استطاع « أبو محمد حسن» وبصعوبة أن يوقد نارا للتدفئة في ساحة منزله الصغيرة. قطع صغيرة من الخشب وعدد من أوراق الصحف هي كل ما توفرت له لمواجهة أقسى موجة برد يواجهها سكان قطاع غزة منذ سنوات. ابتسم لنا وهو يحمل ورقة جريدة أخرى قبل أن يرمي بها في النار، وهو يشير إلى صورة لقاء جمع مؤخرا بين الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء إسماعيل هنية، قائلا ل»الشرق» «يقولون في الصحيفة إن اللقاء بين عباس وهنية كان دافئا، لكننا لم نشعر أبدا بهذا الدفئ ونحن بدون كهرباء 18 ساعة يوميا، ولا نملك ما نشتري به وقوداً من السوق السوداء».ويشاطر أغلب سكان قطاع غزة «أبو محمد» الرأي، وهم يواجهون منذ أربعة أيام موجة غير مسبوقة من الأمطار وانخفاضا لدرجات الحرارة، دون أن تنعكس لقاءات المصالحة والوعود التي تلقوها من الجانب المصري لإدخال الوقود لقطاع غزة في إعادة الحياة إلى طبيعتها داخل القطاع. وتقول سهيلة أبو طاحون، (48 عاما، ربة منزل)، إن المواطنين الفلسطينيين يسمعون دوما وعودا من حماس وفتح من أجل حل أزمة الكهرباء، وإدخال الوقود، وتحقيق المصالحة، «لكننا لا نرى شيئا على أرض الواقع، فنحن نسمع جعجعة ولا نرى طحينا، حيث لا وجود للكهرباء ولا عمل ولا مياه نظيفة، ونحن فقط من يعاني». وتطالب أبو طاحون حكومتي حماس وفتح بحلول عملية لفك أزمة الكهرباء والوقود، كما تريد أن يتحرك الشعب ضدهما «فلا نريد حماس ولا فتح، ولا أية أحزاب». وتطالب الرئيس محمود عباس بأن «ينتبه للشعب أكثر من انتباهه للكراسي والسلطة».وتضيف «كنا نتوقع أن يكون منصب الرئيس مسخرا لخدمة القضية الفلسطينية وأبناء الشعب الفلسطيني، لكن بعد الانقسام بين حماس وفتح وخلافاتهما على السلطة اتضح أنهم باعوا الشعب ولم يتقاتلوا إلا على الثمن».أما محمد الكفارنة، (32 عاما، عامل)، فيقول «الآن يأتي التيار الكهربائي ست ساعات يوميا، لكن إذا استمر الحصار والانقسام فإننا سوف لا نرى الكهرباء إطلاقا وسنعود إلى ما قبل دخول الكهرباء إلى المدن، وفي المقابل فإن المسؤولين الفلسطينيين يتمتعون بالجولات الخارجية والسيارات الحديثة والمنازل التي لا تنقطع عنها الكهرباء أبدا». ويحمل صلاح عبد العاطي، من الهيئة المستقلة للدفاع عن حقوق الإنسان، جزءا كبيرا من أزمة نفاذ الوقود وانقطاع التيار الكهربائي لحكومتي رام اللهوغزة، ويقول في هذا الصدد «المشكلة الرئيسية في تدني نسبة الكهرباء التي تصل من إسرائيل أن حكومة رام الله في ظل الإشكاليات الموجودة مع حكومة غزة ترفض دفع ثمن الكهرباء لإسرائيل، وتوصلت إلى اتفاق تقتطعان بموجبه مبلغا معينا من رواتب الموظفين في الضفة وغزة، مع أن هذا الإجراء غير قانوني، ولم يحل المشكلة. علما بأن المواطن لا يستطيع دفع ثمن الكهرباء، حيث إنه وفق إحصائية للهيئة المستقلة بلغت نسبة الفقر المدقع في غزة 65%». وطالب عبد العاطي حكومة غزة بتوفير الحياة الكريمة أو الحد الأدنى منها، كتوفير عمل، وفتح سوق للعمل والضمان الاجتماعي، حتى يستطيع المواطن دفع ثمن الكهرباء، والوصول لحلول إجرائية لتوريد الوقود من مصر بشكل قانوني. طفل يمشي عبر الطين بعد مطر أغرق قطاع غزة في ظل نقص الوقود (أ ف ب)