في كل المهن والوظائف نجد مَنْ يضيف إليها شيئاً خاصاً، ويضع عليها علامته، فيكون مختلفاً عن غيره، مميزاً في سيره، يتعلم ويُعلِّم، يبدع ويلهم، ومن هؤلاء المذيع والإعلامي والشاعر والأديب ماجد الشبل، صاحب الصوت الشجي، واللسان الفصيح، الذي قدَّم لنا برامج إذاعية وتليفزيونية لا تنساها ذاكرتنا السمعية والبصرية. شاهدناه تارةً مذيعاً للأخبار، وأخرى معلناً للمراسم الملكية، كما حاور شخصيات دينية وأدبية واجتماعية في برنامج «مع المشاهير»، وكان محاوراً راقياً لا يُقاطع ضيوفه، ولا يفرد عضلاته عليهم مثل حال كثيرٍ من مذيعي هذه الأيام، الذين يبحثون عن النجومية على حساب ضيوفهم، وهو، وإن أراد أن يفعل ذلك، حُقَّ له لما يملكه من ثقافة عالية وذكاء، ولكن تواضعه، وحُسن أدبه منعاه من القيام بذلك، ومَنْ أراد على كلامي هذا دليلاً، فليشاهد «لقاءه الماتع»، وهو المذيع اللامع، مع الأديب الرائع الشيخ علي الطنطاوي، رحمه الله، وأنا متأكد من أنك ستتمنَّى لو أن جميع برامجنا الحوارية في العالم العربي بنفس هذا المستوى الرفيع من الأدب، والجمال في اختيار أعذب الكلمات، واحترام عقول المشاهدين والمشاهدات. وقد كانت له في البرامج الثقافية بصمات وعلامات، منها برنامج «أبجد هوز»، وبرنامجه الشهير «حروف»، الذي كان يتميز بشعبية طاغية، لما تخصَّص به من تقديم المعلومة بصورةٍ ميسَّرةٍ، وبطريقةٍ مؤثرةٍ، نالت إعجاب المشاهدين الصغار والكبار، وأزعم أنه لم يأتِ بعده برنامج ثقافي بمستواه، «وإن كنت أتمنى من وزارة الإعلام أن تعيد إنتاجه من جديد». ولم يكن الشبل مجرد مذيع وإعلامي فقط، بل كان أديباً خطيباً مثقفاً، وشاعراً فصيحاً مخضرماً، وقد قال عنه زميله المذيع فهد العتيبي: «ماجد الشبل أديب وشاعر ومتذوق للشعر، يحفظ آلاف القصائد من الشعر العربي بمختلف عصوره، ويحفظ كذلك قصائد من الشعر العامي، ويتميز بروعة إلقائه، بل إنني أعتبره أفضل مَنْ ألقى الشعر في تاريخ الإعلام السعودي». ختاماً: عندما أشاهد الإعلامي ماجد الشبل، فكأني أشاهده بخاصية «الثري دي»، التي تتميز بوضوح الصورة وجمالها، وذلك لما كان يملكه من مقومات متعددة: من لسانٍ فصيح، و»كاريزما» ساحرة، وتعابير آسرة. رحمك الله، وأسكنك فسيح جناته يا أفضل مذيع دخلت صورته وصوته إلى بيوتنا مساءً وصباحاً، وشاركنا في الأفراح والأتراح.