رحل علي العنزي المتقاعد من القطاع العسكري و الذي بترت قدماه، قبل أن يتحقق حلمه بتركيب أطراف صناعية، وترك خلفه امرأة وحيدة بلا أبناء أوعائل. كان رحيل “علي” قاسياً على زوجته (أردنية الجنسية)، التي ارتبطت به قبل 16 عاماً، فعاشت معه حياته بحلوها ومرها، و شاركته معاناته عند بتر قدميه، ثم فجعت بوفاته، بعد أن ترك لها 150 ريالاً فقط مع منزل وسيارة، ودموعا لا تتوقف حرقة لفقده، وخوفا من القادم المجهول الذي ينتظرها. وزاد من مخاوفها، ظهور أبناء عمومة زوجها مطالبين ببيع السيارة والمنزل، دون أي مراعاة لكونها في الحداد، بل إنهم لم يقدروا حزنها على وفاة زوجها. تقول سعدى رزيفان أرملة علي: ” اقترن بي زوجي قبل 16 عاماً، وجلست عند أهلي على ذمته أربعة أعوام بالأردن، ومن بعدها انتقلنا إلى بيته بقرية تبعد عن بقعاء 45 كيلومتراً (شعيبة المياه)، ثم فقد قدميه منذ عشرسنوات تقريباً، بعد إصابته بالغرغرينا فقطعت رجله بعد خمس سنوات من الزواج، ثم بترت الرجل الأخرى بعد خمس سنوات تالية”. وأضافت الأرملة التي يناديها أهل القرية أم ثامر: “كان أحد أبناء الجيران يساعدني في حمل زوجي وخدمته داخل البيت، وعندما أنهكه المرض اتجهنا إلى مستشفى في بقعاء، وكنت أظل عنده يومين ثم أعود إلى القرية، و بعد تدهور حالته، نقل إلى مستشفى بحائل وتدهورت حالته الصحية، ولأن زوجي ليس له أبناء أو إخوان، ولا سند له بعد الله إلا أنا، قمت برعايته أثناء وجوده بالمستشفى، ورغم وجود مشكلات مع مدير المستشفى والمشرف على القسم لمرافقتي زوجي، كنت أعتني بعلي خلسةً، فإذا رأيت المشرف يتجول بين المرضى في القسم اختفيت، وبعدها أرجع من جديد. وقبل وفاته بيوم طلب مني سحب راتبه التقاعدي الذي يبلغ 3500 ريال، فذهبت بمساعدة ابن الجيران إلى الصرافة، ولم أجد فيها إلا 150 ريالاً، وعلمت أن أبناء عمومته راجعوا مكتب العمل، و أوقفوا صرف الراتب التقاعدي”. وتتذكر أم ثامر أن زوجها قبل عشر سنوات أحضر شاهدين لاستكمال الإجراءات المطلوبة لمنحها الجنسية السعودية من الأحوال المدنية بالزلفي لتصبح مواطنة، وكان ابن شقيقته يعمل هناك، لكنه لم يساعدنا أو يرشدنا، بل إنه زاد الأمور تعقيداً، وقالت: “طلب الآن أربعة من أبناء عمومة زوجي ترك البيت لبيعه، وأخذ السيارة مني، وأنا في فترة العدة، ولا أرغب بعدها في ترك القرية والعودة إلى الأردن، لأني أحببت أهلها كأهلي تماماً”. وتمنت أم ثامر إكمال معاملتها في الأحوال المدنية، وأن يعود صرف راتب زوجها التقاعدي كونه مورد الرزق الوحيد بالنسبة إليها، وأن يبقى المنزل والسيارة لها. من جهته، ذكر المحامي والمستشار القانوني عبدالعزيز الزامل، أن إخراج الأرملة من بيتها لبيعه من قبل الورثة خلال الحداد أمر يتنافى مع الدين والأخلاق، كونها مأمورة بالحداد على زوجها شرعاً احتراماً له، كما أن لها نصيباً في البيت، مع الورثة الربع عند وجود الأبناء أو الورثة، والثمن عند عدم وجودهم، فهي تملك حق” الشفعة”، ولكن عند رغبتهم في تقسيم التركة يمكنهم رفع قضية إنهائية إلى المحكمة، والأمر يستغرق وقتاً طويلاً يفوق فترة العدة، و بعدها يقسم الإرث حسب الشرع.