خير “قرية المنجنيز” لغيرها ولن يصل إليها، وما نصيبها من معدن ثمين مدفون بأرضها إلا الغبار، وسيقف أهالي قرية ضرغط التابعة لمحافظة الغزالة التي تضم منجم المنجنيز سنوات بانتظار تحقيق وعود شركة “معادن” وأعينهم ترقب الشاحنات التي تمر بهم مرورا ليس كمرور الكرام، فهم يرونها عبءا على طرقاتهم الترابية، وبات أهالي القرية والقرى المجاورة لها يفتقدون السماء الصافية من غيوم الغبار، وأصبح السكون الذي كانت تعيشه القرية مستحيلا بعد أن استبدلته الشركة بدوي انفجارات لا يهدأ. المعاناة تستمر تستمر معانة أهالي قرية ضرغط الواقعة جنوب غرب منطقة حائل (180 كم) والقرى المحيطة بها ضريغط، والشقة، والصخنة، لتكون معاناة شبه يومية بداية من الصباح وحتى المساء مع الشاحنات المحملة والمتجهة للمدينة المنورة، ومزاحمتها لهم على طرقهم الصحرواية، وما عادت نخيلهم باسقة بعد أن شح الماء الذي تستخدمه الشركة، وتأثر نتاجهم الزراعي بالغبار الذي يمتد حتى لمطابخهم وغرفهم. واقع مخيب يقول المواطن مصلح سحيمان من أهالي ضريغط: “تضررنا كثيرا من المنجم والتفجير فيه، وأكثر المتضررين هم الأقرب للمنجم الذين يمتد لهم الغبار ودوي الانفجارات مما تسبب بتصدعات في بيوتنا الشعبية، وزارعاتنا ماتت، وأصبحنا غير قادرين على فتح النوافذ بسبب الغبار وقد تأثرنا جميعا والقريبون من المنجم خصوصا من كبار السن، مؤكدا على أن مرضى الربو يعيشون معاناة مستمرة وشبه يومية، مشيرا إلى أن الطرق الصحراوية ومرور الشاحنات المتكرر ساهم في تطاير الغبار ووصوله لهم داخل منازلهم. ويضيف سحمان: خلال التفجير سقطت أجزاء من منزل أخي الشعبي، وفقدت آبارنا كميات الماء التي كانت تحتفظ بها وتكفي غرسنا ومزروعاتنا، بسبب المنجم الذي يستهلك كميات كبيرة من الماء. وقال المواطن إبراهيم عبدالله البراك من أهالي قرية ضريغط “تضرر المواطنون من الغبار في منازلهم وخاصة أصحاب المزارع وتضررهم من موت محاصيلهم الزارعية وخاصة النخيل بسبب الغبار الأبيض الناتج من المنجم” وأضاف “أن المواطنين قدموا شكوى وتم استدعاء مدير المنجم الذي وعد بتركيب فلاتر بالمنجم وقياس قوة الهزات من التفجير وأتوا بمقياس لقياس قوة الانفجارات. وعود لم تتحقق وعود شركة “معادن” التي أطلقتها لم تتحقق، ففي اجتماع عقده مجلس منطقة حائل برئاسة أمير حائل الأمير سعود بن عبدالمحسن في 6/5/1431ه بقاعة الاجتماعات الرئيسية بمبنى الأمارة بحضور رئيس شركة التعدين العربية السعودية “معادن” الدكتور عبد الله عيسى الدباغ الذي أكد أن شركة “معادن” تولي أهمية قصوى لبرامج التنمية المستدامة في المجتمعات التي تعمل بها من خلال توفير فرص وظيفية لأبناء المنطقة ودعم المشاريع التنموية، انطلاقا من سياستها الهادفة إلى المساهمة الإيجابية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحرصها على ترسيخ مفهوم المسؤولية الاجتماعية على جميع مستويات الشركة، وذلك بتبني برامج تدريبية وتطويرية في المناطق التي تتركز فيها أعمالها. حديث الدكتور الدباغ وتصريحاته قبل بداية العمل في منجم المنجنيز بضرغط وخلال اجتماعه مع مجلس منطقة حائل أكد على: “أن الشركة تلتزم التزاما كبيرا بأداء جميع أنشطتها وفقا للمعايير البيئية الدولية والعمل بشكل مستمر على تحسين أدائها فيما يتعلق بالحفاظ على سلامة البيئة، حيث تنتهج الشركة سياسة بيئية تطبق المعايير والمقاييس الصادر من الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة وكذلك المعايير الدولية التي تضمن الحد الأدنى من الآثار البيئة المحتملة، ومن خلال اتباع أفضل التقنيات الصناعية العالمية”. ولكن بدأ العمل، وتسربت الوعود، وبقيت آمال أهالي القرى المحيطة بالمنجم معلقة إلى أن يأتي من يحققها. نقاوة عالية لم تشفع لأهالي القرى القريبة من منجم المغنيزايت وخاصة في ضرغط أن تتم عمليات الحفر والطحن بنقاء كنقاء ما يستخرج من أرضهم، وعلى الرغم من تأكيد الدكتور الدباغ آنذاك أن منطقة حائل من المناطق التي تستهدفها الشركة في مشاريعها التعدينية حيث يجري العمل حاليا لبدء مشروع المغنيزايت بموقع تابع لمحافظة الغزالة جنوب حائل وهو من مشروعات المعادن الصناعية المخطط له أن يقوم بتحويل خام المغنزايت إلى مادتي المغنيزيا الكاوية والمغنيزيا الخامدة مع بعض الأنواع الأخرى من الحراريات السائبة ذات خصائص فيزيائية وكيميائية عالية الجودة، وأضاف الدباغ: “يتميز خام المغنيزايت في هذه المنطقة بارتفاع درجة نقاوته واحتوائه على نسبة ضئيلة جدا من الشوائب”. بدء الإنتاج وكانت شركة التعدين العربية السعودية (معادن) قد أعلنت في بيان لها على موقع “تداول” بدء الإنتاج الأولي لمادة المغنيزيا الكاوية في مشروع المغنيزايت بالمدينةالمنورة في 01/05/1432ه الموافق 05/04/2011م. ويتضمن مشروع المغنيزايت منتج المغنيزيا الكاوية بطاقه إنتاجية تبلغ 39 ألف طن سنويا، والتي تستخدم في الأغراض الزراعية والبناء وبعض المنتجات الخاصة بالبيئة ومحسنات الوقود كما يتضمن المشروع أيضا مادة المغنيزيا الخامدة بطاقة إنتاجية تبلغ 32 ألف طن سنويا والتي تستعمل في صناعة المنتجات الحرارية، وسيتم معالجة الجزء الأكبر من المغنيزيا الخامدة لإنتاج منتجات حرارية ذات قيمة مضافة والتي تدخل في تبطين أفران مصانع الحديد. وتوقعت الشركة بدء الإنتاج الأولي لمادة المغنيزيا الخامدة خلال الربع الثاني من العام الماضي، فيما توقعت البدء في الإنتاج التجاري لمشروع المغنيزايت خلال الربع الثالث من عام 2011م. وكانت “معادن” قد وقعت في شهر أغسطس 2009 عقد إنشاء مصنع معالجة خام المغنيزايت بالمدينةالمنورة بمبلغ 95 مليون ريال مع شركة (العليان دسكن) للقيام بأعمال البنية التحتية لمنجم المغنيزايت بمحافظة الغزالة بمنطقة حائل. الجدير بالذكر أن مشروع المغنيزايت تابع لشركة المعادن الصناعية والمملوكة لشركة التعدين العربية السعودية “معادن” بنسبة 100%. “الشرق” حاولت الاتصال بمدير إدارة الإعلام في شركة التعدين العربية السعودية “معادن” عقيل العنزي ولكنه لم يرد على الاتصالات المتكررة. عمليات الطحن التي تحدث في المنجم قبل نقل المنجنيز للمصنع في المدينةالمنورة
بقايا مزرعة بعد أن جف ماؤها (تصوير: مطلق البجيدي)
الغبار الأبيض الناتج عن عمليات الطحن يطال منازل الأهالي المجاورة للمنجم (تصوير: مطلق البجيدي)
إحدى الشاحنات أثناء تحميلها المنجنيز من المنجم (تصوير: مطلق البجيدي)