أكد وزير الخارجية، عادل الجبير، استهداف الرؤية الشاملة التي طرحها خادم الحرمين الشريفين خلال قمة الرياض الخليجية مضاعفة الجهود للارتقاء بأداء أجهزة مجلس التعاون واستكمال خطواتٍ مهمةٍ بدأت في إطار العمل الخليجي المشترك. في غضون ذلك؛ ربط الأمين العام لمجلس التعاون، الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، بين تطبيق ضريبة القيمة المضافة في الدول الأعضاء وعدم تأثيرها سلباً على مستوى معيشة المواطنين، مبدياً ثقته في قدرة هذه الدول على تجاوز انخفاض أسعار النفط مثلما تجاوزت الأزمة الاقتصادية العالمية قبل 7 سنوات. ورأى عادل الجبير، خلال مؤتمرٍ صحفي عقده أمس في قصر الدرعية في الرياض وحضره الزياني، أن القمة الخليجية كانت فرصةً لمراجعة وتقييم مسيرة مجلس التعاون بعد 35 عاماً على تأسيسه. وأشار إلى اهتمام قادة الدول الأعضاء خلال اجتماعهم بترسيخ مفهوم التعاون الحقيقي في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية وغيرها، مبيِّناً أن الخطوات العملية المدروسة الواردة في رؤية الملك سلمان بن عبدالعزيز ضمِّنَت في «إعلان الرياض» وفق جدول زمني محدد، متوقعاً تنفيذها خلال العام المقبل بمتابعةٍ سعودية. وحول تناول القمة القضايا الخارجية؛ أفاد وزير الخارجية ببحث قادة الدول الست وبشكلٍ معمَّق كافة التحديات الإقليمية التي تشهدها المنطقة تجنُّباً لآثارها السلبية وانطلاقاً من مبدأ المشاركة الفاعلة في حلِّ الأزمات خصوصاً في فلسطين واليمن وسورياوالعراق. ولفت إلى تعامل القادة مع هذه القضايا وفق رؤية سياسية موحدة تستهدف استعادة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، منوِّهاً بتأكيدهم على وجوب تكثيف الجهود لمكافحة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره والجهات التي تقف خلفه. في سياقٍ متصل؛ جدَّد الوزير التأكيد على التزام المملكة بدعم السوريين في نيل حقوقهم المشروعة و«كي يستطيعوا أن يحرِّكوا العالم من أجل فرض الضغوط اللازمة للوصول إلى حل للأزمة في بلادهم». وذكَّر باستهداف مؤتمر المعارضة السورية الذي تستضيفه الرياض حالياً توحيد صف هذه المعارضة وتقوية موقفها للدخول في أي مفاوضات من أجل حل سياسي قائم على مبادئ بيان (جنيف- 1) بما يفضي إلى «تأسيس مجلس سلطة انتقالي يتسلم الحكم في دمشق ويضع دستوراً جديداً ويمهِّد لمستقبل جديد لا مكان لبشار الأسد فيه»، معرباً عن تطلُّعه إلى إسهام هذه الخطوات المفترضة في انسحاب القوات الأجنبية من سوريا. ومع إشارته إلى عدم تمتُّع مخرجات المؤتمر بالصفة الملزمة؛ فإنه لفت إلى استهدافها إبطال حججٍ يروِّجها بعضهم ومفادها أن المناهضين للأسد لا يمتلكون رؤية موحدة. وبلهجةٍ حاسمةٍ؛ أوضح أن المؤتمر لا يتفاوض على موقعٍ مستقبلي لبشار الأسد «فليس أمامه إلا الرحيل بحل سلمي أو بحل قتالي لأن الشعب السوري يرغب في بناء دولة مدنية جديدة دونه». وتحدَّث الجبير عن مؤتمر إعادة إعمار اليمن بغرض البدء في هذه العملية بعد يومٍ واحد من التوصل إلى حل سياسي في هذا البلد، مؤكداً استهداف دول الخليج العربي تمتُّع اليمنيين بالأمن والاستقرار. إلى ذلك؛ نفى وزير الخارجية أي تقاربٍ أو صفقةٍ مع طهران على هامش اجتماعات فيينا المتعلقة بالشأن السوري. ووصف ما أثير عن اجتماعٍ بين المملكة وإيران لمدة 3 ساعات في العاصمة النمساوية ب «غير صحيح». وقال «اجتمعنا في إطار اجتماعات فيينا مع باقي الدول، وعلى هامشها لبضع دقائق»، معتبراً أن المشكلة مع طهران تكمن في دعمها للإرهاب وتدخلها في شؤون الشرق الأوسط سواءً في العراق أو سوريا أو اليمن، متمنياً أن تغيِّر سياساتها وأن تشكِّل جزءاً مهماً يؤدي أدواراً إيجابية في المنطقة مع بناء علاقاتٍ تعتمد على حسن الجوار وعدم التدخُّل في شؤون الدول العربية. ووفقاً له؛ فإن دول مجلس التعاون تتطلع إلى بناء أفضل العلاقات مع إيران بوصفها دولة إسلامية وجارة وذات تاريخ وحضارة و»تحظى باحترامنا جميعاً»، لكن مع الرفض التام لدورها السلبي إلى جانب دعمها الإرهاب، وهو ما لا يسهم في بناء علاقات إيجابية. وحول احتضان دولة قطر كأس العالم لكرة القدم عام 2022؛ ذكر الجبير أن بيان قمة الرياض كان واضحاً في دعم الجهود القطرية والإشارة إلى الشفافية التي اتسم بها ملفها لاستضافة البطولة. اقتصاديّاً؛ لاحظ الجبير أن دول الخليج العربي تملك من الحكمة ما يتيح لها مواجهة آثار انخفاض أسعار النفط بحيث لا يؤثر على الاستقرار. ورأى أن ذلك يكون بالعمل على إصلاحات نقدية وتطوير أنظمة التجارة وتشجيع الاستثمار. وذكَّر بأن الخليج العربي لم يتأثر بالأزمة الاقتصادية عام 2008 كون دوله تمتلك من الحكمة والمنطقية ما يؤهلها لتفادي الآثار السلبية، متوقعاً تكرار التعامل نفسه مع انخفاض أسعار النفط حالياً. بدوره؛ تحدث الأمين العام ل «التعاون الخليجي»، الدكتور عبداللطيف الزياني، عن قراراتٍ ودراساتٍ قُدِّمَت حول أفضل طريقة لتطبيق ضريبة القيمة المضافة في دول المجلس دون أن يكون لها أثرٌ سلبي على مستوى معيشة الفرد. وربط بين تطبيق الضريبة وتجنب أي أثر سلبي لها، مبيِّناً أن الملف موكلٌ إلى وزراء المالية والاقتصاد في الدول الست. ووصف الزياني، خلال المؤتمر الصحفي نفسه، لقاء القادة في الرياض بأنه «كان مثمراً وبنَّاءً.. وستنعكس نتائجه الطيبة على مسيرة مجلس التعاون وإنجازاته المتعددة». ولفت إلى توجيهٍ صَدَر عن القادة بمضاعفة الجهود والعمل الجاد لكل ما من شأنه تعزيز التلاحم والتضامن والتكامل، مؤكداً ترحيبهم بالرؤية الشاملة التي قدَّمها خادم الحرمين الشريفين لتعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك «إذ أشادوا بما تضمنته من مبادئ طموحة وأفكار بناءة، وكلفوا المجلس الوزاري بمتابعة تنفيذها». وقدَّم الأمين العام خلال المؤتمر الصحفي حصاداً للقمة، إذ شرَح أن المشاركين أصدروا قراراتٍ عدَّة تعزِّز المسيرة وترسِّخ قواعد التكامل والتعاون المشترك، كاعتماد النظام الموحد لحماية المستهلك كقانون إلزامي، واعتماد اللائحة التنفيذية الخاصة بمساواة المواطنين الخليجيين في الاستفادة من الخدمات الصحية في المستوصفات والمستشفيات الحكومية، إضافةً إلى «اعتماد خطوات تنفيذ السوق الخليجية المشتركة، وسير العمل في الاتحاد النقدي والاتحاد الجمركي، واستراتيجية المياه، والخطة الموحدة لمكافحة الأمراض غير المعدية، ومفاوضات التجارة الحرة، والحوارات الاستراتيجية مع الدول والتكتلات الاقتصادية العالمية، وسكة حديد دول المجلس». وأوضح أن خادم الحرمين الشريفين وجَّه في هذا الصدد باستكمال دراسات مشروع جسر الملك حمد الذي سيربط بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين كجزءٍ من مشروع سكة حديد دول المجلس. وتعليقاً على مشروع الاتحاد الجمركي الخليجي؛ عدَّ الأمين العام المعوقات أمام المشروع بسيطة، إذ وُجِدَت لمعظمها الحلول الهادفة إلى مضاعفة جهود التكامل واستكمال ما تبقَّى من متطلبات هذا الاتحاد خصوصاً مع الاهتمام البالغ به من قِبَل القادة. وكشف عن جهود تُبذَل حالياً لاعتماد مشروع الاتحاد الجمركي من قِبَل منظمة التجارة العالمية، وهو «ما يعكس وصولنا إلى المستوى الذي نستهدفه». وتوقَّف الزياني عند ارتفاع أسعار النفط، قائلاً إن «لدى كل دول المجلس سياسات اقتصادية حكيمة استطاعت أن تتفادى السلبيات التي كانت تسِم النظام الاقتصادي الدولي في عام 2008 في أزمةٍ مرَّ بها العالم وتفادينا نحن سلبياتها»، لافتاً إلى التوازن الخليجي بين الإنفاق وتوفير ما يجب أن يتوفر للمواطنين «على أساس تفادي انخفاض مستوى المعيشة». وعلى مستوى الشؤون السياسية والمفاوضات؛ أفاد الدكتور الزياني باطِّلاع القادة خلال اجتماعهم على تقرير متابعة بشأن تنفيذ مخرجات القمة الخليجية- الأمريكية التي عُقِدَت في كامب ديفيد في شهر مايو الماضي، ليسفر اطِّلاعهم عن تكليف المجلس الوزاري واللجان الوزارية المختصة وفرق العمل -كلٌّ فيما يخصه- باستكمال المهام المتعلقة بهذا الشأن. وفي شأن التصدي لحملات تشويه الإسلام؛ أشار الزياني إلى توجيه القادة بمضاعفة الجهود الرامية إلى إبراز الصورة الحقيقية للدين وقيمه الداعية إلى الوسطية والتسامح والسلام والنهج المعتدل.