فيما هيمن توتُّرٌ على لقائه الوزاري في بروكسل؛ حذَّر الاتحاد الأوروبي من انهيار نظام الهجرة بأكمله إذا لم يحقِّق أعضاؤه نتائج ملموسة خلال 10 أيام في إدارتهم لأزمة طالبي اللجوء. ومُجدَّداً؛ دعا المفوض الأوروبي المكلَّف بشؤون الهجرة، ديمترس أفراموبولوس، إلى تطبيق سريع لآلية توسيع طالبي اللجوء عبر حصص لتخفيف الضغط على اليونان وإيطاليا. ووصف المفوض وضع المهاجرين ب «دقيق جدّاً»، مشيراً إلى «احتمال حصول أزمة إنسانية واسعة النطاق بشكل فعلي ووشيك جدّاً». وأدلى أفراموبولوس بتصريحاته من العاصمة البلجيكية؛ حيث اجتمع وزراء داخلية الدول ال 28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أمس لبحث الأزمة. وحذرت أصواتٌ في القارة من أزمة إنسانية واسعة النطاق بسبب وضع المهاجرين الراغبين في الوصول إلى دول الشمال؛ الذين باتوا عالقين على حدود دول طريق البلقان بسبب قيودٍ جديدة. ونبَّه أفراموبولوس إلى وجوب تحقيق نتائج واضحة وملموسة على الأرض خلال الأيام العشرة المقبلة «وإلا فإن هناك خطراً يهدد بانهيار نظام الهجرة بالكامل». وخلال الاجتماع الوزاري؛ ردَّت اليونان بحدَّة على تهم أوردتها دول عدة في مقدمتها النمسا التي رأت أن أثينا لا تحمي الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي بشكلٍ كافٍ. وذكر وزير الهجرة اليوناني، يانيس موزالاس، أمام نظرائه أن «النمسا تعاملنا كأعداء». واستدعت بلاده بالتزامن سفيرتها لدى فيينا. وربطت وزارة الخارجية في أثينا بين استدعاء السفيرة و»السعي إلى حماية علاقات الصداقة بين الدولتين والشعبين».ولفتت الوزارة إلى خطر يهدد أسس الوحدة الأوروبية بسبب «المبادرات الأحادية لحل أزمة اللاجئين وانتهاكات القانون الدولي والمكتسبات الأوروبية من قِبَل دول أعضاء في الاتحاد». وصرَّح موزالاس في وقتٍ سابقٍ في بروكسل بأن بلاده لن تقبل بأن تصبح «لبنان أوروبا». ويستقبل لبنان المجاور لسوريا عدداً من اللاجئين يوازي ربع العدد الإجمالي لسكانه. وكان اجتماع أوروبي مصغر عُقِدَ الأربعاء في فيينا ضمَّ اللجنة المصغرة من دول الاتحاد المكلَّفة بملف الهجرة، لكن لم تُدعَ أثينا إليه، ما أثار انتقادات شديدة. ويشعر اليونانيون بشكلٍ متزايدٍ بأن بلادهم متروكةٌ وحدها لتدبُّر شؤونها بنفسها وبأنها باتت تتحمل أعباءً تفوق طاقتها. ويزيد من مخاوفهم صعوباتٌ تواجه بدء تطبيق خطة توزيع طالبي اللجوء على دول أخرى في القارة. وحتى الآن؛ تمَّ توزيع أقل من 600 لاجئ كانوا وصلوا إلى اليونان وإيطاليا في الأشهر الأخيرة من أصل 160 ألفاً يفترض أن يشملهم الإجراء خلال عامين. ومنذ مطلع يناير الماضي؛ وصل أكثر من 102 ألف مهاجر إلى السواحل اليونانية عبر البحر المتوسط، بحسب المنظمة الدولية للهجرة. وأتي قرار مقدونيا ب «رفض السماح للأفغان بعبور حدودها مع اليونان» وب «مطالبة السوريين والعراقيين بوثائق تثبت هويتهم»؛ ليزيد من صعوبة مهمة أثينا. وبعد قرار أثينا بالحدِّ من عدد الحافلات المتجهة إلى الحدود بين البلدين؛ بدأ مئات المهاجرين أمس السير على الطرقات. وعلَّق رئيس بلدية تيسالونيكي اليونانية، يانيس بوتاريس، بالقول «إنهم لا يريدون انتظار الحافلات لنقلهم، ولا يمكن للجيش أو الشرطة وقفهم بسبب خطر وقوع حوادث». إلى ذلك؛ جدَّدت المفوضية الأوروبية دعوتها الدول الأعضاء إلى وقف العمل بسياسة «تصاريح المرور»، لكنها شددت على وجوب إتمام الأمر بطريقة منسقة. واستهدفت المفوضية خصوصاً النمسا التي فرضت سقفاً يوميّاً على دخول المهاجرين حيث لم تعد تسمح سوى لحوالى 3200 شخص بالمرور عبر أراضيها للوصول إلى دول أوروبية يريدون الاستقرار فيها. ودافعت النمسا الأربعاء عن نفسها في تصريحات لوزير خارجيتها، سيباستيان كورتس، الذي قال إن بلاده تريد توجيه «إشارة واضحة» بشأن رغبتها في «خفض تدفق اللاجئين». وطرحت وزيرة الداخلية في الحكومة نفسها، يوهانا ميكل ليتنر، تساؤلات عن جدوى بقاء اليونان في «فضاء شنغن» الأوروبي للتنقل الحر. وتساءلت «إذ كانت اليونان غير قادرة على حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي؛ هل يمكن أن تبقى تشكِّل حدوداً خارجية لفضاء شنغن؟». لكن ما ألمحت إليه يعد خطوة مستحيلة قانونيّاً. ووجوب رفع مستوى التنسيق بين الدول الأوروبية بات مطلباً يتجاوز دول البلقان مع توجيه فرنسا انتقادات إلى بلجيكا. ووصف وزير الداخلية الفرنسي، برنار كازنوف، قرار بلجيكا إعادة فرض رقابة على حدودها مع بلاده تخوفاً من احتمال تدفق مهاجرين قادمين من منطقة كاليه، ب «مستغرَب»، مستنكراً عدم إبلاغ حكومته مسبقاً.