فيما أُُعلِن عن مقتل 9 من مسلحي الميليشيات الموالية لحكومة بغداد «بطريق الخطأ»؛ تحدَّث مسؤولون عراقيون عن زرع عناصر تنظيم «داعش» عبواتٍ ناسفة في مباني وشوارع مدينة الرمادي قبل خروجهم منها، مما يستلزم تدخل فرق تفكيك مختصة «ستبدأ عملها قريباً». وأبلغ الناطق باسم ميليشيات «الحشد الشعبي»، أحمد الأسدي، عن مقتل 9 من أفراد الحشد جرَّاء ضربة جويَّة نفَّذها الجيش «بطريق الخطأ» قرب مدينة تكريت شماليّ العاصمة. وأشار الأسدي، أمس الأحد، إلى انتماء القتلى ال 9 إلى مقاتلي «كتائب جند الإمام»، وأكد إصابة 14 من زملائهم إثر القصف الذي طاول مساء أمس الأول موقعاً لهم في قرية السلام الواقعة جنوبي معسكر سبايكر. و»جند الإمام» من فصائل الحشد الشعبي الذي تشكَّل بعد هجوم موسَّع ل «داعش» في يونيو 2014. وشرح الأسدي أن «قواتنا تعرضت إلى هجوم وطلبنا تعزيزات (…) وبعد سبعة دقائق تعرضنا لقصف بصاورخين استهدف المكان الذي تعرض لهجوم»، ملاحظاً أن «أقرب نقطة للعدو تبعد حوالي كيلومترين عن مواقعنا». وتمكنت القوات النظامية وفصائل الحشد من طرد «داعش» من تكريت ومعظم أنحاء محافظة صلاح الدين العام الماضي، لكن لا تزال هناك بعض الجيوب للتنظيم المتطرف في الصحراء الغربية للمحافظة. ووقع قصف السبت قرب قاعدة سبايكر التي شهدت في يناير 2014 قتل نحو ألفي عسكري ومتدرب على يد عناصر التنظيم. وكشف الأسدي عن «فتح تحقيق من قِبَل القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء، حيدر العبادي، في الحادث». في المقابل؛ نفى التحالف الدولي ضد الإرهاب الذي يقدم دعماً جوياً للقوات النظامية وجود أي طلعات له «في المنطقة في ذلك الوقت». في غضون ذلك؛ أفاد محافظ الأنبار، صهيب الراوي، بسيطرة القوات النظامية على أغلب مناطق مدينة الرمادي (108 كيلومتراً غرب بغداد) وبتقدم أفراد الأمن داخلها. لكنه لاحظ أن أغلب الشوارع باتت ملغومة بالعبوات الناسفة «لذا تستلزم جهداً وخبرات كبيرة لتأمينها»، لافتاً إلى «وحدات متخصصة لتفكيك المتفجرات من الشرطة وقوات الدفاع المدني ستبدأ العمل قريباً». واعتُبِرَت استعادة الرمادي، مركز محافظة الأنبار، خلال الأسبوعين الماضيين أهم نجاحٍ يُحقِّقه الجيش منذ انهيار قواته قبل 18 شهراً أمام هجومٍ خاطفٍ شنَّه «داعش». وأجبر الجيش مقاتلي التنظيم على التراجع إلى الضواحي الشرقية للمدينة، لكن الدخول إلى معظم أرجائها ما زال محظوراً على ما يقارب نصف مليون نازح من سكانها فرَّ معظمهم قبل تقدُّم القوات. وتحدثت مصادر أمنية عن تركيز قوات مكافحة الإرهاب التي قادت الحملة العسكرية لاستعادة المدينة على تأمين الشوارع الرئيسة والمباني ذات الأهمية التكتيكية. وأوضحت المصادر أن القوات قامت ببناء سواتر ترابية عند مدخل الأحياء الوسطى التي تأكَّد خلوها من المتشددين «لكن المتفجرات مازالت تنتشر فيها، فوُضِعَت علامات على مبانٍ من الخارج بما يفيد أنها ملغومة». في الوقت نفسه؛ أبطأ وجود قناصين متطرفين التقدُّم العسكري، ما اضطر القوات إلى القضاء عليهم عبر الاستعانة بغارات جوية زاد عددها عن 55 في الأسبوعين الأخيرين، وفقاً للتحالف. وأعلن قائد قوات مكافحة الإرهاب، الفريق الركن عبد الغني الأسدي، سيطرة جنوده أمس الأول على من منطقة الملعب «لتضمّ بذلك آخر أحياء الرمادي الرئيسة إلى نطاق سيطرتها». وانسحبت القوات من المدينة في مايو الماضي مما أتاح ل «داعش» السيطرة عليها. وووفق المصادر الأمنية؛ يتحصن عناصر التنظيم حالياً في منطقة تمتد إلى 10 كيلومترات شرقاً باتجاه الحصيبة الشرقية و»يختبئون في الأراضي الزراعية لتجنب الكشف عن مواقعهم». وترجِّح المصادر استغراق تطهير هذه المناطق 10 أيام. وبسبب القتال الذي رافقته مئات الغارات وتخريبٌ متعمدٌ من قِبَل المتطرِّفين؛ تحوَّلت معظم أنحاء المدينة إلى أنقاض. وأكدت نائبة رئيس برنامج الأممالمتحدة الإنمائي في العراق، ليز جراند، انتظار البرنامج الضوء الأخضر من جانب الحكومة لدخول المدينة وبدء أعمال إعادة البناء. وأعدَّ البرنامج 100 مولِّد كهربائي وشبكات كهربائية نقَّالة لتوفير مصادر مؤقتة للطاقة، في حين ستكشف عملية تقييم الأضرار لما تبقى من البنية التحتية المجالات التي ستحظى بالتركيز. واعتبرت جراند أن «المدينة تحتاج إلى نحو 20 مليون دولار على الفور لتوفير الاحتياجات الإنسانية الفورية ومليارات إضافية من أجل إعادة الإعمار على المدى الطويل». ورأت في استعادة البنية التحتية «أمراً مهماً للغاية»، مستدركةً «لكن العامل الرئيس الذي سيحثّ الناس على العودة هو عندما يعتقدون أن الأمن مستتب». ويلي الرمادي تحدٍ أكبر يتمثل في مدينة الموصل (400 كيلومتر شمال بغداد) حيث يوجد 3200 مقاتل من تنظيم «داعش» أي أكثر من ثلاثة أمثال العدد الذي كان يحتل مركز محافظة الأنبار، وفقاً للتحالف. كما تتسم الموصل بكثافة سكانية أكبر، إذ لم يغادرها معظم سكانها البالغين قبل احتلالها نحو مليوني نسمة.