نجحت إيران بفضل مخابراتها وإعلامها وأموال النفط في تصوير نفسها محامية الشيعة في العالم، والحقيقة أنها ترعى نسخة واحدة فقط من التشيع، وهي الخاصة بولاية الفقيه، التي تمكنها من ربط كل مكانٍ في العالم الإسلامي تصدّر له ثورتها في يد شخص واحدٍ في إيران، كان الخميني والآن خامنئي. أما من يعارض هذه النسخة، ويكشف فسادها وطغيانها، فمصيره الاختفاء والتعذيب والقتل. هناك قائمة بالمراجع الإيرانية الأكثر علما من الفقيه الحالي خامنئي، حاولوا إنقاذ المذهب الشيعي المختطف من قبل مهووسي المركزية والديكتاتورية المتمسحين بالمذهب، لكن أصواتهم أُخفتت، واختفت أجسادهم بنهايات مختلفة. منهم شريعتمداري الذي أنقذ الخميني من الإعدام، لكن الأخير ضحّى به من أجل طموحه التوسعي، ومنتظري والخاقاني والشيرازي وحسن القمي والروحاني والجويباري، والقائمة تطول من المراجع وتلاميذهم الذين تم اغتيالهم أو تعذيبهم من قبل الحرس الثوري لتصفية الثورة من معارضيها. ويزيد الأمر سوءا إن كان المعارض مرجعا أو عالما شيعيا عربيا، فهو يتعرض لحملات الإقصاء والتهميش والتخوين، وتُسلّط عليه أصوات حادة وألسنة سليطة، حتى يفضّل الانكفاء والانزواء هربا من الهجوم البربري، أو يضطر لمهادنة الطرف الأقوى أو الانصياع له إن كان فاقدا للصبر وقوة الإرادة. وهكذا تغيب الأصوات الشيعية المعتدلة ليبقى صوت واحد فقط هو صوت الولي الفقيه، والقائمين على مشروع طغيانه واستبداده.