لو أن شخصاً نجح في اكتشاف وسيلة لمعرفة الأسعار المستقبلية للأسهم والعُملات في البورصة لأصبح أغنى رجل في العالم. بل إن ذلك ينطبق على التجارة بوجه عام، وهو أمر مستحيل، لارتباطه بعلم الغيب الذي لا يعلمه سوى الله عز وجل. قال الله تعالى مُخاطباً رسوله صلى الله عليه وسلم: (ولوكنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير). ومع ذلك لا يزال المغامرون يبذلون جهوداً مستميتة منذ 300 عام لاختراع آلية تُمكنهم من الوصول إلى أي قدر من التنبؤ بالأسعار المستقبلية للأسهم والعملات بصفة خاصة (بما يُشبه آمال الفلاسفة والسيميائيين قديماً في اختراع وسيلة لتحويل المعادن إلى ذهب). ويأتي على رأس تلك الجهود ما يُعرف بالتحليل الفني، الذي يعتمد على تحليل أسعار وكميات التداول للأسهم والعُملات المُدرجة في البورصات سعياً نحو التنبؤ باتجاهها في المستقبل. ومع تطور تقنية الحاسب الآلي اكتسب هذا الفن زخماً جديداً بتطوير برامج تُجري الحسابات والمقارنات آلياً وتتوصل للنتائج بلمح البصر. لهذا الفن مُشجعون متحمسون حماس مُشجعي الأندية الرياضية، في حين أن الأكاديميين لا يزالون ينظرون إليه بعين الشك، وفي أحسن الأحوال يصفونه بأنه لا يزال بحاجة إلى تعريضه للمزيد من الدراسة العلمية. وعلى سبيل المثال نشرت مجلة (المسح الاقتصادي) الأمريكية مقالاً في عام 2007م لاثنين من الأكاديميين بعنوان (ماذا نعلم عن إمكانية تحقيق أرباح نتيجة التحليل الفني) ورد فيه أن من بين 96 دراسة أكاديمية حديثة توصلت 56 منها إلى نتائج إيجابية، وأضاف المقال أن العديد من هذه الدراسات ذات النتائج الإيجابية يشوبها عيوب منهجية مثل ابتسار المعلومات، مما يُقلل من مصداقيتها العلمية. والله أعلم.