أقفلت أقلام الاقتراع مساء أمس في انتخابات تشريعية تاريخية يُعدُّ حزب زعيمة المعارضة أونغ سان سو تشي الأوفر حظّاً للفوز بها في ميانمار، وقد بلغت نسبة المشاركة %80 من الناخبين، كما ذكرت اللجنة الانتخابية. وقال ثانت زن أونغ، مندوب اللجنة الانتخابية، إن «حوالي 80% من (أكثر من 30 مليون) ناخب شاركوا اليوم» في الانتخابات، كما تفيد التقديرات الأولية، وستعرف أولى النتائج صباح اليوم. وتعدُّ هذه الانتخابات اختباراً لعملية الانتقال الديمقراطي التي بدأت قبل أربع سنوات، بعدما أقدم المجلس العسكري الذي حكم البلاد بيد من حديد منذ 1962، على حل نفسه. وتنافس أكثر من 90 حزباً بالإجمال في هذه الانتخابات. وأبرز حزبين هما الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية بزعامة أونغ سان سو تشي، وحزب الاتحاد والتضامن والتطور الذي يتولى الحكم، والمؤلف من قدامى الجنرالات. لكن بعض الأحزاب الصغيرة ستكون أساسية على الأرجح في لعبة التحالفات التي تلي الانتخابات إذا لم تسفر النتائج عن أي أكثرية واضحة. والبرلمان الجديد الذي ستفرزه هذه الانتخابات، هو الذي سينتخب رئيساً في غضون أشهر. ونبهت الحائزة جائزة نوبل للسلام أونغ سان سوتشي التي يمنعها الدستور الموروث من المجلس العسكري من الوصول إلى سدة الرئاسة، إلى أنها ستكون «فوق الرئيس» في حال فوز حزبها الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية. ولن تُعلَن أي نتيجة نهائية قبل بضعة أيام، في هذا البلد الفقير، المعروف بإدارته المتعثرة، الذي يفتقر إلى تقليد انتخابي. وقالت أونغ سان سو تشي التي يلقبها عدد كبير من البورميين «الأم سو» في رسالة تُلِيت أمام الجماهير التي احتشدت لدى حلول الليل أمام مقر حزبها، «انتظروا النتائج في منازلكم. وعندما ستصدر النتائج، أريد منكم أن تتقبلوها بهدوء». وقالت الناشطة تن تن وو (44 عاماً) «أحب الأم سو حبّاً غير مشروط.. سأبقى هنا حتى صدور النتائج». وهي من بين آلاف البورميين الذين احتشدوا للاحتفال بالنصر. وذكرت الناخبة اهنمار وين البالغة 38 عاماً والمقيمة في رانغون «لم يغمض لي جفن طوال الليل. أنا أصوِّت للمرة الأولى والحماس يغمرني»، مشيرة إلى أنها أتت منذ الفجر للتصويت لصالح زعيمة المعارضة التي تعدُّ رمزاً يلقى الاحترام في بلادها. وصوتت زعيمة المعارضة أونغ سان سو تشي في مدرسة في وسط رانغون صباحاً، وسط مئات من الصحافيين وذلك قبل أن يهتف لها أنصارها الذين بدوا واثقين من الفوز في هذه الانتخابات الوطنية الديمقراطية، على ما وعدت السلطات، الأولى في البلاد منذ 25 عاماً. ولم تدلِ زعيمة المعارضة التي ارتدت الأحمر لون حزبها «الرابطة الوطنية للديمقراطية» بأي تصريح قبل أن تتجه في رحلة لعدة ساعات إلى دائرة كاوهمو إلى هذه المنطقة التي انتخبت فيها لعضوية البرلمان في الانتخابات الجزئية لعام 2012. وبعيداً عن الضجة الإعلامية التي أحاطت سو تشي، صوت الرئيس ثين سين ظهراً في نايبيدياو العاصمة الإدارية قبل أن يبرز إصبعه المكسو بالحبر على غرار آلاف الناخبين الآخرين. ويعدُّ حزبه «الاتحاد والتضامن والتنمية» المؤلف من جنرالات سابقين العقبة الرئيسة أمام حزب سو تشي. وتضاعف التوتر في البلاد نتيجة الحماس والقلق وسط ترجيح فوز حزب «الرابطة الوطنية للديمقراطية» واحتمال وصوله أخيراً إلى السلطة بعد قمعه طوال عقود. وكرر قائد الجيش مين هونغ هلينغ الذي صوت كذلك في العاصمة الإدارية التأكيد على سيادة الشعب. وقال «لا سبب على الإطلاق يستدعي رفضنا» نتيجة الاستحقاق. وفي آخر انتخابات عُدَّت حرة في 1990 تفاجأت السلطة العسكرية بفوز الرابطة الوطنية للديمقراطية. لكن النتائج لم يعترف بها ولم تتمكن حينها زعيمة المعارضة الخاضعة حينذاك للإقامة الجبرية من التصويت. وفي عام 2010 قاطعت الرابطة الانتخابات. ويُعدُّ اقتراع أمس اختباراً لنجاح الانتقال الديمقراطي الذي بدأ قبل أربعة أعوام مع حل السلطة العسكرية نفسها بعد أن حكمت البلاد بيد من حديد منذ 1962. تجدر الإشارة إلى أن الأغلبية بين 30 مليون ناخب بورمي تمت دعوتهم إلى المشاركة في الاستحقاق التاريخي أمس، لم تصوِّت أبداً طوال حياتها.