وصف اقتصاديون خليجيون، تحدثوا إلى «الشرق»، الأمن الاقتصادي بأحد أهم التحديات التي تواجه دول مجلس التعاون حالياً، مُرجِّحين التركيز عليه خلال قمة الرياض اليوم الأربعاء. ولاحظ الخبير الاقتصادي، فضل البوعينين، أن دول مجلس التعاون مُستهدَفةٌ في مقدَّراتها الاقتصادية وفق خططٍ خطيرةٍ، مبيِّناً أن «زعزعة الأمن قد تقود -لا قدَّر الله- إلى مشكلات مالية كبيرة». واعتبر أن دول الخليج العربي مُطالبةٌ بوضع تحدي «الأمن الاقتصادي القائم على قاعدة الاستقرار» على قائمة أولوياتها. وعن انخفاض أسعار النفط؛ شدَّد البوعينين على أن المعالجة تكون بإقرار رؤية استراتيجية تساعد على تنويع مصادر الدخل بما يقلِّص من الآثار السلبية لتقلُّبات الأسعار. وأشار أيضاً إلى تحدي البطالة، إذ عدَّه «أحد التحديات المهمة التي لا يمكن التعامل معها دون التوسع في قطاعات الإنتاج وإيجاد مزيد من الوظائف». وتطلَّع البوعينين إلى استكمال دول مجلس التعاون معالجة الملفات الاقتصادية العالقة كملف السوق المشتركة، معتقداً أن «الجانب الجمركي هو المؤثر»، داعياً إلى «التوصل إلى حلول تنهي هذا الملف على وجه السرعة». في سياقٍ متصل؛ دعا المحلل الاقتصادي، فهد الغامدي، إلى اعتماد حلول أوَّلية تسهم في التقليل من حدَّة أزمة انخفاض أسعار النفط. واقترح زيادة عدد المدن الصناعية، ودعم تمويل مشاريع المنشآت الصغيرة والمتوسطة ومشاريع ريادة الأعمال، ورفع نسب التوطين في الوظائف مع رفع الإنفاق على الموارد الأخرى كالسياحة والتعدين. لكنه رأى أن «أهم حل يكمن في فرض ضرائب على الشركات الرابحة بنسبة تتراوح بين 10 و25% من صافي الدخل، فهذه الشركات استفادت كثيراً من التسهيلات ودعم أسعار المواد الأوَّلية وإعفاءات الضرائب، وحان الوقت لتسجيل وقفة إيجابية من قِبَلِها». وتابع «لا يخفى على أحدٍ أن النفط يشكِّل المورد الرئيس لاقتصادات دول الخليج بنسبة تزيد على 70 %، لكن هذا الاعتماد الكبير على موردٍ سهلٍ بات يشكِّل كابوساً أكثر من أي وقتٍ مضى بسبب التباطؤ في وتيرة النمو الصناعي العالمي، خصوصاً في الصين ودول شرق آسيا وأوروبا». وأشار الغامدي إلى عوامل أخرى كزيادة المخزون الاحتياطي من النفط في أهم البلدان المستهلِكة، وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي زاد مخزونها ليصل في شهر نوفمبر الماضي إلى ما يزيد على 465 مليون برميل، إضافةً إلى زيادة إنتاج النفط في دول خارج منظمة «أوبك» وزيادة عدد المركبات، التي تعتمد على الطاقة الكهربائية و»غيرها من العوامل التي كانت سبباً رئيساً في انخفاض سعر النفط من 147 دولاراً للبرميل في عام 2008 إلى بحر أربعين دولاراً للبرميل حالياً». وتساءل الغامدي «هل نحن مستعدون لهذه الأزمة وأعددنا لها جيداً؟»، معتبراً أن «الجواب غير واضح بشكل قاطع حتى الآن». وبالنسبة للخبير المالي، محمد السويد، فإن أبرز التحديات الاقتصادية أمام دول الخليج هو قدرتها على بناء قطاع مالي قادر على توفير التمويل للحكومات وللاقتصاد عامةً بصفة مستدامة «فحتى الآن لم تبنِ دول الخليج أسواقاً مالية تتجاوز المستوى الناشئ سواءً من ناحية التشريعات القانونية وتطبيقها أو من ناحية توفُّر المهارات والخبرات الضرورية لدعم نمو القطاع وعمله بشكل جيد». وضرب السويد، وهو مدير إدارة أسواق المال والنقد في شركة «أديم» المالية، مثالاً بسعر فائدة «سايبور» السعودي (مستوى الاقتراض الداخلي بين البنوك)، الذي ارتفع لأكثر من 30 % منذ يوليو الماضي ووصل إلى 1.17 % ل ثلاثة أشهر «وهو ارتفاع حاد مرشح للاستمرار، خاصة أنه بدأ مصاحِباً لبدء طرح السندات التنموية لتغطية عجز السنة الحالية». ورأى أن «مثل هذا التطور سيؤدي إلى استمرار ارتفاع تكلفة الاقتراض والإقراض ما يشكل عقبة أمام قروض الأفراد والشركات بسبب ارتفاع التكلفة»، معتبراً أن «الطريقة المناسبة للتعامل مع هذا الملف هو فتح المجال للقطاع المالي ليتطور ويبدأ في ابتكار أذرع تنظيمية خاصة تسهم في خفض تكلفة التمويل لمختلف حاجات الأفراد والشركات، وهو ما سنراه لاحقاً عندما يبدأ نظام الرهن العقاري في العمل خلال الفترة القادمة بعدما أقر خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، السياسات العامة للتمويل العقاري قبل عدة أشهر».