عزا وزير الخارجية، عادل الجبير، تعليق المفاوضات السورية في جنيف إلى عدم جدية نظام بشار الأسد وامتناعه عن التجاوب مع المطالبات الإنسانية، في وقتٍ أفصح نظيره الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، عن نيَّة بلاده التحدث مع روسيا حول الأزمة. وكشف الجبير، خلال مؤتمرٍ صحفي أمس في الرياض بحضور شتاينماير، عن اتصالاتٍ جرت طوال ليل الأربعاء- الخميس بين وزراء عددٍ من الدول المعنيَّة لاستئناف التفاوض في أسرع وقت و«النظر في كيفية وضع الأمور في مسارها من أجل الوصول إلى حل». وأشار إلى «بعض الأفكار التي طُرِحت»، قائلاً إنها ستُبحَث خلال اجتماعٍ الأسبوع المقبل في مدينة ميونيخ الألمانية لدول «مجموعة فيينا» الداعمة للسوريين، مُبيِّناً «نحن على اتصالٍ مستمر مع المبعوث الأممي والدول المعنيَّة والأشقاء في المعارضة». وكان المبعوث، ستافان دي ميستورا، أعلن مساء أمس الأول «توقفاً مؤقتاً» لاجتماعات جنيف التي بدأت الجمعة الماضية «لأن عملاً لا يزال يتعيَّن القيام به»، مُطالِباً الدول بمساعدته. وتتمسك المعارضة ب 3 مطالبات إنسانية هي «وقف القصف الجوي» و«فك الحصار عن المدن» و«إطلاق سراح المعتقلين». وذكَّر الجبير ببنودٍ في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254/ 2015 تشير إلى هذه المطالبات إضافةً إلى إدخال مساعدات إنسانية وبدء عملية سياسية تفضي إلى مرحلة انتقالية. واعتبر، خلال المؤتمر الصحفي، أن نظام الأسد لم يتجاوب مع القرار «فوفده الذي أتى إلى جنيف لم يكن جادّاً، وكانت المسألة مسألة مماطلة وتعقيد وغيرهما من الأمور لعدم تحقيق أي تقدم في هذا الأمر»، ملاحظاً تكثيف العمليات العسكرية الروسية في سوريا مؤخراً. وتحدَّث الجبير عن وجهتي نظر تحاولان تفسير تكثيف العمليات الروسية. وأبلغ الصحفيين بقوله «هناك من يقول إن تصعيد العمليات استهدف تحسين وضع النظام قبل وقف إطلاق النار، وهناك وجهة نظر أخرى تقول إن التصعيد استهدف استفزاز المعارضة لكي تتخلى عن المباحثات، وهذا ما حدث». وكانت النتيجة، بحسبه، أن «المبعوث الأممي وصل إلى قناعةٍ بأن النظام ليس جادّاً في المباحثات وأنه من الأفضل أن تُجمَّد في الوقت الحالي لبحث هذا الأمر في الأيام المقبلة». في الوقت نفسه؛ لفت وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، إلى «أسباب مختلفة ومعقَّدة في الفترة التحضيرية لمباحثات جنيف». وذكَّر بأن المعارضة كانت تتوقع انخفاض وتيرة الأعمال العسكرية مع بدء الاجتماعات «لكن القتال شهد تصعيداً، وهو ما يتحمله النظام»، كاشفاً عن استعداد بلاده للحديث مع روسيا «حول هذا الموضوع خصوصاً ما يتعلق بالوضع الإنساني الذي ينبغي تحقيق تحسن فيه»، مكملاً «هذه المباحثات سوف تتم». في شأنٍ آخر؛ جدَّد الجبير وصف سياسات إيران بالعدوانية على مدى أكثر من 35 عاماً. ودعاها إلى تغيير سياساتها وأساليبها و«تعاملها مع المملكة ودول المنطقة فيما يتعلق بالتدخل في الشؤون الداخلية ودعم الإرهاب ومحاولة جلب الفتنة». لكنه شدد «لن تتغيَّر سياسات المملكة تجاه الحجاج والمعتمرين الإيرانيين، فكلُّ مسلم مُرحَّبٌ به في مكةالمكرمة والمدينة المنورة، وكلُّ مسلمٍ له الحق في زيارة بيت الله الحرام، والمملكة ستسهل كل شيء ممكن من أجل وصول المعتمرين والحجاج إلى بيت الله الحرام، وهو ما يشمل الحجاج الإيرانيين». وكرَّر «موضوع الأزمة السياسية بين المملكة وإيران لا علاقة له على الإطلاق فيما يتعلق بالحج أو فيما يتعلق بالمعتمرين». وردّاً على سؤالٍ صحفي عن محاولات إلصاق «داعش» بالإسلام أو بالسنَّة؛ أجاب «هذا أمر خاطئ»، متابعاً «داعش وما يقوم به ليس إسلاماً، الإسلام لا يبرر قتل الأبرياء أو العنف والكراهية، الإسلام دين وسطي ودين تسامح ومحبة ورحمة، وما يقوم به هؤلاء المجرمون لا علاقة له على الإطلاق بالإسلام». إلى ذلك؛ أبدى الجبير ارتياحه لمواقف جمهورية ألمانيا الاتحادية تجاه الشرق الأوسط وسعيها إلى العمل من أجل استقرار المنطقة. وأوضح أن نظيره الألماني اجتمع أمس الأول بخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز. ويوم أمس؛ اجتمع شتاينماير بوزير الاقتصاد والتخطيط، المهندس عادل فقيه، وعددٍ من رجال الأعمال السعوديين وشباب مؤسسة «مسك»، كما حضر افتتاح معرض بلاده الجنادرية كونها تحلُّ ضيف شرف على المهرجان في نسخته ال 30. وأفاد الجبير بأن الاجتماعات مع نظيره كانت إيجابية وبحثت الأوضاع والتحديات في الشرق الأوسط وملفات سوريا والعراق وإيران واليمن «كما بحثت العلاقات المميزة في كل المجالات، فألمانيا لها علاقات تاريخية مع المملكة، والعلاقات الثنائية متينة في جميع المجالات». وأبلغ شتاينماير الصحفيين ب «إجراء الرياض وبرلين عديداً من المشاورات السياسية واللقاءات في عديد من المواضيع التي تخص العلاقات الثنائية بينهما والمواضيع الخاصة بالمنطقة خصوصاً الشأن السوري». ووفقاً له؛ ناقشت مباحثاته مع المسؤولين في المملكة عدداً من الشؤون الثنائية مثل تأثيرات تبادل الطلاب وفرص الدراسة الجامعية في بلاده للسعوديين. وذكر شتاينماير أن بلاده تتشرف هذا العام بالمشاركة في مهرجان الجنادرية كدولة ضيف شرف «لتقدِّم من خلال جناحها تقاليدها وابتكاراتها لجمهورٍ واسعٍ في المملكة»، داعياً إلى زيارة الجناح للتعرف على ثقافة وقيم وتقاليد وحياة الألمان.