في خطوةٍ لاقت ارتياحاً أمريكيّاً؛ صادق البرلمان الألماني على مشاركة قوةٍ يصل عددها إلى 1200 عسكري في عمليات التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» في سورياوالعراق. ومن أصل 598 نائباً شاركوا في التصويت؛ صدرت الموافقة بأغلبية 445 صوتاً مقابل رفض 146، فيما امتنع 7 نواب عن الإدلاء بأصواتهم. وكانت النتيجة متوقعة على ضوء تأييد الائتلاف البرلماني الواسع بزعامة المستشارة، أنجيلا ميركل، للمشاركة في التحالف العسكري الدولي. وعلى الإثر؛ وافق البرلمان على السماح بنشر طائرات «تورنادو» الاستطلاعية وفرقاطة ونحو 1200 جندي. ويأتي إعطاء الضوء الأخضر للمهمة، التي ستصبح أكبر عملية انتشارٍ للقوات الألمانية خارج البلاد، بعد 3 أسابيع من اعتداءات باريس التي أودت بحياة 130 شخصاً وأعلن «داعش» مسؤوليته عنها. ودفعت تلك الاعتداءات فرنسا إلى تفعيل مادةٍ تطالب دول الاتحاد الأوروبي بتقديم المساعدة العسكرية للقضاء على التنظيم. وانضمت بريطانيا أمس الأول إلى حملة قصف مواقعه في سوريا، إذ ضربت حقلاً للنفط في دير الزور يسيطر عليه المتطرفون. وعقب رفضه مِراراً نشر قواتٍ بريةٍ في الخارج؛ وافق الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، على إرسال نحو 100 عنصر من القوات الخاصة إلى العراق، مع إمكانية تنفيذهم عمليات في سوريا. ويشارك تحالف واسع من 60 دولة في القتال ضد التنظيم الإرهابي منذ أغسطس 2014. وكانت المشاركة في الضربات في سوريا محدودةً أكثر نتيجة تردد بعض الدول الغربية خشية تسبب أي عمل عسكري في تعزيز موقع بشار الأسد الذي تعده فاقداً للشرعية. لكن هذه التحفظات زالت على ما يبدو بعد اعتداءات باريس. وفي هولندا؛ تتعرض الحكومة المشارِكة في عمليات التحالف في العراق إلى ضغوطٍ لتوسيع حملتها الجوية لتشمل سوريا. وحتى في ألمانيا التي تُعرَف تقليديّاً بتردُّدها في المشاركة في المهمات العسكرية الخارجية؛ لَقِيَ قرار الحكومة بالانخراط في عملٍ مباشرٍ في سوريا تأييداً شعبيّاً، حيث أظهر استطلاعٌ نشرته صحيفة «دي فيلت» أمس تأييد نسبة 58% للمهمة العسكرية، في حين عارضها 37%. ويأتي هذا التأييد رغم أن أغلبية 63% يقرُّون بارتفاع محتمل لخطر تعرض بلادهم إلى هجمات ردّاً على المشاركة في الحملة. بدوره؛ أكد وزير العدل في حكومة ميركل، هيكو ماس، على قانونية نشر قوات خارج البلاد. وأبلغ صحيفة «تاغس شبيغل» بقوله «يمكن للمواطنين أن يكونوا على ثقة بأن الانتشار في سوريا لا ينتهك القانون الدولي أو الدستور». وشدد «علينا أن نوقف عصابة القتلة الإرهابيين هذه، ولن يتم تحقيق ذلك بالعمل العسكري وحده، لكن لا يمكن تحقيقه كذلك دون عمل عسكري». وتشتمل مهمة حكومته على نشر 6 طائرات «تورنادو» متخصصة في عمليات الاستطلاع «جو- أرض» وغير مجهزة بقدرات قتالية. في الوقت نفسه؛ ستنشر برلين فرقاطة لحماية حاملة الطائرات الفرنسية «شارل ديغول» التي تنطلق منها مقاتلاتٌ تشنُّ ضرباتٍ جوية، كما ستسمح لطائرة بتزويد المقاتلات لزيادة المدى الذي يمكن أن تصل إليه. في سياق آخر؛ تعهدت حكومة ميركل بإرسال 650 جنديّاً إلى مالي لتخفيف العبء عن القوات الفرنسية التي تقاتل المتشددين في هذا البلد الواقع في غرب إفريقيا. في المقابل؛ حذرت المعارضة الألمانية من أن تجد البلاد نفسها ملزمةً باتخاذ قرارات مهمة بسرعة كبيرة. ولاحظت النائبة عن الحزب اليساري، بترا سيتي، أنه «يتم إجبارُنا على اتخاذ قرار خلال 3 أيام حول ما إذا كان سيتمُّ جرُّ البلاد مرةً أخرى إلى الحرب»، مضيفةً «لا نريد أن يتمَّ جرُّنا إلى الحرب بسرعة طائرة تورنادو». لكن وزيرة الدفاع، أورسولا فون دير ليان، دافعت عن سرعة اتخاذ القرار، ورأت أن «ذلك يبعث رسالة عن عزمنا على مكافحة تنظيم داعش».