الإنسان بطبيعته مندفع، و«عجول» في جميع أمور حياته، وقد قال الله تعالى في محكم كتابه: «خلق الإنسان من عجل». ونستطيع القول إن هناك استعجالاً محموداً وآخر مذموماً، لكن «المذموم» أصبح يسيطر على معظم تصرفاتنا، وانفعالاتنا اليومية، بل حتى إنه بدأ يعيد رسم وتشكيل شخصياتنا. هناك استعجال فكري، واستعجال حركي. الاستعجال الفكري: هو أن تتخذ قرارات سريعة في شراء سلعة ما دون حاجة إليها، أو أن تستعجل في قذف الآخرين باتهامات، أو نقل أخبار قبل التأكد من صحتها، أو حتى الاستعجال في إعطاء وعود، تندم عليها فيما بعد. أما الحركي: فالمقصود به أن يجبرك الآخرون على أمر ما معهم! مثل: * جميعنا يتجهز في الصباح الباكر للخروج من المنزل، وفي الطريق إلى العمل ومع أول إشارة تقابلنا، نجد أن هناك سيارة قادمة من بعيد، وسائقها «يزعج» الآخرين بصوتها، ويطالبهم بالابتعاد عن الطريق رغم أن «الإشارة حمراء»، ويجب عليه أن يتوقف، وينتظر حتى تصبح خضراء، لكن «سائقنا» مستعجل! * تذهب إلى موعدك في المستشفى، تسير في الممرات متجاوزاً غرفة الانتظار، تلتقي بعديد من المراجعين «واقفين» عند أبواب الأطباء، ينتظرون «خروج الممرضة» للدخول إلى عيادة الطبيب «المنشغل» بفحص مراجع آخر، ويطلبون أن يكونوا التالي، لأنهم «مستعجلون». * تذهب السيدة الجميلة إلى صالون التجميل، تأخذ رقماً للانتظار، الذي قد يطول حقاً حتى تصاب بالملل، لكن ما الحل؟ هذه ضريبة الذهاب إلى الصالون، ثم تأتي سيدة أخرى، وتبدأ بالحجز، لكنها سرعان ما تتململ من رؤية الصالون مزدحماً ب «الزبونات»، رغم ذلك تبدأ بالسؤال: هل لي أن أكون قبلك في «الدور» لأنني «مستعجلة». مع التعرف على هذه النماذج البسيطة، هل فكرت أن تستعجل في مصلحة أخرى تهم غيرك بأن ترد الدين إلى صاحبه في أسرع وقت، مثلاً؟ هل فكرت في الاستعجال في التوبة من الذنوب، أو أداء فريضة الحج، والكف عن تأجيلها عاماً بعد عام؟ هل فكرت في أن تستعجل في الاعتذار لشخص ما أخطأت في حقه؟ أخيراً: هل قرأت كل الأسطر المكتوبة، أم كنت مستعجلاً؟