أعلن الجيش في ميانمار (بورما) استعداده للتعاون مع زعيمة المعارضة، أونغ سان سو تشي، بعد فوزٍ ساحقٍ لحزبها في الانتخابات التشريعية، في وقتٍ أجرى الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، اتصالاً هاتفياً بها لتهنئتها، مُذكِّراً ب «تضحياتها على مر السنوات من أجل انبثاق دولة سلمية». وشدَّد الرئيس الأمريكي وسو تشي، التي حازت سابقاً على جائزة نوبل للسلام، على وجوب احترام كل الأطراف للنتائج الرسمية بعد إعلانها و«العمل في جو وحدة». واتصل أوباما أيضاً برئيس ميانمار، ثين سين، لتهنئته على إتاحة إجراء انتخابات حرة للمرة الأولى منذ 25 عاماً. وبالتزامن؛ عبَّر الجيش الميانماري عن استعداده للتعاون مع زعيمة المعارضة إثر فوز حزبها، الرابطة الوطنية للديمقراطية، في الانتخابات، مؤكداً ضرورة ضمان انتقال هادئ للسلطة بعد أربع سنوات على حلِّ المجلس العسكري الحاكم نفسه. وهيمنت المؤسسة العسكرية على الساحة السياسية في هذا البلد على مدى نصف قرن عبر مجلس حاكم ثم حكومة شبه مدنية يديرها حلفاؤها منذ 2011. ووعد قائد الجيش الذي يتمتع بنفوذ كبير، الجنرال مين أونغ هلاينغ، ب «التعاون مع الحكومة الجديدة التي ستشكلها المعارضة». وتعهد الجنرال هلاينغ، في خطابٍ له أمس أمام كبار المسؤولين العسكريين، بأن يفعل ما بوسعه للتعاون مع الحكومة الجديدة، ودعا العسكريين إلى الطاعة والانضباط وكسب ثقة الجمهور. وكان الرئيس، ثين سين، قد قال في بيانٍ نُشِرَ مساء أمس الأول «نريد أن نهنئ أونغ سان سو تشي على فوزها برضا الشعب». وطبقاً لآخر النتائج الرسمية؛ فإن الرابطة الوطنية للديمقراطية على وشك تجاوز عتبة المقاعد ال 329 اللازمة للحصول على الأغلبية في مجلسي البرلمان. ويضم مجلس النواب 440 مقعداً مقابل 224 مقعداً في مجلس القوميات. ودعت سو تشي الأربعاء إلى محادثات مصالحة وطنية مع الرئاسة والمؤسسة العسكرية، مشدِّدةً على ضرورة الانتقال السلمي للسلطة. لكن عديداً من مناصري حزبها يشككون في الجيش وحلفائه في البرلمان المعروفين بقمعهم التحركات المطالبة بالديمقراطية، ما أدى سابقاً إلى سقوط مئات القتلى وسجن آلاف. وكانت الرابطة قد حققت فوزاً كبيراً في انتخابات 1990، لكن العسكريين تجاهلوا النتائج حينها وأحكموا قبضتهم على السلطة. وفيما واجه حزب «الاتحاد والتضامن والتنمية» المقرب من الحكومة السابقة هزيمةً انتخابية؛ لا يزال الجيش يحظى بحصةٍ برلمانية بموجب الدستور الذي صاغه. ويبقي ذلك سلطاتٍ كبرى في يد قائده في مواجهة الدعم الشعبي، الذي نالته المعارضة. ويعيِّن قائد الجيش 25% من النواب العسكريين غير المنتخبين، ما يمنحه حق تعطيل القرارات في البرلمان، كما يعين وزراء أساسيين مثل وزيري الدفاع والداخلية. والدستور الذي أُعِدَّ عام 2008 يعرقل وصول زعيمة المعارضة، التي تزوجت سابقاً من بريطاني وأنجبت منه ابنين، إلى الرئاسة كونه يمنع كل شخص متزوج من أجنبي أو له أولاد أجانب من شغل هذا المنصب. وأكدت سو تشي أن الحكومة الديمقراطية، التي سيشكِّلها حزبها لن تسعى إلى المعاقبة على التجاوزات، التي ارتكبها الجيش سابقاً. ومع اتجاهها لفوز ساحق؛ من المرجَّح أن تختار شخصاً لتولِّي الرئاسة بالوكالة عنها في خطوةٍ ستضعها في مواجهةٍ مع الجيش. وجرى التداول باسم الجنرال السابق ورئيس البرلمان، شوي مان، كمرشح تسوية للرئاسة. ودُعِيَ مان لإجراء محادثات مع المعارضة المنتصرة رغم أنه خسِرَ مقعده النيابي. وبموجب النظام السياسي المعقَّد في ميانمار؛ فإن الرئيس ثان سين سيتولى منصبه حتى مارس المقبل. ويخشى مراقبون من ظهور مشكلات سياسية خلال الفترة الانتقالية التي تمتد لأشهر.