«إن الله إذا أحب أهل بيت أدخل عليهم الرفق»، تذكرت هذا الحديث وأنا أشاهد مقاطع في «يوتيوب» في مواقع التواصل الاجتماعي لمعلم يضرب طفلًا على وجهه ضرباً عنيفاً لا يتحمله رجل مثله وأب يرفع السوط على ولده يضربه لأنه لم يذاكر دروسه وأب يضرب فتاة على رأسها ويحبسها في غرفة مظلمة ويجدها ميتة وأسأل نفسي أين الرفق؟؟ والرسول صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الرفق حتى على الحيوان فكيف بأهل بيته ومن يؤتمن على وصايته، كان رسول الله صلى اله عليه وسلم يُلاطف الأطفال ويُداعبهم وإذا مر بهم توقف ليسلم عليهم، فكان كثيراً ما يُلاطف أبو عُمير وهو ابن أحد الصحابة رضي الله عنهم اجمعين، فكان يقول له يا أباعُمير مافعل النُغير (و النُغير تصغير لاسم طائر يسمى نَغير )، وقد مر رسولنا الكريم -بأبي وأمي- عليه صلاة ربي وتسليمه ذات مرة فوجد أباعُمير حزيناً فسأله رسولنا العظيم عن حاله، فقال: مات النُغير يارسول الله فجلس بجانبه يُواسيه، فمر بعض الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين فقالوا ماأجلسك هُنا يارسول الله فقال: مات النُغير فهلا جلسنا لنواسي أبا عُمير . فلننظر إلى الرحمة المهداة عليه صلاة ربي وتسليمه كيف تلطف؟! ولين جانبه مع هذا الطفل الصغير حتى أنه تجرأ أن يشتكي لرسول الله موت طيره، فلولا أنه اعتاد من رسولنا العظيم حسن الاستماع إليه وقربه منه لما اشتكى له، فياليتنا نقتدي بهذا الهدي العظيم لكنا سادة في العالم بأجمعه، فالنفوس تُحب من أحسن إليها، عن جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ من أَحَبِّكُمْ إلي وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يوم الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إلي وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يوم الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ وَالْمُتَفَيْهِقُونَ قالوا يا رَسُولَ اللَّهِ قد عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ فما الْمُتَفَيْهِقُونَ قال الْمُتَكَبِّرُونَ» سنن الترمذي. الرفق سمة عظيمة جداً، ولها أثر إيجابي في المحيطين بالإنسان وفيه هو بالدرجة الأولى، وإذا كان الأقربون أولى بالمعروف، فعلى الإنسان أن يترفق بأهل بيته، وإن كان معلماً في مدرسته خصوصاً الأطفال الذين قد يتأثرون بكلمة جارحة أو نظرة قاسية، فما بالك بالصفع وأكثر من ذلك أحياناً إلى حد القتل . لا يدرك الأهل والمعلمون أن مثل هذه المعاملة تترك جروحاً وندوباً في نفسية وشخصية أطفالهم لا يمكن علاجها، بل وتلازمهم طيلة حياتهم، وتخلف لديهم رواسب نفسية، فكم من طالب تحطم مستقبله بسبب معلم سخر منه أمام زملائه. لقد حثنا الإسلام وكل الأديان السماوية على الرفق، وقد قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه». الجميل في الموضوع أنه على الرغم من أن الشخصية لا تتغير، لكن السلوك يمكن أن يتغير فيكتسب الإنسان سلوكيات إيجابية تسعده وتسعد كل من حوله إذا أراد هو ذلك عن قناعة. وليبدأ الإنسان بنفسه وبدائرة المحيطين به وأولهم الأطفال، ليس فقط بأبنائه بل بأي طفل، فلنحاول أن ندخل البهجة ولو بابتسامة لا تكلفنا شيئاً. وإذا اختلفنا مع من نحبهم فلنترفق في الخلاف، ولنترك دائماً خط رجعة. أحياناً يظهر العنف في كلامنا وأفعالنا حتى البسيطة التي لا نلاحظها وهي تكون جارحة وتسبب لهم من العقد النفسية.. وخير لنا أن لا ننفعل ونتصرف بأمر في وقت الغضب وتكون مالا يحمد عقباه ..! والراحمون في الأرض يرحمهم الله.