تبنَّى تنظيم «داعش» الإرهابي أمس هجومه الأول ضد باكستان، ناسِباً إلى عناصره الاعتداء على قنصليتها شرقي أفغانستان. ويأتي الهجوم الذي نُفِّذَ صباح أمس بعد يومين على لقاءٍ رباعي استضافته إسلام آباد بشأن مفاوضات السلام بين الحكومة الأفغانية ومتمردي حركة «طالبان»؛ وشارك فيه ممثلون عن الصين والولايات المتحدة. وفجَّر انتحاري نفسه قرب القنصلية الباكستانية في مدينة جلال آباد، ثم تحصَّن شركاؤه في منزل مجاور وتبادلوا النيران مع أفراد الشرطة والجيش على مدى أكثر من 4 ساعات، كما أعلنت وزارة الداخلية الأفغانية. وأفاد المتحدث باسم الوزارة، صديق صديقي، ب»مقتل 7 من عناصر الأمن وإصابة 7 آخرين بجروح». فيما أعلنت إسلام آباد أن مسؤولين في القنصلية لم يتعرضوا لأذى. وبعد ساعات؛ تبنَّى التنظيم الإرهابي الهجوم في بيانٍ باللغة العربية تناقلته حساباتٌ متطرفةٌ على مواقع التواصل الاجتماعي. ونسب البيانُ، الصادر باسم ما يسمى «ولاية خراسان»، التنفيذَ إلى 3 انتحاريين فجَّر اثنان منهما حزاميهما الناسفين وعاد الثالث إلى موقعه. ويبدو مصير العنصر الثالث غامضاً؛ إذ أعلنت السلطات الأفغانية مقتل اثنين من المنفذين الذي يأتي بعد أيامٍ على سلسلة اعتداءاتٍ ضد المصالح الهندية في المنطقة نفسها. وأدى هجوم صباح أمس إلى فرار تلاميذ مذعورين من مدرسة مجاورة. وتشعر كابول بقلقٍ شديد من التهديد الذي يمثِّله «داعش»، لكنها تنفي أي نشاطٍ له على أراضيها. في غضون ذلك؛ رأى المحلل الباكستاني، محمد أمير رانا، أن هجوم جلال آباد «الأول لداعش ضد دولة باكستان» ينطوي على عدة رموز. ورجَّح رانا لجوء التنظيم إلى «تخويف المدنيين الموجودين في القنصلية لطلب تاشيرات (..) لأنه لا يريد أن يَفرَّ السكان من المناطق التي يسيطر عليها». وأدى استقرار تدريجي للمتطرفين في ولاية ننغرهار وكبرى مدنها جلال آباد إلى فرار المدنيين منذ مطلع العام الماضي خوفاً من وحشية المسلحين الذين قطعوا رؤوس شرطيِّين وجنود وعرضوها على الملأ. وخلافاً ل»طالبان» التي تركِّز على محاربة النظام في كابول والقوات الأجنبية الداعمة له؛ يستهدف مسلحو «داعش» ما يتخطَّى الحدود الأفغانية، لذا أعلنوا قبل عامٍ إقامة «ولاية خراسان» بحيث تشمل على حد زعمهم أفغانستانوباكستان وبعض المناطق في دول مجاورة. وعدد كبير من هؤلاء كانوا من عناصر «طالبان»، لكنهم تركوا الحركة بعدما أخفت لمدة عامين وفاة زعيمها التاريخي، الملا محمد عمر. وأدى إعلان وفاته في صيف العام الماضي إلى نزاع على خلافته وإرجاء محادثات السلام المباشرة الأولى مع كابول إلى أجل غير مسمى. والإثنين الماضي؛ عقدت الصين والولايات المتحدة إضافةً إلى أفغانستانوباكستان اجتماعاً في إسلام آباد على أمل إعادة إحياء المحادثات. ومن المقرر عقد اجتماع رباعي ثانٍ في كابول في 18 يناير الجاري. ومقاتلو «طالبان» في ذروة تمردهم الدامي بعد مرور 14 عاماً على سقوط نظامهم إثر اجتياحٍ نفَّذه تحالفٌ عسكري بقيادة واشنطن. ويرى مراقبون أن تكثيف المعارك يبدو مرتبطاً برغبة المتمردين في الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من المناطق قبل بدء المفاوضات، من أجل الحصول على أكبر قدر ممكن من التنازلات.