استمر أمس الثلاثاء وصول ممثلي المعارضة السورية المعتدلة إلى الرياض للشروع في مؤتمرٍ دعت إليه المملكة لتوحيد صفوف معارضي نظام بشار الأسد، فيما تبدأ الجلسات رسمياً اليوم وتنتهي غداً، ويديرها رئيس مركز الخليج للأبحاث، الدكتور عبدالعزيز بن صقر بواقع ساعة ونصف الساعة لكل جلسة. ويأتي المؤتمر بعد اتفاق 17 دولة الشهر الماضي في فيينا على خطواتٍ لإنهاء النزاع السوري الذي أودى بحياة أكثر من 250 ألف شخص حتى الآن. وتنص مقررات فيينا على تشكيل حكومة انتقالية بديلة لحكومة الأسد الحالية، وإجراء انتخاباتٍ تشمل اللاجئين في الخارج، مع عقد مباحثات بين النظام والمعارضة بحلول الأول من يناير المقبل. وبدأ المدعوون إلى مؤتمر الرياض الوصول إلى المملكة أمس الأول، واستمر وصولهم أمس. وسيكون الائتلاف الوطني، الجسم الرئيس في المعارضة السورية، مُمثَّلاً ب 20 شخصاً من إجمالي نحو 100 مدعو. ويوم أمس؛ عقد عددٌ ممن وصلوا إلى العاصمة السعودية اجتماعات تمهيدية غير رسمية في فندق «إنتركونتيننتال» الذي أحاطته أجهزة الأمن بإجراءاتٍ أمنيةٍ مشددةٍ شمِلَت منع دخول من لا يحمل تصريحاً. وأفاد مصدر مشارك في اللقاءات التحضيرية بأن النقاشات التي ستبدأ صباح اليوم ستبحث في مبادئ الحل السياسي وتشكيل وفد لمفاوضات محتملة مع النظام. وستُعقَد جلسات متواصلة ليومين بواقع ساعة ونصف الساعة للجلسة الواحدة، على أن يصدر بيان ختامي لاحقاً. وذكر عضو الائتلاف، سمير نشار، أن المؤتمر يواجه مهمة التوصل إلى رؤية موحدة خصوصاً لجهة الاتفاق على دور الأسد في أي مرحلة انتقالية. وكانت وزارة الخارجية السعودية أعلنت السبت توجيه الدعوات للحضور تماشياً مع اتفاق فيينا. وجاء في إعلان الوزارة أن كافة شرائح المعارضة السورية المعتدلة مدعوَّة بهدف حشد أكبر شريحة منها لتوحيد صفوفها واختيار ممثليها في المفاوضات وتحديد مواقفها التفاوضية. ووفقاً لمصادر وصحف سعودية؛ شمِلَت الدعوة، إضافةً إلى الائتلاف، هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي، وشخصياتٍ من مجموعة «مؤتمر القاهرة»، وممثلي فصائل مسلحة غير مصنَّفة إرهابية ك «الجبهة الجنوبية» و»جيش الإسلام» و«أحرار الشام». وأشار «جيش الإسلام» إلى مشاركة عضوين في مكتبه السياسي في المؤتمر. وأبدى نائب رئيس الائتلاف، هشام مروة، تفاؤله ب «وجود العسكريين ومعظم السياسيين»، وقال «هذه هذه المعارضة الحقيقية»، معتبراً أن «عدد الغائبين قليل ولا يؤثر في المعادلة». ورغم التباينات بين أطياف معارضي الأسد؛ تبدو الرياض عازمةً على توحيد صفوفهم بعدما اجتذبتهم الخلافات الداخلية لأعوام. وأكد مصدر سعودي السبت الماضي أن «المملكة ستوفِّر كل التسهيلات الممكنة لتتمكن المعارضة السورية من إجراء المفاوضات، فيما بينها وبشكل مستقل والخروج بموقف موحد». ويرى الباحث الزائر في معهد بروكينغز الدوحة، تشارلز ليستر، أن «المملكة تهدف ليس فقط إلى جمع إطار واسع من المعارضة، بل أيضاً الذهاب بعض الشيء إلى تشكيل وفد معارض مفاوِض»، معتبراً أن أحد الأهداف هو «محاولة تشكيل هيكلية موحدة بين الائتلاف السياسي المعارض المعترف به والمعارضة المسلحة (المعتدلة) ككل». ووفقاً لمصدر شارك في اللقاءات التحضيرية أمس؛ فإن «بنود البحث ستركز على التوافق حول الحل السياسي وتشكيل وفد من المختصين يمثِّل الأبعاد السياسية والعسكرية والأمنية والمجتمعية والقانونية لموازاة وفد النظام» في لقاءٍ ترغب الدول الكبرى في عقده بحلول الأول من يناير. ويُرجَّح أن يراوح عديد الوفد المعارض بين 20 و40 شخصاً، بحسب المصدر نفسه الذي ذكر أن المؤتمر سينطلق في تمام التاسعة من صباح اليوم على أن تُعقَد الأربعاء والخميس جلسات متتابعة يديرها رئيس مركز الخليج للأبحاث، عبدالعزيز بن صقر، كجهة مستقلة. وستبحث جلسات اليوم الأول بنوداً تشمل «الثوابت الوطنية للتسوية» و»مفهوم التسوية السياسية» و«العملية التفاوضية» و«المرحلة الانتقالية»، على أن يركِّز اليوم الثاني على «الإرهاب» و»وقف إطلاق النار» و«إعادة بناء سوريا»، بحسب جدول الأعمال المبدئي الذي بثَّته قناة «الحدث» التابعة لتليفزيون «العربية».