بعد أسبوعٍ من بداية العام الجديد؛ شهِدَت فرنسا محاولةً للهجوم على مركزٍ للشرطة، لكن خبراء ومسؤولي مكافحة الإرهاب يتخوفون من هجماتٍ أكبر في أوروبا في 2016، ويتحدث أحدهم عن عملِ الأجهزة المختصة في عواصم منها لندن على «هذه الفرضية». وبيَّنت هجمات باريس الدامية، التي أوقعت 130 قتيلاً في 13 نوفمبر الماضي، أنه يمكن لفرقٍ من الانتحاريين المسلحين برشاشات ومتفجرات مصنَّعة يدوياً إحداث خسائر كبيرة وبثُّ الرعب. وسيكون لتداعيات مثل هذه الاعتداءات تأثيرٌ مُدمِّر لو نُفِّذَت بشكلٍ متزامنٍ في عدة دولٍ على المستوى الأوروبي. وأقرَّ مسؤولٌ عن مكافحة الإرهاب، طالباً عدم ذكر اسمه، بأن «هجمات 2015 لا تمثِّل شيئاً مقارنةً مع ما يمكن أن يحدُث». وكشف عن توقعاته قائلاً «نحن نتوجَّه نحو ما يشبه هجمات11 سبتمبر2001 على المستوى القاري: هجمات متزامنة في اليوم نفسه في عدة بلدان وعدة أماكن، تنسيقٌ على مستوى عالٍ، نعرف أن الإرهابيين يعملون على إعداد شيء من هذا النوع». ولفت المسؤول إلى تركيز تنظيم «داعش» الإرهابي حالياً على تجنيد وتدريب شُبَّان أوروبيين، بهدف إرسالهم لتنفيذ هجمات في بلدانهم الأصلية. وأوضح «إنهم يعودون ومعهم وثائق مزوَّرة ويجيدون اللغة واستخدام السلاح ويعرفون الأماكن، نحن نوقِف كثيرين منهم، لكن علينا أن نعترف بأن أعدادهم كبيرة وأن بعضهم سيتمكنون من التسلل أو أنهم عبروا أصلاً». واعتبر المصدر نفسه توقيف متشددين عائدين من سوريا والعراق في الفترة الأخيرة مثاراً مزيد من القلق «لأن مواصفاتهم تتغير». وفسَّر قائلاً «نحن نرى شُبَّاناً تشرَّبوا الفكر المتطرف يعودون بعد أن تلقّوا تدريباً جيداً على القتال، كان الأجدر أن يبقوا هناك، بعضهم عادوا خوفاً من الغارات الروسية التي تحيل أي قرية إلى هشيم لمجرد تلقي معلومات عن وجود جهاديين فيها، لكن آخرين يعودون وهم مُكلَّفون بمهمات». وذكَّر ب «أننا في السابق كنَّا نشهد عودة أشخاصٍ يشعرون بأنهم أخطأوا ولم يدركوا صعوبة الحرب»، مستدركاً بقوله «أما اليوم فنرى شُبَّاناً متمسكين بعقيدتهم». وفكرة تنفيذ هجماتٍ متزامنةٍ في أوروبا ليست جديدة؛ إذ فشلت مثل هذه المحاولات مِراراً و»بينها مخططٌ كان مُعدَّاً لتنفيذه في نهاية أغسطس 2010»، وفق المحلِّل السابق لدى أجهزة مكافحة الإرهاب الفرنسية، إيف تروتينيون. ويروي هذا المحلل «كنَّا حينها نواجه تنظيم القاعدة، لكن الفكرة انتقلت ولا شك إلى تنظيم داعش، وكان يُفترَض أن تصل فرق التنفيذ من أوروبا الشرقية وأن تتوجه إلى مكان وجود الأسلحة المخبَّأة من المسدسات والبنادق الهجومية». ويُتابِع «أحبط الأمريكيون المخطَّط ونفَّذوا ضرباتٍ استباقية بطائرات دون طيار في أفغانستان وباكستان ضد أشخاصٍ كان يُفترَض بهم تنفيذ الهجوم». ويعتقد تروتينيون أن «مثل هذه الهجمات المتزامنة هي من بين السيناريوهات الأسوأ التي يُخشَى تنفيذها في 2016»، مؤكداً «أعرف أن الأجهزة المختصة تعمل في عواصم عدة منها لندن على سبيل المثال على هذه الفرضية». ويرى الخبيران أنه في حين تعمل أجهزة الشرطة وقوات الجيش، إضافةً إلى المحلِّلين والمشرَّعين، على تكييف خطط المواجهة وطريقة التعامل مع أساليب المتطرفين؛ فإن الطرف الآخر يقوم بالمثل وغالباً ما يكون أسرع. ويذهب مسؤول مكافحة الإرهاب، الذي طلب حجب اسمه، إلى القول «لسنا وحدنا من يستخلص العِبَر، تنظيم داعش يفعل بالمثل، لقد فهِموا على سبيل المثال أنه لا ينبغي إجراء اتصال هاتفي أو تقليص ذلك إلى الحد الأدنى لأن كل الاتصالات مراقبة، إنهم يتعلمون من كل هجومٍ حتى عند إحباطه». ويعلِّق تروتينيون «تُسمَّى هذا الخبرة بالممارسة، وهذا ما يفعلونه أيضاً، إنهم يستفيدون من التحقيقات التي يجريها الصحفيون ويقرأون كل ما يُكتَب عن الموضوع، لقد تعلَّموا أنهم احتاجوا ساعتين ونصف الساعة لمهاجمة مسرح باتاكلان، وأن متفجراتهم كانت رديئة وأن المنفذين تركوا أثراً، إنهم يتعلمون بسرعة». ويعتبر أن «13 نوفمبر برهن أنه كان يكفي أن يقوم بالتنفيذ شباب غير متمرسين، هذا يعني أنه إذا تمَّ رفع مستوى المهاجمين فستكون المشكلة كبيرة». ويتحدث تروتينيون عن «شعور رهيب بالتشاؤم في جميع أوساط المحترفين بشأن 2016»، ويقول «ربَّما بعد سنة سنقول إن سنة 2015 لم تكن سوى تمرين أو ما يشبه اختباراً عملياً».