أعلن رئيس وزراء تركيا، أحمد داود أوغلو، عزمه عدم الترشُّح مُجدَّداً لرئاسة حزب العدالة والتنمية وفق المعطيات الحالية، في وقتٍ استبعد مستشارٌ رئاسيّ إجراء البلاد على الإثر انتخاباتٍ جديدة. ودعا داود أوغلو، في كلمةٍ أمس، أعضاء حزبه إلى الوحدة والتعاون أكثر من أي وقتٍ مضى. واعتبر أنه أنجز عمله كرئيسٍ للوزراء بشرف وأدَّى الأمانة الملقاة على عاتقه. وأكد «سأبقى داخل الحزب أعملُ كفردٍ فيه، وما زلت نائباً في البرلمان أؤدي واجبي فيه». وعن علاقته بالرئيس؛ أوضح داود أوغلو الذي سيترك بالتالي موقعه في رئاسة الحكومة «لم يسمع أحدٌ منّي يوماً ولن يسمع أحدٌ كلمةً تقدح في الرئيس رجب طيب إردوغان ولن أسمح بأي تكهناتٍ أو شائعاتٍ حول علاقتي معه»، و»سأحافظ على العلاقة الشخصية مع الرئيس وعائلته كما كنَّا على مدى 25 عاماً». ووفقاً له؛ قرَّرت اللجنة المركزية ل «العدالة والتنمية» عقد مؤتمرٍ عامٍ استثنائي للحزب في ال 22 من مايو الجاري. وكان 5 مسؤولين كبار في الحزب تحدَّثوا الأربعاء عن قرب تغيير داود أوغلو في مؤتمرٍ استثنائي يُعقَد في الأسابيع المقبلة. ورجَّحت «رويترز» اختيار خلفٍ له أكثر استعداداً لتأييد مساعي الرئاسة إلى تعديل الدستور وإقامة نظام حكمٍ رئاسي. وعلَّق رئيس مؤسسة «ماك دانيسمانليك» لاستطلاعات الرأي، محمد علي كولات، بقوله «من الآن فصاعداً؛ جدول الأعمال الوحيد للبلاد هو النظام الرئاسي والانتخابات المبكرة». وتوقَّع كولات، الذي يُعدُّ مقرَّباً من إردوغان، إجراء انتخاباتٍ في أكتوبر أو نوفمبر المقبلين. وذهبت مصادر أخرى إلى التوقع نفسه. لكن مستشار الرئاسة، جميل إرتم، استبعد هذه الخطوة، مرجِّحاً سير الأمور «بأمان» لحين انتهاء ولاية الحكومة الحالية في عام 2019. وأبلغ إرتم قناة «إن تي في» المحلية، في مقابلةٍ أذيعت على الهواء، بأن البلاد واقتصادها سيحقِّقان مزيداً من الاستقرار حين يتولَّى رئيس وزراءٍ أكثر انسجاماً مع الرئيس المنصب. ولفت إلى استمرار المسؤولين الاقتصاديين الحاليين في مناصبهم، مُبيِّناً أنه لا يتوقع أي تغييراتٍ في السياسات المالية أو النقدية. ويرى إردوغان في النظام الرئاسي ضمانةً في مواجهة سياسة الائتلافات التي عرقلت مسيرة البلاد في التسعينيات. فيما يناهض معارضوه هذا المسعى. ورأى تيموثي آش، وهو مخطط استراتيجي لدى بنك «نومورا» الاستثماري، أن «هذه تطورات ذات أهمية شديدة في تركيا، وعلى الأرجح ترسم اتجاه البلاد في المدى الطويل سواءً من حيث الديمقراطية أو من حيث السياسة الاقتصادية والاجتماعية والتوجه الجيوسياسي». وفي نظره؛ ستتحول تركيا إلى «نموذج آسيوي للتنمية بسيطرة مركزية قوية من جانب الرئاسة». وساد التوتر بين المستثمرين بسبب ما سيكون عليه شكل الحكومة الجديدة، فضلاً عن احتمال إرجاء إصلاحات اقتصادية مطلوبة. وتراجعت الليرة التركية وارتفعت عوائد السندات، في وقتٍ انخفض فيه مؤشر البورصة الرئيس بنسبة 1.5% صباح الخميس. يأتي ذلك فيما رشَّحت 3 مصادر مقربة من الرئاسة المتحدث باسم الحكومة، نعمان كرتولموش، ووزير العدل، بكير بوزداج، لخلافة داود أوغلو. وأشارت المصادر ذاتها إلى طرح اسم كلٍ من وزير النقل، بينالي يلدريم، ووزير الطاقة، بيرات البيرق. وسواءً أُجرِيَت انتخابات مبكرة أم لا؛ فمن المرجح أن يمثِّل رحيل داود أوغلو اختباراً للعلاقات مع أوروبا. وتعمل أنقرة حالياً على تنفيذ اتفاقٍ للحد من تدفق المهاجرين؛ مقابل التعجيل بمحادثات الانضمام إلى الاتحاد الاوروبي والسماح للأتراك بالسفر في أوروبا دون قيود التأشيرة. وذكر سكان في أنقرة، صباح الخميس، أنهم غير مندهشين من قرب رحيل رئيس الوزراء. واعتبر أحد السكان، ويُدعى جوشكن، التطور مفاجئاً، لكنه استدرك «كان متوقَّعاً أيضاً».