فيما ارتفع إلى 130 عدد قتلى الاعتداءات الإرهابية الأخيرة في باريس؛ تتكشف الحقيقة تدريجياً حول المسؤولين عنها. وقُتِلَ 7 انتحاريين خلال الاعتداءات، ولحِقَهم العقل المدبَّر المفترَض، عبدالحميد أبا عود، إثر عمليةٍ للشرطة في ضاحية سان دوني بالعاصمة الفرنسية أسفرت عن 3 قتلى بينهم الفتاة حسناء آيت بولحسن. وخلال تصريحات له أمس؛ أعلن رئيس الحكومة الفرنسية، مانويل فالس، ارتفاع عدد القتلى إلى 130. وُلِدَ عبد الحميد أبا عود، البلجيكي المغربي الأصل البالغ 28 عاماً، في حي مولنبيك بالعاصمة البلجيكية بروكسل. وقُتِلَ الأربعاء في هجومٍ على شقة في ضاحية سان دوني. وانضم أبا عود العام الماضي إلى تنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا، حيث عَمِلَ في الدعاية باللغة الفرنسية قبل أن يتولى مهامَّ أكبر. وتقول الحكومة الفرنسية إنه متورط في أربعة من الاعتداءات الستة التي أحبطتها منذ الربيع الماضي خصوصاً ضد كنيسة في إبريل وربَّما ضد قطارٍ لشركة «تاليس» في أواخر أغسطس. وحُكِمَ عليه غيابياً في بلجيكا بالسجن 20 عاماً، لكنه تمكَّن من مغافلة أجهزة الاستخبارات والقيام برحلة ذهاب وإياب إلى أوروبا في أواخر 2014. كما تمكَّن من القدوم إلى باريس دون أن ترصده قوات الأمن، لكن معلومات استخباراتية من المغرب وتركيا ساعدت المحققين في تعقُّبه والعثور عليه. في 13 نوفمبر الجاري؛ ترجَّل فريقٌ من ثلاثة عناصر يحملون أسلحة رشاشة من سيارة «بولو» سوداء واقتحموا مسرح باتاكلان الباريسي حيث نفذوا مجزرة قتلوا خلالها 89 شخصاً. وفجَّر اثنان حزاميهما الناسفين أثناء الهجوم، فيما أصيب ثالث برصاص شرطي فانفجر حزامه الناسف. تعرَّف المحققون الفرنسيون على هوية الانتحاري عمر إسماعيل مصطفاوي (29 عاماً) من بصمات إصبعه المبتور الذي عُثِرَ عليه بعد هجوم باتاكلان. ومصطفاوي فرنسي صاحب سوابق وُلِدَ في 21 نوفمبر 1985 في كوركورون في الضاحية الباريسية، وأدين 8 مرات بين عامي 2004 و2010، لكنه لم يُسجَن مطلقاً. وله سجلٌ عدليّ لتطرفه منذ 2010، وهو ربُّ عائلة، وكان يتردد على مسجد لوسيه قرب شارتر (وسط) وأقام لفترةٍ في سوريا. وذكر مسؤول تركي أن أنقرة «أبلغت الشرطة الفرنسية بخصوص هذا الرجل مرتين في ديسمبر 2014 ويونيو 2015 دون أن تتلقى أي رد». يتحدَّر الانتحاري سامي عميمور من درانسي، الضاحية الشعبية في شمال شرق باريس، ويبلغ 28 عاماً. عَمِلَ عميمور سائق حافلةٍ على الخطوط الباريسية، وتتعقبه الأجهزة منذ سنوات عدة، إذ وجَّهت إليه في 2012 تهمة العزم على الذهاب إلى اليمن. وصل إلى سوريا في 2013، وصدرت بحقه مذكرة توقيف دولية. وفي ربيع 2014؛ تمكن والده من لقائه في سوريا، لكنه فشل في إقناعه بالعودة بحسب ما قال لوكالة «فرانس برس». وفقدت أسرته الأمل في عودته عندما علِمَت أنه تزوَّج وينتظر مولوداً هناك. وإضافة إلى مصطفاوي وعميمور؛ فجَّر انتحاري ثالث نفسه عند باتاكلان ولم يتم التعرف على هويته. فتح 3 مهاجمين استخدموا سيارة «سيات» سوداء، النار على أشخاصٍ كانوا جالسين في مقاهٍ ومطاعم على الأرصفة في شرق باريس، ما أوقع 39 قتيلاً. وحدث ذلك في يوم الجمعة الدامي 13 نوفمبر. فجَّر إبراهيم عبدالسلام، الفرنسي المقيم في بلجيكا والبالغ 31 عاماً، نفسه في مطعمٍ، ما أدى إلى إصابة شخص بجروح بالغة. وعبدالسلام من مواليد 30 يوليو 1984، وقد استأجر سيارة «سيات» المسجلة في بلجيكا وعُثِرَ عليها في مونتروي قرب باريس غداة الهجمات. وهو، بحسب وسائل الإعلام البلجيكية، صاحب حانة في مولنبيك ببروكسل تم إقفالها بسبب استهلاك المخدرات. فضلاً عن مشاركته في مجموعة الانتحاريين؛ اضطلع صلاح عبدالسلام -وهو شقيق إبراهيم- بدور لوجستي، فهو الذي استأجر سيارة «بولو» السوداء التي عُثِرَ عليها أمام مسرح باتاكلان، وسيارة «كليو» عُثِرَ عليها في شمال باريس، وغرفاً في فنادق بالضاحية الباريسية قبل بضعة أيام من الهجوم. ولا يزال البحث جارياً عن هذا الفرنسي الفار البالغ 26 عاماً والمولود في بلجيكا، وهو معروف بارتكاب أعمال سرقة وتهريب مخدرات، كما ورد اسمه في قضية سطو مسلح مع أبا عود. وبحسب الشرطة الهولندية؛ اعتُقِلَ صلاح عبدالسلام في فبراير الماضي بهولندا أثناء عملية تفتيش روتينية بتهمة حيازة مخدرات. وورد اسمه أيضاً عند حاجز تفتيش في غرب النمسا في سبتمبر بعدما عبر الحدود قادماً من ألمانيا. وله شقيق آخر يدعى محمد استجوبته الشرطة البلجيكية ثم أخلت سبيله. ويُعتقَد أن الثلاثة الذين هاجموا المطاعم هم الشقيقان إبراهيم وصلاح، إضافةً إلى ثالث فرَّ على الأرجح ولم يتم التعرف على هويته. في يوم الهجمات الدامية؛ فجَّر 3 انتحاريين أنفسهم على مشارف استاد «دو فرانس» في شمال باريس، مما أوقع قتيلاً. بلال حدفي فرنسي مقيم في بلجيكا ويناهز العشرين من العمر. ذهب إلى سوريا واتجه إلى مناطق القتال، ونشر على حسابه على موقع «فيسبوك» صور كلاشينكوف وذخيرة. وفي صور أخرى؛ يظهر عاري الصدر يحمل بندقية على كتفه ويصوِّب على هدف. عثرت الشرطة الفرنسية على جواز سفر سوري قرب جثة باسم أحمد المحمد. لكن هذه الهوية مزورة على الأرجح لأنها مطابقة لهوية جندي من جيش بشار الأسد قُتِلَ قبل أشهر عدة. وإذا كان الانتحاري الذي استعمل الهوية سُجِّلَ مطلع أكتوبر الماضي في اليونان؛ فإن الغموض ما زال يحيط بجنسيته وهويته. ونشرت الشرطة الفرنسية مساء الثلاثاء صورته وأطلقت نداءً لمن لديه معلومات تساعد على التعرف عليه. وإضافةً إلى حدفي وصاحب الجواز السوري؛ فجر ثالثٌ لم تُحدَّد هويته نفسه عند استاد «دون فرانس». تركِّز التحقيقات في بلجيكا على حي مولنبيك حيث مر خصوصاً مهدي نموش المشتبه به الرئيس في الهجوم على المتحف اليهودي في بروكسل في مايو 2014، وأيوب الخزاني منفذ الهجوم في أغسطس الماضي على قطار تاليس بين أمسترداموباريس. يبلغان من العمر 20 و27 عاماً تباعاً. أوقفا الإثنين الماضي في مولنبيك ووُجِّهَ الاتهام إليهما بالتورط في «اعتداء إرهابي»، وتشتبه السلطات في أنهما ساعدا صلاح عبدالسلام في التسلل السبت إلى بلجيكا على متن سيارة. أوقف 8 أشخاص في سان دوني بباريس ووُضِعوا قيد التوقيف الاحترازي. وكان ثلاثة منهم سلَّموا أنفسهم عند بدء عملية تستهدف توقيفهم، لكن السلطات لم تكشف هوياتهم. وأشار مدَّعي باريس الأربعاء إلى «مقتل شخصين على الأقل» في الشقة محل المداهمة، أحدهما فجَّر نفسه عند وصول الشرطة، ويمكن أن تكون قريبة لأبا عود اسمها حسناء آيت بولحسين، وهي شابة عمرها 26 سنة تعاني من اضطرابات وانتقلت إلى التطرف مؤخراً. ويُعتقَد بمقتل شخص ثالث في المداهمة، لم تُحدَّد هويته. تمَّ التعرف على صوت فابيان كلان (37 عاماً)، وهو المتطرف الفرنسي، عبر تسجيل صوتي تلا فيه تبنِّي تنظيم «داعش» الإرهابي اعتداءات باريس. اعتنق كلان الإسلام في تسعينيات القرن الماضي وانتقل إلى التطرف في بداية الألفية الثانية، وكان مُقرَّباً من محمد مراح الذي قتل 7 أشخاص في تولوز ومونتوبان (جنوب غرب فرنسا) في ربيع 2012. أدين فابيان كلان في 2009 بتهمة تنظيم شبكة متطرفة تمهيداً لإرسالها إلى العراق. وعند الإفراج عنه؛ ذهب إلى سوريا حيث يقوم بدور المرشد وسط حوالي 850 فرنسياً وبلجيكياً موجودين على الأرجح حالياً في هذا البلد.