نقوم بارتكاب المخالفات المرورية ثم نلقي باللوم على رجال المرور. تقود سيارتك في شارع محدد السرعة وخلفك سائق يقود بسرعة جنونية ويطلب منك فتح المجال له للعبور! ينتقل السائق من مسار إلى مسار دون سابق إنذار. تفتح الاشارة الجانبية لسيارتك لتعلن انك تريد الانعطاف تجاه اليمين ولكن السائق خلفك يرفض السماح لك بذلك ويتجاهل الاشارة ويصر على إكمال سيره لأنه مستعجل! تضيء الاشارة الحمراء في التقاطع فيرفض السائق الانتظار ويقفز فوق الرصيف لأنه مستعجل! يجلس الطفل في المقعد الأمامي بجانب والده وهو لا يربط الحزام حتى يلعب ولا يعتريه الملل! يقود السائق سيارته في الشوارع الداخلية بسرعة قاتلة رغم وجود اشارات تحديد السرعة! في التقاطعات داخل الأحياء لا يقف السائق عند اشارات التوقف ولا يتبع المسار الصحيح للانعطاف! في المواقف، لا مانع أن تقف في موقف ممنوع وتحجز سيارة أخرى لأنك مستعجل ولا وقت لديك للبحث عن موقف، أو التوقف بعيداً عن مقصدك! ولأنك مستعجل فإنك عند الاشارة تقوم بحركة دوران من اليمين إلى اليساراختصاراً للوقت لأن انتظار الاشارة الخضراء في المسار الأيسر غير مناسب لوقتك الثمين!! تقود سيارتك وكأن الشارع حق لك وحدك، وعلى السائقين الآخرين فتح المجال لك للعبور، والتوقف، والسرعة كيف شئت ومتى شئت! هل أنت مستعجل لانقاذ مريض أم لإيقاف حروب؟ يلح على ذهني هذا السؤال وأنا أرى الجميع يستعجل الوصول إلى غايته ومع ذلك فنحن نتهم بعدم احترام المواعيد!! ويلاحظ أن بعضنا يريد أن ينجز كل شيء بسرعة بصرف النظر عن مستوى الإنجاز! وهذا السلوك المسيطر على فئة من الناس امتد إلى سلوكهم في قيادة السيارة، فأصبحت السرعة هي المعيار وهي الوسيلة، والغاية، والمتعة، قائد السيارة من هذه الفئة يجد المتعة في تجاوز الآخرين والوصول قبلهم ويجد المتعة في كسر القوانين ومخالفة القواعد فمصدر الرضى لديه هو أن يظفر بما يريد لنفسه قبل غيره حتى وان كان في طابور أمام المخبز فهو دائماً يشعر بأنه في سباق مع الآخرين وان حقوقه مهددة. ويبدو أننا بحاجة إلى معالجة نفسية لحل مشكلاتنا وسلوكياتنا في قيادة السيارة، ولا أدري ما مدى فاعلية الجزاءات والغرامات والشدة والحزم في تطبيق أنظمة المرور، إذا لم يسبقها ثقافة عامة وثقافة مرورية، ودروس أخلاقية ونفسية تذكرنا بحقوقنا وحقوق الآخرين سواء في ميدان قيادة السيارات أو غير ذلك. أنت لست وحدك.. في الشارع وفي المتجر، وفي العمل، وفي المستشفى. أنت لست وحدك. لك حق وللآخرين حقوق. قبل أن نلوم رجال المرور لنبدأ بمراجعة سلوكنا المروري، وليضع كل واحد نفسه تحت مجهر التقييم فإذا نجحنا في الاختبار أصبح بالامكان تقييم الجوانب الأخرى بما فيها أداء المرور.