج بمقاييس عالمية. أما تركي الربيعي معلم الرياضيات فيقول: تجربتي مع مناهج الرياضيات المنهج المطور بدأت من العام الماضي سواء في المدرسة أو مع أبنائي، فنلاحظ أن هذه المناهج تحتوي على موضوعات جديدة ربما كان بعضها يدرس في السنوات الماضية في مراحل أعلى، وتهتم هذه المناهج بتنمية مهارات التفكير لدى الطلاب ولاعتماد على الذات وتوسيع مدارك الطلاب بتنوع التمارين، ولكن كثرة التمارين ذات المدلول الواحد تعوق سير الدرس فهناك تمارين في كتاب الطالب وتمارين في كتاب التمارين؛ فمثلا التمارين الموجودة على كتاب الطالب ليس لها فراغ كافٍ للحل كما هو موجود في المناهج القديمة، وكذلك المنهج غير متلائم مع عدد الحصص خلال الأسبوع لأن المنهج يعد طويلًا جدا مقارنة مع عدد الحصص الاسبوعية وخاصة في الصفوف الاولية وبالذات الصف الأول المتوسط. ونحن نؤكد دائما بأخذ ملاحظات من هم في الميدان فهم الأقرب إلى ذلك.