بعد 5 سنوات على ولادتها في وسط مدريد؛ أحدثت حركة الغاضبين المعروفة باسم «15 مايو» زلزالاً سياسياً في إسبانيا متجاوزةً حدودها، لكنها ما زالت بعيدةً عن تحقيق أهدافها. وظهرت الحركة في عام 2011 مع تسجيل 21 ألف مظاهرة كانت كلٌ منها «مدَّاً بشرياً» تزامناً مع أزمة اقتصادية بدأت في عام 2008 واعتُبِرَت الأسوأ في البلاد منذ وفاة الديكتاتور فرانسيسكو فرانكو. وكانت البطالة آنذاك، التي تجاوزت خُمس قوة العمل، تدفع بمئات الأشخاص الغاضبين إلى الشارع يومياً. وفي هذه الأجواء؛ كتب نحو 10 مدوِّنين وناشطين إلكترونيين بياناً غير سياسي في ال 15 من مايو يطالب ب «ديموقراطية حقيقية الآن». ودفع البيان بعشرات الآلاف إلى الشوارع. واعتبارا من ال 16 من مايو من ذلك العام؛ قرَّر المتظاهرون احتلال ساحة بويرتا ديل سول في مدريد، ما دام لمدة شهرين. واعتبر عالم الاجتماع اليساري، خايمي باستور، أن ما جرى «كان حدثاً كبيراً دشَّن عصراً جديداً». ولاحظ أن الحركة التي جرت عندما كان الاشتراكيون في السلطة كشفت الطلاق بين الشارع والطبقة القيادية التي لم يجد الغاضبون ممثلين لهم فيها. وفي يناير 2014؛ جسَّدت الحركة الإسبانية الناشئة «بوديموس»، وتعني بالعربية «قادرون»، جزءا من تطلُّعات المتظاهرين، وبدا أن مؤسسيها من الجامعيين استوحوا من الأنظمة الاشتراكية في أمريكا اللاتينية. واعتبر النائب الإسباني المدافع عن البيئة، خوانتشو لوبيز دي أورالدي، أن «السياسة عادت مجدداً لتصبح أداة من أجل تحقيق تغييرات». وبعد الانتخابات التشريعية التي جرت في ديسمبر 2015؛ أصبح هذا الحزب اليساري الراديكالي «الشعبوي»، كما يصفه اليمين، القوة السياسية الثالثة في البلاد بعد الحزب الشعبي (يمين) والحزب الاشتراكي، فلديه مع حلفائه 69 نائباً. وظهرت حركة أخرى لمكافحة الفساد وسطية وليبرالية تحت اسم «سيودادانوس» أو «المواطنة» بالعربية. ووُلِدَ جيل سياسي جدي، فمن أصل 350 عضواً في البرلمان؛ لم يكن 211 شغلوا مقعداً نيابياً من قبل. لكن توزُّع مقاعد البرلمان يجعل من الصعب حكم إسبانيا، لذا تمَّت الدعوة إلى انتخابات جديدة في ال 26 من يونيو المقبل. وأبدى الناشط في «بوديموس»، تريستان ديوانيل، ارتياحه لهذه التطورات. وقال إن «الشبان باتوا في الأحزاب (…) وحديث الغاضبين عن التجدد والشفافية تلقَّفه آخرون بما في ذلك من اليمين». واعترف في الوقت نفسه بأن «التغيير بطيء»، مشيراً إلى سلطة رجال المال، ومُشدِّداً «يجب أن نفعل شيئاً على مستوى أوروبا».