دبي مدينة ساحرة تجمع العالم بين دفتي شطآنها ومع كل تطورها وتمدنها وانفتاحها لا تنسى هذه الإمارة التي تحظى بإعجاب العالم كله، أنها أيضا مدينة إسلامية تحكمها روح الإسلام المتسامحة وتتنفس أجواءه. لا يمكن إغفال الشكل الحداثي الكبير في ثاني أكبر إمارات دولة الإمارات العربية المتحدة، لكن الشكل المحافظ أيضا على التقاليد والضابط لإيقاع الحياة هو يبقى ملازما لطبيعة الجغرافيا والتاريخ التي تقع فيها هذه الإمارة فينسجم في روحه العامة مع تعاليم الدين الذي انطلق من أرض الجزيرة العربية التي تضم الإمارات، ويهتم بالتقاليد العربية التي شكلت هذه الجغرافيا. وكشخص مهتم بالجانب الثقافي خصوصا في دول الخليج وقدرتها على الخروج من معادلة التطور الحداثي وفي ذات الوقت الحفاظ على الهوية وتكريس جميل التقاليد، فوجئت بدبي في زيارة الأسبوع الماضي وهي تضع كافة أشكال التطور العالمي بقواعده والتزاماته كله جانبا على قدم وساق في انتظار إطلاق مدفع الإفطار لنهار رمضان لتقول للعالم كله الذي يتمثل في سكانها في غمرة الشعور بالتمدن والتفوق: نحن لا ننسى أننا مسلمون. كان منظرا بديعا وأهالي دبي بمسلميها وغير المسلمين ينتظرون الأذان وإطلاق مدفع الإفطار من جوار برج خليفة لتفطر المدينة كاملة ويتم السماح لأصحاب المطاعم بنشر طعامهم على موائد الصائمين والسائحين على حد سواء، فتجد الرضا والقبول من الجميع والفرحة المشتركة في تجسيد لعالمية الإسلام الذي يفرض حضور الشعيرة الدينية وفي ذات الوقت لا يكره الناس على الدين. قد يكون أمرا معتادا في المدن السعودية وكثير من المدن العربية، أن يجري فرض الصوم في الشوارع، غير أن دبي التي تتميز بتنوع سكاني رهيب وبيئة عمل جبارة تبدو مميزة في هذا الأمر الذي يؤكد أن الخير في أمة محمد حتى قيام الساعة، فلا التطور ينسينا ربنا، ولا الفقر يقطع رجاءنا بخالقنا حين مسنا في هذه البقعة الصحراوية الممتدة على مدى الأجيال.