ما عجز العالم عن إدراكه وفهمه، هو ذلك الحب الحقيقي، الذي يجمع الشعوب العربية بقياداتها الملكية. اسمحوا لي قبل أن أبدأ مقالي، أن أوضح لكم ما هي الأنظمة الملكية؟ أو ما يُطلق عليه الغرب «Monarchies system»، حيث يقتضي هذا النظام تولي أسرة معيَّنة مقاليد الحكم في البلاد، فتتوارث الأجيال هذا الميثاق والعهد جيلاً بعد جيل. تلك الشعوب في المملكة العربية السعودية، وقطر، والبحرين، والإمارات، وعُمان، والكويت، والأردن، والمغرب، سطَّرت أسمى آيات الولاء بتمسكها بذلك العهد القديم، معلنة للعالم أجمع أن قيادتها هي لها مثل «الغذاء» لابد منه لتستمر الحياة، بينما برعت تلك الأنظمة في تأكيدها للعالم بأن شعوبها مثل «الأوكسجين» لابد منه، وبالحفاظ عليه تستمر الحياة. لقد أكد الفيلسوف العظيم «أرسطو»، أن أفضل الأنظمة الحاكمة، هي الأنظمة الملكية مقارنة بغيرها من الأنظمة المختلفة في العالم، واعتبر كثير من المحللين والمفكرين السياسيين تمسك الشعوب العربية بالأنظمة الملكية بمنزلة «لغز شائك»، يصعب تفسيره، وراهن عديد منهم على أن أحداث الربيع العربي وتداعياته في المنطقة ستكون بداية النهاية لتلك الأنظمة الملكية، لكن سرعان ما انجلت الأزمة، ومرت مرور الكرام بالنسبة إليها، واعتبرت تلك الفترة العصيبة التي صاحبها سقوط وانهيار عديد من الأنظمة الجمهورية العربية بمنزلة دليل قاطع على مدى قوة وتماسك الأنظمة الملكية، وصمودها في وجه التحديات، ولتترسخ تلك العلاقة العظيمة في أذهان العالم أجمع باستنادها على مقومات أصيلة مثل: الثقة، والانتماء والولاء، معلنةً أيضاً أن الحب الحقيقي هو أيقونة البقاء والاستمرار. في سنة 2013 أصدر البروفيسور البريطاني كريستوفر ديفيدسون، كتابه «ما بعد الشيوخ: الانهيار المقبل لممالك الخليج». تنبأ الكاتب في هذا العمل بزوال الأنظمة الخليجية، وسقوطها قريباً. من المدهش حقاً أن ديفيدسون، قضى فترة من حياته في الإمارات العربية المتحدة أثناء عمله محاضراً في إحدى جامعاتها. وأنا أجزم قاطعاً بحُسن معاملته هناك، واحترامه، وتكريمه، وإعطائه حقوقه كاملة، فالكرم، وحفظ الحقوق من قيم شعوب الخليج. هذا المؤلف وغيره، وهم كثر في شتى أنحاء العالم، «يفتقرون إلى الوعي» بمدى صلابة العلاقة بين الشعوب العربية وأنظمتها الملكية، وبالتحديد تلك العلاقة التي أذهلت العالم، وسطرت أسمى آيات الترابط و التلاحم. في سنة 2010 لم يتردد المواطنون في تونس، مصر، ليبيا، واليمن في ترديد مقولة: «الشعب لا يريد النظام». وعلى النقيض تماماً مما قالته نادت الشعوب الملكية بصوت جهور: «سنمنع أي شخص يتظاهر ضد النظام». كلنا نعلم أن دولة مصر، ودولة ليبيا، ودولة العراق، ودولة سوريا، ودولة اليمن، كانت تحت النظام الملكي قبل أن تتحول إلى النظام الجمهوري، والآن، وبعد سنوات من التخبط، والجوع، والفقر، تتمنى شعوبها أن يرجع بهم الزمن لتعيش تحت النظام الملكي لحفظ أمنهم وكرامتهم، ولا ننسى جميعاً أن أول عبارة رددها الشعب الليبي بعد سقوط الطاغية المخلوع القذاقي هي: «نتمنى عودة النظام الملكي». تقع المملكة الأردنية الهاشمية بين العراق، وسوريا، اللتين تصنَّفان من أخطر الدول من ناحية الأمن والاستقرار، ومع ذلك مازالت، وستظل باقية صامدة، السبب الجوهري في ذلك، هو حب شعبها نظامها الملكي حباً عميقاً، نعم، إنه الحب الحقيقي القائم على الاحترام المتبادل بين الحاكم والشعب، والعلاقة القريبة بينهما، وكما هو معروف عالمياً، فإن أقرب الشعوب إلى قيادتها هي الشعوب الملكية العربية، حيث يعد الملك بمنزلة الأب، والأخ، والقائد لشعبه، وهذه هي حقيقة الروح الوطنية.