بعد نجاحها في تقديم عديد من البرامج المباشرة على الفضائيات العربية انتقلت الإعلامية المصرية كريمة عوض للإشراف على برنامج حواري حديث من نوعه على التليفزيون الكويتي بعنوان «ليالي الكويت»، وهو مزيج من الحوارات والأخبار الخفيفة التي تهم المشاهد الكويتي والخليجي في ساعات الاسترخاء اليومي، ما بين العاشرة والحادية عشرة مساء. كريمة محمد عوض إعلامية بدأت حياتها الإعلامية عام 2001 كمذيعة في القناة الخامسة بالإسكندرية، وانتقلت بعد جولة بين المحطات الفضائية إلى أول قناة تركية تبث باللغة العربية لتقدم برنامج «صباح الخير من إسطنبول». وبين هذه المحطات التاريخية في حياة الإعلامية عوض كان هناك عديد من الوقفات المثيرة للجدل من بينها ما تناولته وسائل الإعلام في شهر إبريل الماضي حول استقالتها من قناة الجزيرة عن برنامج «مناظرة». قالت «تناقلت وسائل الإعلام الموضوع بشكل غير صحيح، ونشرت معلومات غير حقيقية عدا ما جاء على لسان الإعلامي المصري خيري رمضان في برنامجه (ممكن) على CBC المصرية، والإعلامية حنان كمال في قناة سكوب الكويتية، وذلك لأنهما تحريا الدقة في الوصول للمعلومة، وهذا ما ينقص إعلامنا العربي بشكل عام.. النشر دون تحري صحة المعلومة». وتضيف كريمة «ببساطة الموضوع عكس ما هو ظاهر تماماً، فأنا لم أعمل في قناة الجزيرة قط حتى أستقيل منها. أنا عملت مع مؤسسة مبادرة مناظرة العالمية، وهي مؤسسة عالمية تمزج بين آراء الشباب والمسؤولين أصحاب المواقف المتضادة حول قضية عربية معينة وتنقل مناظرة مباشرة بينهم على الهواء وبحضور جمهور في كل مرة من دولة عربية مختلفة.. وقد كنت الواجهة الإعلامية لهم.. وفي المناظرة الأخيرة التي حدثت فيها المشكلة تناول الحديث من الطرف الأول (المغربي) الوضع المصري بنوع من التجريح فتمت المزايدة على موقفي ووطنيتي من الطرف الثاني (المصري) والتلميح أكثر من مرة بذلك لأنني أعيش في تركيا وأعمل مع الجزيرة.. فلم يكن لي إلا أن قلت الجملة المشهورة، التي تناقلتها وسائل الإعلام (تحيا مصر.. ومصر فوق الجميع)، وأكملت الحلقة للنهاية، وبعدها مباشرة أصدرت بياناً صحفياً بأنه (عندما تتعارض مهنيتي مع وطنيتي فلم يكن هناك خيار)، وانفصلت بعدها عن «المناظرة» تماماً».. باختصار تقول كريمة «لم أستقل على الهواء، لم أعمل بشكل رسمي مع قناة الجزيرة.. الدافع الوحيد وراء انفصالي عن المبادرة أنني لم أقبل الأسلوب الرخيص في استغلال اسم البلد، الذي أعيش فيه أو القناة التي أظهر عليها في المزايدة على وطنيتي. - الأمر كله كان ضرباً من الجنون، فنحن (هذا العدد القليل جداً) من الإعلاميين في البلدان العربية المختلفة، الذي عمل في القناة التركية الناطقة باللغة العربية، كنا قافلة طرق الأبواب إن جاز لنا أن نطلق عليها هكذا، فنحن أول مَنْ دخل على الأتراك في بيوتهم الإعلامية المغلقة بفعل حاجز اللغة والمدرسة الإعلامية الخليط المختلفة جداً عن أي تجربة أخرى في العالم، والأمر يتجسد في أعظم صورة داخل مبنى التليفزيون التركي الرسمي، وهو بالتحديد ما شكل اختلاف التجربة، بعد أن اتفقنا على تصور شكل القناة ومحتواها، حيث بدأ العمل فوراً على البرنامج الصباحي (صباح الخير من أسطنبول) وهو كعادة البرامج الصباحية هناك، حيث يكون البرنامج الرئيس للقناة، وباختصار لم تكن تجربة سهلة على الإطلاق أخذت مني وأعطتني كثيراً جداً، وهي تجربة مختلفة في حياتي المهنية والشخصية بكل تأكيد - الحقيقة.. قدمت كثيراً، أولاً على المستوى الشخصي، حيث اكتسبت اللغة.. وهذا ما أعطاني كثيراً من الخصوصية كمذيعة عربية تتقن اللغة التركية. كما أستطعت خلال وجودي التعرف على هذا العالم الكبير، والفرق بين ما نسمع ونرى وبين الحقيقة بدأ من الحياة السياسية وصولاً لحياة الشارع البسيط في تركيا. وعلى المستوى المهني، تقول كريمة «اكتشفت هذا الخط الإعلامي الأكثر بساطة والأعمق في التأثير على المشاهد، وهو خط البرامج المنوعة وطرق توظيفها. كما تعرفت على صناعة الإعلام المحايد حيث كانت فترة وجودي هي مرحلة تقارب بين الشعبين (العربي والتركي)، وما ساعدني على التألق أكثر هو عدم وجود أجندة خاصة أو خفية لدى القناة، بل كانت تعمل على الإعلام الحقيقي والمحايد وهذا نادراً اليوم في إعلامنا العربي. كما تعلمت أيضاً احترام التخصص وكيفية الوصول إلى النجاح في الفصل بين التعامل الشخصي والمهني مع فريق العمل في البرنامج، وكذلك كيفية إدارة فريق كامل متنوع الثقافات والخبرات. - استطاع (صباح الخير من اسطنبول) أن يحدث ضجة في العالمين العربي والتركي منذ بداية انطلاقه، فقد تابعت الصحف التركية تفاصيل البرنامج يوماً بيوم؛ لأنه كان مثل الصدمة لهم وخليطاً بين العربي والتركي في الشكل والمضمون، وتسابق الفنانون والسياسيون والمسؤولون والكتَّاب وغيرهم في كل القطاعات للمشاركة في البرنامج ما أسعدنا جداً. وطبعاً أسعد قطاع الأتراك، الذين يتحدثون العربية ويعيشون في المدن الحدودية مع الوطن العربي لأنهم وجدوا مَنْ يمثلهم. - استقبل الوطن العربي البث الأول للقناة التركية بشغف شديد، حيث كان الافتتان العربي بالتجربة التركية على أشده، وطبعاً الفنانون وتوافقهم مع توجهات القيادات السياسية حينها، ما رفع نسبة المشاهدة لأرقام خيالية.. وبعد الحلقة الأولى فقط وصل البرنامج أكثر من ألفي بريد إلكتروني وهذا ليس بالشيء السهل حينها. وظل نجاح البرنامج أكثر من ثلاث سنوات متصلة وهو أطول استمرارية بث لبرنامج يومي في تاريخ التليفزيون التركي الرسمي بقنواته المختلفة. - أنا أعشق الاستكشاف، وليس هناك أجمل من أن تستكشف وتكشف للآخرين في الوقت نفسه، سواء حقيقة موضوع أو شخص، والحوار هو سبيلي دائماً لهذا العالم، وقد مارست البرامج الحوارية بكل أشكالها كمحاورة في برامج متخصصة سواء الفنية أو الرياضية أو السياسية أو حتى الأطفال، على عدد من الشاشات المختلفة سواء تليفزيونات رسمية مثل التليفزيون المصري والتليفزيون التركي أو خاصة مثل المحور وABC والجزيرة وغيرها. - لم أجد نفسي بشكل تام بعد.. أنا دائماً في حالة استكشاف لنفسي ولقدراتي، سواء في التليفزيون أو الكتابة الصحافية أو الكتابة الأدبية، كما أؤمن جداً أنني مازالت في رحابها أحبو (أكتب دائماً ما يمليه عليَّ قلبي وعقلي.. وأقف أمام الكاميرا وخلفها بعين المشاهد.. أسعى لصنع عالم كامل من المعرفة والبهجة عن طريق الإعلام). - أنت تتحدث عن تجربة برنامج (ليالي الكويت) على تليفزيون دولة الكويت.. سأقول لك سراً، الحقيقة هذه التجربة ليست من أجل لذة الاستكشاف فقط هذه المرة، ولكن عندي هدف أكبر بكثير. أريد أن أحيي هذه الصورة والأفكار التي آمنت بها ووضعتها على الورق وأ،جعلها حية تمشي وتتحرك، أنا دوري بالكامل في الكواليس بدأ باختصار حين وضعت فكرة برنامج (ليالي الكويت) كبرنامج رئيس للتليفزيون الرسمي هناك، وهو برنامج مسائي بالطبع كعادة التليفزيونات العربية، وبعدها بدأت مراحل الإشراف على التنفيذ بدءاً من اختيار فريق عمل كامل، وحتى تنفيذ الشكل الجديد، وقد وضعت فيه خلاصة تجربتي.. وأتمنى أن يكون خطوة لتغيير شكل تعاملنا في الوطن العربي مع المنتج الإعلامي، وهدفي باختصار أن يقدم خطاباً مختلفاً من خلال تليفزيون الدولة الرسمي لأول مرة لكل مَنْ يعيش على أرضها مع اختلاف جنسياتهم وثقافاتهم وبالطبع.. أنت تعرف أن هذا ليس حال الكويت فقط، وإنما منطقة الخليج العربي ككل، وبصراحة أتمنى أن تعمل عليه تليفزيونات المنطقة العربية ككل، لأن تشكيلتها السكانية أشبه بالتشكيلة العالمية، ولكن بشكل مصغر وهي ما تستدعي إدراك هذه الدول لأهمية مخاطبة التركيبة الديموغرافية وخطورتها أيضاً، وأرى أنه من الواجب إيجاد خط مفتوح بينهم وبين المواطنين الأصليين في الوقت نفسه، وليس أقدر من التليفزيون على صنع ذلك. - الحقيقة.. لديك الحق.. فقد انتقلت من الضد للضد تماماً، كل بداية لها صعوبتها، وهناك مَنْ سيقاومها أيضاً كعادة مَنْ يخشون التغيير دائماً.. ولكني أؤمن بقدرات أبناء هذا البلد (الكويت) من الإعلاميين على مواصلة النجاح، الذي دق على أبوابهم حتى قبل بداية البرنامج، فرغم أنه البرنامج الرئيس للتليفزيون إلا أن 90% من العاملين فيه أمام الكاميرا أو خلفها، الذين أعتمد عليهم من الشباب، وأنا أرى هذا الجيل الموهوب يستحق الفرصة ولديه كثير ليقدمه.. كما أنه ينتظر فقط مَنْ يؤمن به ويشجعه ويعلمه ويضعه على بداية الطريق، وسيكفيني دوماً أن يكون هذا البرنامج خطوة لهم على طريق نجاحهم في شبابهم، ورسالتي للجميع في الوطن العربي كفانا تهجيراً للمتميزين من شبابنا، امنحوهم الفرصة فقط وستتغير الخريطة الإعلامية على الساحة العربية، وهذا حديث ينطبق أيضاً على الساحتين العلمية والسياسية. - تلتقيان على حافة المعرفة.. كلاهما يسعى إليها.. وأريد أن أقول إن كريمة دائماً ترى الدنيا بقلبها وعقلها معاً، وكل ما أقوله أو أكتبه هو ترجمة صادقة لأفكاري وشخصيتي بلا أدنى اختلاف. - كم هي متعبة أسئلتك.. أنا أتعلم الدنيا، والحياة تراها بشكل أوضح كلما التقيت شعوباً وثقافات أكثر، ولا أعني هنا عالم السياحة ولكن أن تعيش على أرض وتأخذ كل ما فيها بداخلك لتعيد إفراز مخزونك السابق بشكل أكثر تنوعاً واستيعاباً للآخر وشمولية، هو ليس هروباً. هو ببساطة عملية بحث دائم عني وعن بقاياي، التي ألتقيها على أرض هذه البلدان. - كريمة أمام الكاميرا هي كريمة خلفها الإنسانة العادية بكل تفاصيلها، أما كريمة الشاعرة فهي كريمة التي تتحرك بداخلي توقظني ولا أوقظها، تكتبني ولا أكتبها، أتصالح معها وأحبها. أنا جميع هؤلاء اللائي ذكرت وأكثر.. لكن الوقت لم يأت بعد لإخراجهن للنور بعد.